العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ

الفنان عباس يوسف ينجز مشاريعه المؤجلة

تصوير محمد المخرق
تصوير محمد المخرق

عبر اللعب بقوام الحرف العربي وانحناءاته الأثيرة، ومن خلال عشرة أعمال فنية اصطفت على جدران مساحة الرواق في معرض «مشاريع مؤجلة: هذا هو اسمك» الذي افتتح يوم الإثنين (12 مايو/ أيار 2014)، يضيف الفنان عباس يوسف لبنة جديدة لمشروعه الفني، الذي دأب بين فترة وأخرى يضيف إليه في كل مرة لمسة فنية جديدة، في مواسم يخلقها للاحتفاء باللون أو الحرف وألقهما اللذين يلحَّان عليه، فيتحفنا دائماً بالجديد.

هكذا أصبح الفنان عباس يوسف ينطلق ليحوط إبداعه بألق خاص من خلال مجموعة من الطقوس التي ينحتها على طريقته، لعل أولها مزاولة الهم الفني في محترفه الصغير، وثانيها بالكتابة في الشأن الفني بعيون مفتوحة على الإبداع والمبدعين من الأصدقاء، ومرة أخرى بالتحايا الفنية الموسمية، ومرة بمعارضه التي بها يشيّد مشروعه الفني لبنة فوق لبنة، ولا ينفك عن تعاهده كلما طال به الأمد وسنحت له الفرص وأشرق فيه الأمل بمشروع جديد.

بيت اللون

تلتفت إلى محترفه الصغير «بيت اللون» بجانب جمعية الفنون التشكيلية فتستغرب! كيف حوى هذا المكان المتواضع كل هذه المعارض السابقة، وخرجت من بابه الصغير كل هذه المشاريع، رفقة صديقه الغضبان، إذ يتقاسمان بهو المكان فسحة لونية، وألفة إنسانية، ذهاباً وإياباً، ورغم تكدس اللوحات فوق بعضها وقدم الأدوات وتهاوي الجدران، وتعاقب خربشات الألوان، إلا أن الحلم يتسع للفن أكثر مما يتسع المكان.

قلم الفراشة والماء

أما الكتابة فظل يوسف يراوح بقلمه بين الفراشة والماء، وبين فترة وأخرى يتابع الكتابة في الشأن الفني كلما التمعت في الرأس فكرة أو برق لديه تأويل ما للون من الألوان خلال أحد المعارض فصال بين الكتابة حول قضايا الفن أو التحاور مع أصدقاء اللون ليجمع كل ذلك الشغف في كتابيه «بلون ماء النار»، و«إلى البحر بجناح فراشة».

تحايا واصلة

أما التحايا الفنية فقد أضحت عند الفنان عباس يوسف خلة فنية حسنة، ففي كل مرة يحيي بها أحد الأصدقاء من المبدعين الذين يتعالق معهم فنياً؛ فيفتح لمشروعه أن ينطلق في جسوم كثيرة ويحسو ما يريد من نصوص ورسوم وفنون مختلفة، يعكسها في أعماله وتعود له بالكثير تآلفاً وانسجاماً في جو من العشق المبادر أو المتبادل برد الجميل بالجميل، والإبداع بالإبداع، حتى صار عرف التحايا الفنية ديدنه الإبداعي الذي لا ينفك عن إطلاقه في كل مناسبة أو بين فترة أخرى، متنقلاً من الغضبان إلى ناصر اليوسف وقاسم حداد وأمين صالح إلى محمود درويش.

وتقدم يوسف بهذه التحايا الفنية خطوة أخرى للأمام حتى صار ديدنه أن يقتنص مناسبات أثيرة لديه أو لدى الأصدقاء ليمنحها توقيعه بلوحة أو تصميم من تصميماته السابقة أو المعدة من وحي اللحظة، فيرسلها على وسائل الاتصال الاجتماعية الحديثة ليرينا كيف يستطيع الفنان تمرير إبداعه بين زحمة الآلام والأحلام التي تأخذ منا الكثير ولكن المبدع لوحده يعرف كيف يخفف من وطأة الألم ويشعل الأمل كما أراد ويمرر إبداعه في سياق إنساني أثير.

مشاريع مؤجلة

أما هذا المعرض «مشاريع مؤجلة: هذا هو اسمك» فقد أخذه الحنين وعاوده الأمل فقاوم هيبة الحروف المؤجلة فاستجمعها في لوحات فارهة الحجم واسعة الحلم، فما كان منه إلا أن نثر الحروف على مساحتها مكرراً إياها ما وسعه التكرار إلى ذلك حتى صارت اللوحة تعكس طبيعة عصر متسارع يشغف العيون ويسلبها التركيز، فعلى رغم أن النص المكتوب كان محدداً وهي عبارات مقتطعة من نص شعري لجدارية محمود درويش، إلا أن التكرار «يزغلل» العيون ويجعل الفكر متقافزاً ربما لا يستطيع التركيز فيما يقرأ بل يتجه مباشرة للخط واللون واللوحة، فأي لعبة يلعبها الفنان هاهنا بمتلقيه، حين يميل به للتشتيت واللاتركيز، أهو محاولة لمسابقة نص أخاذ بطبيعته الدرويشية، حتى لا يستفرد باللوحة ومتلقيها أم ثمة أمر آخر أميل للعبة فنية فرضتها سعة اللوحة، فكان لا بد من ملئها بالكثير، ام أن ذلك راجع لطبيعة التصميم الفني الذي يعتمد على عنصري الوحدة والتعدد، وهو مبدأ مستمد من الأربيسك، فأصبح يتمدد هاهنا في هذه الخطوط المتكاثرة على وحدتها الجميلة، وهي تقنية برزت بقوة في معرضه السابق مع الزوايا والمربعات المتكررة، واليوم تتكرس في هذا المعرض في شكل الانحناءات والأقواس اللامتناهية المستمدة من الخط العربي وخصوصيته الحيوية.

العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً