العدد 4250 - السبت 26 أبريل 2014م الموافق 26 جمادى الآخرة 1435هـ

العودة إلى سياسة التهجير

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

المراقب للوضع البحريني، يرى سياسة النفي والتهجير، تتويجاً لسلسلة الإجراءات القمعية الأمنية التي تصاعدت وتيرتها في الأشهر الأخيرة.

النفي والتهجير سياسة قديمة في البحرين والمنطقة العربية، وعادةً ما تستخدم كعقاب، في أعقاب أي حركات شعبية تطالب بمزيد من الحريات والحقوق. ففي منتصف الخمسينات، تم نفي عددٍ من قيادات هيئة الاتحاد الوطني المناهضة للاستعمار، عبدالرحمن الباكر وعلى العليوات وعبدالعزيز الشملان، إلى جزيرة سانت هيلانة، وسجن قيادات أخرى، بينما لجأ آخرون إلى الخارج.

في الستينات والسبعينات، ومع ظهور تيارات أخرى من المعارضة، كان هناك نازحون آخرون. وفي التسعينات، شهدنا موجةً أخرى من المنفيين السياسيين، في مقدمتهم أمين عام «الوفاق» الشيخ علي سلمان ورفاقه.

السيناريو نفسه تكرّر في أعقاب حراك فبراير/ شباط 2011، وبشكل أكبر ومستويات غير مسبوقة كماً ونوعاً. فإذا كان المهاجرون أو المهجّرون سابقاً، من الناشطين السياسيين، فإن دائرة ضحايا المرحلة الجديدة اتسعت جداً لتشمل معلمين وأطباء وناشطين حقوقيين وإعلاميين وصحافيين وأصحاب مهن متنوعة، بمن فيهم نوابٌ سابقون، وجدوا أنفسهم فجأةً متهمين بقضايا هي من صلب عملهم السابق، في الدفاع عن مصالح ناخبيهم. كما أن هناك أعداداً كبيرة من طلبة المدارس والمعاهد والجامعات، الذين طالتهم الملاحقات الأمنية جراء الحراك السياسي الذي نادى بالديمقراطية الحقيقية وإصلاح أوضاع البلاد.

في سياق الإجراءات المشدّدة لقمع الرأي الآخر، سحبت العام الماضي جنسية ثلاثين مواطناً بحرينياً، في خطوةٍ أثارت انتقادات دولية واسعة، سواءً من منظمات حقوق الإنسان العالمية أو عواصم الدول الكبرى التي تعتبر حليفةً للنظام. فالعالم اليوم بات رافضاً لمثل هذه الخطوات التي تحوّل المواطن إلى فاقدٍ للجنسية، بقرار سياسي. هذه السياسات باتت غير مقبولة وغير مفهومة على الإطلاق، ولا تحدث عادةً، حتى في البلدان التي شهدت ثورات أو انقلابات أو حروباً أهلية. لذلك لم تحصل السلطة على أي تأييدٍ أو تفهُّمٍ، من أية دولة في العالم، لإجراءات سحب جنسيات مواطنيها.

الخطوة الأخيرة بإبعاد الشيخ حسين النجاتي، تأتي في سياق هذه الإجراءات الهادفة لقمع المعارضة، وإسكات «أي صوت آخر». فالمطلوب ألا يكون في البحرين غير صوت واحد فقط، هو صوت السلطة، التي لا تريد أن تسمع غير صوتها. وعلى الجميع أن يسمعوا ويطيعوا ويخضعوا حتى لو كانت الإجراءات مخالفة للقانون المحلي والدولي.

الإبعاد كان من وسائل القمع التقليدية القديمة، في البحرين أو عموم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد طالت هذه الوسيلة شخصيات شتى، من ملك المغرب الأسبق محمد الخامس، وسعد زغلول ورفاقه في مصر، والإمام الشيخ محمد عبده، إلى قادة ثورة العشرين في العراق، وغيرهم كثيرون. طابور طويل من المهجّرين والمنفيين. ومن المؤسف جداً أن يكون لبلدنا الصغير، هذا الكمّ الكبير من المهاجرين والمهجّرين، لدوافع سياسية بحتة.

