العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ

وعَلّم قلبي الأسماء كلها

القصيدة الفائزة بالمركز الأول في مهرجان أبي تراب الشعري السابع على جائزة الشيخ الجمري للشعر العربي

أسميكَ لغزا

فكنهك محارةٌ مغلقة

كبكرٍ خجولٍ تخبئُ في راحتيها الجمان..

ولابد من غائصٍ يعرفُ البحرَ مثل بنيهِ

ويحفظهُ كخطوطِ يديهِ

يغوصُ إليكَ لأعمقِ ما يجتليهِ البيان..

ليطوي الزمان ويطوي المكان..

ذراعاهُ في قصدهِ موجتان..

وليس يهاب العواصفَ

حتى ولو قلبت في السُّرى زورقه..

أسّميكَ سرا

يؤولُ في خطراتِ الظنون..

تراودهُ لحظاتُ العيون..

حروفٌ ثلاثتها من جلالٍ تَنزّهُ عن كلٌ ما يسطرون..

دنوتُ فلما تدليتُ ما بين كافٍ ونون..

لأسألَ مذهولة من تكون..

فدلّت عليك الرؤى المشرقة..

أسّميكَ بابا

فليس لسورِ المدينةِ بابٌ سواهُ

وقيل: ادخلوا سُجّدا

حطّةٌ في رضاهُ

وكل المجاذيبِ كانوا هنالك في الذكرِ تاهوا..

يكادون في زحمةِ الضوء يشتعلونَ

كمثلِ الفتيلِ الذي مذ تذوّق لذّة وهجِ الغرامِ

سعى للمزيد..

وما عاد يخشى احتراقَ الفناء..

ففي وصلك الزيتُ

زيتُ الحقيقةِ يُوقد من شجرِ الأنبياء..

ومنه يعود مرارا ليحيا على سُبُحاتك كيف تشاء..

يرفّون حولك مثل الفراشةِ لحظة تخترقُ الشرنقة..

أسّميكَ يا ذا الجمالِ نعيما

ولا لست أعني النعيمَ البعيدَ

الذي من وراءِ القيامةِ والحشرِ في الآخرة..

لأني أعيش النعيمَ..

نعيمكَ في اللحظةِ الحلوةِ الحاضرة..

فجناتُ عدنٍ تُشرّعُ لي كلما بحتُ باسمكَ

والحورُ في حضرتي سافرة..

ومن ذهبٍ كلماتكَ لي

والمدامعُ فضة..

وأصفى الجواهرِ في الذاكرة..

ونهرٌ من الخمرِ يروي عروقَ القصيدةِ

تسعى الخيالاتُ بين يديها

فترنو إلى ربها ناضرة..

تؤوّبُ مثل العصافيرِ

إثر مزاميرِ وحيكَ

للحبّ ترتجلُ الزقزقة..

أسّميكَ يا ذا السّمو الأمير..

تعاليت عن كل ما أدعي من صفاتكَ

فاغرس بشرب خيالي ينابيعَ شعرٍ

تجارى بعذبِ المديحِ

لترويَ من فيضها مجدبات الضمير..

وتنصبّ لحناً تضمخ بالزهرِ ينسابُ في أغنياتِ الغدير..

هنالك لما تجلى البشير..

وفي كفهِ مثل شمس الضحى شعّ كفُّ الوزير..

كأنيَ أسمعُ أنفاسهم حين ضجّ العبير..

كأن الزمانَ توقفَ

يرسمُ مشهدَ هذا الشروقُ الإلهيُّ

في الدفترِ السرمديِّ

يحددُ نهج السماءِ

ويمتدّ في اللوحةِ الخالدة..

فيا أيها الجائعون لخبز الحقيقةِ

لا تسألوني

سلوا ما تنزّل في المائدة..

سيلتهمُ الجوعُ من أنكروهُ

ويشبعُ بالحق من صدّقه..

أسّميكَ يا فارسا من وراءِ الأساطيرِ

سيفَ الإلهِ الذي ليس يُقهر..

ولو أنني سأعدّ الملاحمَ

تلك التي لا يضاهيك فيها شجاعٌ

سينفدُ عمري..

فدونكَ كل الفوارسِ

بل دون نعلٍ لقنبر..

سلوا الغزوات

سلوا باب خيبر..

وهل يستوي من يكرُّ مع من يفرُّ

فديتكَ أنت الفتى

صاح جبريلُ أن لا فتى غير هذا المظفّر..

ولا سيف إلا الذي أطعم النارَ في جوعها

من طغى وتجبر

وأنت الأصيلُ وغيرك من سرقوا من كُناك

ليجّمّلوا بالمهابة

غيركَ يا أيها العبقريّ مزور..

فإن ذُكر اسمك زاغت عيونُ الأعادي

وتبلغُ صمٌ القلوبِ الحناجرَ

كفك حيدرُ

كفّ الردى حولهم مطبقة..

أسميكَ نقطةَ باءِ البدايةِ

بسملةَ الخلقِ

فاتحةَ الغيبِ..

والناصعَ الأصلِ والحسبِ..

ولكن بأيٍّ سأبدأُ نجوايَ

كل الكنى زينتها المعاني كما الكرمِ يزدانُ بالعنبِ

ألا اسمح لمن شفّها الشوقُ حتى

تكاد تلاشى كما اللهبِ

تناجيكَ طفلة قلبي: أبي

تخفّ إليك على الهدبِ

وتعرفُ كيف يلحّ الصغارُ ولا ييأسونَ

عيونهمُ بالشكاية ترشحُ

كالماءِ يرشح في القربِ

فتشكو إليك انكسار الفؤادِ

لقد كسروا يا أبي لعبي..

تناديك في سغبِ الأمنياتِ

لكم طال يا ذا المنى سغبيِ

حنانيكَ خذ بيدي كالمجرةِ تمسكُ رغم اتساعِ

مداها بعطفٍ وحبٍ يدَ الكوكبِ

ومثل اليتامى احتضنها مليا

وربّت على شعرها المتربِ

بضاعةُ حلمي رُدت إليَّ

ألا أوفِ بكيلكَ أنت العزيزُ الذي أرتجيهِ

وزدني كيلَ وصالٍ لأدنوَ

ذلك كيلٌ يسيرٌ عليكَ

لأنك يا سيدي مطلبي..

ووجهة آماليَ المطلقة..

العدد 4270 - الجمعة 16 مايو 2014م الموافق 17 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً