العدد 4259 - الإثنين 05 مايو 2014م الموافق 06 رجب 1435هـ

الطائفية المذهبية... ونتائجها الوخيمة على حاضر ومستقبل البلاد!

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

من أخطر الوسائل التي تستخدم لإضعاف البلاد وتشتيت العباد هي الطائفية المذهبية البغيضة التي تنخر بمعاولها في علاقات المجتمع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، فلهذا ينظر إلى كل من استخدم أداة المذهبية في الأزمة السياسية التي دخلت عامها الرابع كان يقصد نشر ثقافة الكراهية والبغض في أوساط المجتمع، وحرمان فئة كبيرة منه من أبسط حقوقها السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية.

ويقال إن التمييز المذهبي وانتهاكات الحقوق الإنسانية متلازمان لا ينفكان عن بعضهما البعض، وإن النتائج السلبية المتمخِّضة عنهما تؤدي إلى تدمير مرتكزات البلاد الإنسانية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية وإيجاد الفتن المصطنعة بين الناس، وإن الكذب والافتراء والتدليس وشهادات الزور، جميعها أدوات تستخدم لترسيخها في أذهان البسطاء من الناس، لإزاحة الآخرين ممن يختلفون مذهبياً مع إيدلوجياتها الطائفية عن مواقعهم الحقيقية وإحلال من هم أقل منهم تأهيلاً وخبرة مكانهم.

وقد وظف الإعلام بوسائله المرئية والمسموعة والمقروءة لتزوير الحقيقة وأظهر للرأي العام المحلي والخارجي أن أصحاب الأيدلوجيات الطائفية يعملون لصالح الوطن والمواطن، وأن الذين يخالفونهم في الانتماء المذهبي هم لا يريدون للوطن ولكل مكوناته إلا الشر، الكل يعلم في بلادنا الحبيبة أن في السنوات الثلاث الماضية خاصة برزت ممارسات طائفية ومذهبية بغيضة لم تكن معهودة في الأوساط الاجتماعية لا في حجمها ولا في تنوعها قبل شهر فبراير/ شباط 2011.

في مختلف الدوائر الرسمية وشبه الرسمية والشركات الكبرى والبنوك المعتمدة، كانت ونقصد الممارسات المذهبية جلية في التعيينات والتوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت بصورة كبيرة لم يكن أحد يتوقعها من قبل بأن تصل في توسعها وتنوعها إلى حد فاق كل التصورات الإنسانية، وقد دهش العقلاء كثيراً عندما أسقط مجلس النواب قانون (تجريم التمييز) والوقوف علناً وبكل وضوح مع التمييز المذهبي بكل مسمياته الظالمة، الذي بموجبه شطب مبدأ المواطنة الحقيقية وتكافؤ الفرص والمؤهل والكفاءة والخبرة والإخلاص والتفاني والولاء للوطن من المعايير الوطنية، وجعل محلها معيار الانتماء المذهبي هو الأساس في كل ما يتعلق بحياة المواطن.

وبرفض المجلس النيابي لقانون تجريم التمييز قد فتح الأبواب مشرّعة للفساد الإداري والمالي بأن يتمدّد ويستشري في جميع المجالات بصورة رهيبة، وسمح للمفسدين أن يعيثوا في البلاد فساداً، وأعطى للذين يعانون من إسقاطات نفسية أن يأتوا بأهاليهم وأقربائهم القريبين لأفكارهم وثقافتهم الطائفية الإقصائية في مختلف مفاصل الدولة، ورأينا في وزارات وهيئات ودوائر رسمية وشبه رسمية يتعامل مع بعض المواطنين بأريحية مفرطة وفي الوقت نفسه يتعامل بسبب الانتماءات المذهبية مع مواطنين آخرين بشدة مفرطة وبوجوه مكفهرة، من الواضح أن منفِّذ وممارس المنهجية الطائفية المذهبية لم يفكر لحظة واحدة في مصلحة البلاد، فكان همّه تحقيق مصالحه الفئوية والشخصية على حساب مصالح الوطن العليا.