التبريرات التي ساقتها وزارة الداخلية لا تقنع أحداً، ولا يحتاج المرء للرد عليها وتفنيدها بسبب ضعفها الشديد. إلا أن تبعاتها سيئة جداً على الوضع السياسي في البحرين، فهي ستزيد من الانتقادات الموجهة للنظام بشأن سياسته المحلية، وتعزّز الاتهامات المتكررة من أكثر من جهة محلية ودولية، بشأن التمييز الطائفي ضد هذا المكوّن الرئيسي من السكان. وفي الوقت الذي هدف النظام بإبعاد النجاتي إلى إسكات صوت واحد، فإنه فتح على نفسه أصواتاً كثيرة، ومهّد الطريق أمام حملة عالمية يكون عنوانها أنه يتبنى سياسة تطهير مكشوفة ضد طائفة معينة من البحرينيين.

هدم عشرات المساجد لطائفة معينة، فصل الآلاف من أعمالهم وتجويع عوائلهم، وسجن آلاف آخرين بمن فيهم شخصيات دينية، وإغلاق مجلسهم الإسلامي... وتأتي حادثة إبعاد النجاتي لتضع اللمسة الأخيرة للوحة الاضطهاد الديني في لحظة تاريخية خاطئة جداً... «الربيع العربي»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4250 - السبت 26 أبريل 2014م الموافق 26 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 5:20 ص

      يعيشون خارج التاريخ

      هدم عشرات المساجد لطائفة معينة، فصل الآلاف من أعمالهم وتجويع عوائلهم، وسجن آلاف آخرين بمن فيهم شخصيات دينية، وإغلاق مجلسهم الإسلامي... وتأتي حادثة إبعاد النجاتي لتضع اللمسة الأخيرة للوحة الاضطهاد الديني في لحظة تاريخية خاطئة جداً... «الربيع العربي»! الزمن تغير يا جماعة. وين عايشين

    • زائر 16 | 3:47 ص

      سؤال :-

      إبعاد الشيخ حسين النجاتي، تأتي في سياق هذه الإجراءات الهادفة لقمع المعارضة، وإسكات «أي صوت آخر»
      من وين جبت هلكلام ,,,,,,سيد
      كلنا يعرف الشيخ ,,,,,و يعرف نشاطه الديني,,,,,و لم نسمع انه طرف معارض يهدد الامن,,,,,قط؟؟

    • زائر 13 | 3:31 ص

      طنبورها

      لماذا الاصرار انه بسبب المذب ؟
      هل في تفسير غير هذا التفسير ؟هل هناك اي مسجد هدم من الطائفة الثانية؟ هل في شخص فصل من الطائفة الثانية وجوئع مع عائلتة؟ هل في نساء اعتقلت من الطائفة الثانية وهل هتك اعراض من الطائفة الثانية؟بس يا اخي لا تقلب المواجع وتفهم الكلام على هواك

    • زائر 17 زائر 13 | 4:16 ص

      الجواب واضح

      ليش ينهدم المسجد لو كان بنائه غير مخالف(مع ان جميع المساجد التي كانت مخالفة بنين واحسن من الاول)ثانيا تقول انه لايوجد شخص مفصول من الطائفه الثانية -اذا الشخص محافظ على عمله لايدخل روحه بالمشاكل ولا يضرب عن العمل ولايشارك بالسياسه وخاصة اذا كان عسكري ليش تريد ينفصل تتكلم على اعتقال النساء فهن ليست مرفوع القلم عليهن من يخطء يتحاسب

    • زائر 10 | 2:17 ص

      وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف

      التهجير معناه سياسة العاجز ولغة الهابط والضعف عن الأخذ بالعدل وإعطاء الحريات

    • زائر 8 | 1:03 ص

      نقطعة ضهف وعقدة لدى البعض يستخدم التهجير للتغطية عليها

      هناك نقطة ضعف وعقدة لدى البعض يلجأ الى التهجير للتغطية عليها ليقول ان سكان البحرين بهم من له اصول ايرانية وتناسى هؤلاء ان هناك الكثير من اعوان السلطة ومن اصحاب المناصب العليا في البلد هو نفس حال من قاموا بتهجيره

    • زائر 7 | 12:58 ص

      صورة اخرى

      للزائر 3 انها الصورة الابشع لحد الان

    • زائر 6 | 12:49 ص

      انه جنون القوة

      رب ضارة نافعة لست محبط من بيده القرار متخبط في تصرفاته مايوجد لدينا من ديمقراطية متقدمة كما يعلنها الإعلام الرسمي وشركات العلاقات العامة الدولية المدفوعة الأجر من النظام كشفت وفضحت لن يستمر هذا الوضع وهناك أناس قد حملوا ارواحهم على أكفهم ليغيروا واقعا طال زمنا ولايجب أن يستمر وياسيدنا من يحارب عقيدة إي شخص وحتى وإن كان كافرا فهو خاسر فمابالك باتباع أهل البيت هيهات منا الذله

    • زائر 3 | 11:24 م

      لقد إتضحت معالم المشروع

      هدم عشرات المساجد لطائفة معينة، فصل الآلاف من أعمالهم وتجويع عوائلهم، وسجن آلاف آخرين بمن فيهم شخصيات دينية، وإغلاق مجلسهم الإسلامي... وتأتي حادثة إبعاد النجاتي لتضع اللمسة الأخيرة للوحة الاضطهاد الديني في لحظة تاريخية خاطئة جداً...

    • زائر 2 | 11:12 م

      لماذا الإصرار انه بسبب المذهب؟!

      لماذا الإصرار على كل ما سقته من إجراءات على انه بسبب المذهب لا بسبب المعارضة السياسية ، يعني لو كانت المعارضة من طائفة اخرى غير الطائفة الشيعية فمعنى ذلك لن تتعرض لأي إجراء من تلك الإجراءات !! ام انك تعتقد ان التعاطف الدولي لن يكون الى جانب المعارضة السياسية يتعاطف اكثر مع الاضطهاد المذهبي ؟! وبالتالي السعي التدويل هو الحل الأمثل والطريق الصحيح ،التدخل الدولي اليوم ليس محكوما بالقيم ، القيم ذريعة للتدخل ادا كانت توازن المصالح يقتضي ذلك لمن يقود النظام العالمي الجديد اليوم ،ولن يقنعه هذا التلبيس!

    • زائر 9 زائر 2 | 2:09 ص

      للقاريء الاول

      سواء قال قاسم ام لا مع انه لم رطح ما فهمته انت.... فان الارقام تثبت بانه استهداف طائفي.تامل في الارقام الاخيرة عن المساجد واامفصولين والشهجاء والسجناء كلهم من هذه الطائفة فلماذا التفلسف؟

    • زائر 11 زائر 2 | 2:22 ص

      الى زائر 2

      اذا كان بسيوني بعظمته اكد بان هدم امساجد كان لدوافع انتقامية طائفية.... شو المشكلة.يعني لازم نحرف الوقائع ونكذب على الناس.هذي هي الحقيقة ليش ما تقبلها؟

    • زائر 12 زائر 2 | 3:11 ص

      لا تحاول الالتفاف على الارقام و الحقائق

      اضافة للرقام التي تتحدث عن الشهداء و المفصولين و السجناء و الجرحى .. فإن الشبخ النجاتي لم يشهد له بنشاط سياسي في البلد فلماذا استهدافه إن لم يكن المذهب هو السبب .. و ارجو عدم التذاكي و القول بان اصله ايراني .. فوجود عائلته في البحرين يزيد على الخمسين سنة .. و كلنا يعرف بان الجواز الاحمر يعطى لاي دخيل بين يوم و ليلة

    • زائر 14 زائر 2 | 3:42 ص

      لماذا التحريف والتلبيس رقم 2؟

      كلام السيد واضح ولا يحتمل اللبس والتحريف. فهو من البداية في المقال يذكر ان سياسة القمع والتهجير والنفي ضد المعارضين. واستشهد بعدة مراحل تاريخية من هيئة الاتحاد الوطني وذكر اسماء الباكر والشملان والعليوات. فلماذا تقوله ما لم يقله؟؟؟؟؟ الرجل يريد أن يقول لك أن هذه السياسة مستمرة ضد ابناء البحرين من ايام الاستعمار للحين. الحقيقة واضحة للجميع.

اقرأ ايضاً