لقد أبعد بسبب الانتماء المذهبي الكثير من الكفاءات الوطنية المتميزة عن مواقعها، ومنعت عنها أكثر الاستحقاقات المادية والمهنية، المصيبة الكبرى إذا ما تباهى من يمارس الطائفية المذهبية ضد إخوانه في الوطن والدين واللغة في جلساته الخاصة بأفعاله غير الإنسانية التي تضر بالوطن من دون أن يشعر بالحرج من نفسه، ناسياً أو متناسياً أن الذين يؤذيهم إنسانياً ومعنوياً ومهنياً ومالياً ويحاربهم في أرزاقهم هم شركاء معه في الوطن وفي السراء والضراء، وهم الذين لهم الدور البارز في تنمية وتطوير البلاد في مختلف المجالات العلمية والصحية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والفنية والرياضية والعمرانية والتجارية، وأنهم قد عاشوا معه سنوات طويلة على هذه الأرض الطيبة في أفراحه وأتراحه، وهم الذين أسكنوا وطنهم البحرين بكل مكوناته الطائفية والعرقية في داخلهم، ورفضوا بالقول والفعل أن يسكنوه في خارجهم.

مع الأسف الشديد أن بعض المؤثرات النفسية السلبية التي ينفثها ضعاف النفوس في مختلف الوسائل الإعلامية الرسمية وشبه الرسمية، وعلى بعض منابر الخطابة،التي نذرت نفسها لبث الأحقاد المذهبية بين الناس، أرادت خلخلة القيم والمبادئ الإنسانية والوطنية والاجتماعية التي يتمتع بها إنسان هذا البلد الطيب منذ قرون طويلة، وقد جعلوا من الأزمة السياسية والاختلافات في وجهات النظر بين مختلف الأطراف فرصة سانحة لهم لإرضاء نوازعهم النفسية البغيضة التي تشعر بالنقص وعدم القدرة على تحقيق طموحاتها وأمنياتها الشخصية بالطرق الشرعية والقانونية، لتقاطعها بنسبة كبيرة مع طموحات الوطن وتطلعاته المستقبلية.

السؤال الذي يتردد دائماً على ألسن الناس: أليست ثلاث سنوات كافية جداً للدولة لاكتشاف مساوئ تلك الممارسات الطائفية على التعليم والاقتصاد والأمن؟ ألم تظهر آثارها وانعكاساتها الخطيرة على البلاد والعباد؟ ولا أحد من الناس يستطيع تجاهل هذه القضية المأساوية التي خربت النفوس وشوّشت العقول وأجهدت الاقتصاد وخربت التعليم وحيّرت السياسيين والحقوقيين والقانونيين ودمّرت كل شيء جميل في البلاد، ألم يحن الوقت لتصحيح كل ما أفسدته تلك الممارسات البغيضة؟ ألم تدرك الجهات الطائفية أن الوطن لا يستطيع أن يرتقي في كل المجالات إلا بمشاركة جميع مكوناته الطائفية والمذهبية والعرقية والسياسية؟ ألم تصل إلى قناعة أن التمييز بكل مسمياته آفة خطيرة تهدد الثوابت الوطنية والإنسانية والاجتماعية؟

يكفي أيها الطائفيون المتسلقون على أكتاف الوطن ما أحدثتموه في بلادكم من دمار اقتصادي وتعليمي واجتماعي وإنساني، وارجعوا ولو لمرة واحدة إلى فطرتكم الإنسانية واسمحوا لضمائركم أن تتحرك بسرعة ومن دون تأخير لمعالجة هذا الشرخ الغائر الذي أوجدتموه في جسد الوطن، وتذكروا قول الله تعالى: «كل من عليها، فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام»، وأنه مهما عملتم لن تأخذوا من هذه الدنيا الفانية إلا الكفن وتتركوا كل ما جمعتموه من أموال وعقار لغيركم، وإذا الذي جمعتموه كان على حساب المصلحة الوطنية، فإنكم ستقفون طويلاً أمام محكمة العدل الإلهية وتُحاسبوا حساباً عسيراً على كل ما اقترفتموه في هذه الدنيا، اعلموا أن العمل الصالح هو وحده القادر على إنقاذكم من هول يوم الفزع الأكبر والعياذ بالله.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4259 - الإثنين 05 مايو 2014م الموافق 06 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 6:12 ص

      الحكومة

      الحكومة تريد ان تستمر الازمة فلتستمر الشعب لن يتخلى عن مطالبه كتب على جبينه الشعب لاتراجع حتى ىتحقيق المطالب ولن نركع الى لله والله راح ينصر الحق المسلوب

    • زائر 5 | 6:10 ص

      حق من له هالمقاله

      لا وتستشهد بآيات من الذكر الحكيم ليش ليكون مايعرفونها المفروض تحدد الجهة المطلوب توجيه المقاله صوبها والدولة والمسئولين بالاساس عن ماذكرته فى مقالتك

    • زائر 4 | 5:05 ص

      و البادئ اظلم

      و البادئ اظلم

    • زائر 2 | 2:22 ص

      شكراً أيّها المربّي الفاضل

      استاذي شكرا ، وجُزيتَ خيراً.

اقرأ ايضاً