العدد 4274 - الثلثاء 20 مايو 2014م الموافق 21 رجب 1435هـ

فيلم "حكاية شتاء: فاشل... رغم اكتمال عناصره

الوسط (فضاءات) – منصورة عبدالأمير 

تحديث: 12 مايو 2017

كان يمكن لفيلم "حكاية الشتاء" Winter’s Tale أن يكون فيلماً مميزا يشيد به النقاد وتلفت أنظارهم براعة اخراجه ومتانة حبكته. أقول ذلك لأن الفيلم، توفرت له الكثير من أسباب النجاح. كاتبه وهو مخرجه أيضا هو اكيفا غولدسمان، ولمن لا يعرفه فهو ذاته كاتب قصة فيلم "عقل جميل" A Beautiful Mind . نتذكر تماما ما حققه ذلك الفيلم من نجاح وما حصل عليه من اشادات وجوائز واحدة منها كانت جائزة أفضل نص مقتبس. أكيفا اقتبس النص حينها من رواية رائجة كتبتها المرشحة لجائزة البوليتزر في الكتابه سيليفيا ناسار. في الفيلم الجديد ايضا يقتبس اكيفا نصه من رواية رائجة ومحتفى بها تحمل اسم الفيلم نفسه Winter’s Tale وهي لمارك هيلبرين.

لدينا إذن نص قوي ومنتج يمكن له ان يقدم الفيلم بأفضل شكل ممكن. كيف لا وهو مؤلف الفيلم ومخرجه ومنتج مشارك له أيضا. بالمناسبة، غولدسمان أنتج أفلاماً سابقة حققت نجاحات مثل فيلم I, Robot وفيلم A Beautiful Mind. منتجي الفيلم الآخرين قدما مسبقاً أفلاما ناجحة هي فيلم Drive الذي انتجه مارك بلات، وفيلم Sherlock Holmes لمنتجه مايكل تادروس. أمامنا إذن ثلاثة منتجين لا يراهنون بأموالهم على مشروعات خاسرة.

حتى طاقم العمل ممن يعملون وراء الأضواء في هذا الفيلم هم من الفنيين المميزين، منهم مدير التصوير كايلب ديشانيل الذي عمل في فيلم The Passion of the Christ وفيلم The Patriot وهو الذي رشح لخمس جوائز أوسكار. ومصممة الإنتاج نعومي شوهان التي عملت في فيلمي Constantine و I am Legend وفي تصميم الأزياء مايكل كابلان الذي صمم أزياء أفلام مثل Mission Impossible, Ghost Protocol, Star Trek.

المونتاج قام به ويني واهرمان (الذي منتج فيلم I am Legend) وتيم سكوايرز الذي رشح لأوسكار أفضل مونتاج وقدم أفلاماً مثل Life of Pi وفيلم Crouching Tiger, Hidden Dragon ) . موسيقى الفيلم قام بتأليفها المؤلف الموسيقى هانس زيمر الذي رشح للأوسكار عن أفلام مثل The Lion King، Inception, Man of Steel.

وحين ننتقل إلى الفنانين المشاركين في الفيلم سنجدهم من فناني النخبة الأولى إن جازت التسمية مثل راسل كرو وويل سميث وحتى كولين فاريل الذي وإن قل نجومية عنهما إلا إنه أيضا يعد من مصاف النجوم الجاذبين لإيرادات شباك التذاكر، وهو الحائز على جائزة الغولدن غلوب لأفضل ممثل عن دوره في فيلم In Bruges (2008).

أذكر كل تلك الأسماء والتفاصيل لأوضح ما يمكن أن ينقص الفيلم واي خلل وقع فيه،إذ لم تكن نتيجة تظافر كل تلك الطاقات فيلماً ممتعاً أو مثيرا للإنتباه طوال مدة عرضه التي تجاوزت 118 دقيقة. ما الذي يصنع فيلم جيدا على أية حال؟ أليست قصة محبوكة ومخرج متمكن من أدواته وممثلين بارعين، حبذا لو كانوا من الصف الأول، وفنيين مهرة. فلما لا ينجح هذا الفيلم ولم لا تتجاوز تقديرات النقاد له نسبة 13% فقط.

لكن بنظرة متفحصة يمكننا أن نعرف أسباب هذا الخلل، لدينا فيلم يحاول أن يكون دراميا ويحوي الكثير من الغموض والاثارة والخيال العلمي. يحاول ان يقدم طرحا فلسفيا للصراع الأزلي بين الخير والشر، سواء عبر تخيله لمدينة نيويورك،حيث تدور قصته، في حقبات زمنية مختلفة، وتنقل أبطاله عبر تلك الحقب، أو بسرده لحوادث خيالية تقع فيها المعاجز في أي وقت لبعض الأشخاص، وتنتصر عبرها قوى خير غيبية في كل الأزمان والمواقع.

تدور أحداث الجزء الأول من الفيلم في بدايات القرن العشرين، تبدأ في الواقع عام 1895 لكنها تتواصل بعد ذلك بما يقرب من العشرين عاماً (عام 1916 تحديدا). بطل قصة الفيلم هو بيتر لايك الذي يقوم بدوره كولين فاريل (نعرفه جميعاً من فيلم Phone Booth)، وهو اللص المحظوظ الذي تصاحبه المعاجز والأمور الخارقة منذ طفولته، ومنذ أن ألقاه والداه في البحر، ليلتقطه البحارة، حتى اللحظة التي توشك أن تفتك به عصابة بيرلي سواميس (الذي يقوم بدوره راسل كراو)، لولا ظهور حصان أبيض يطير به إلى السماء، وصولا للقاءه الغير عادي بالفتاة التي أصبحت حبيبته وهي بيفرلي بين (تقوم بدورها الممثلة جيسيكا براون فيندلاي الشهيرة من مسلسل Downton Abbey).

يبدأ صراع بيتر مع سواميس حين يقرر الفتى ترك العصابة، فيقرر سواميس قتله. يطارده في كل أنحاء نيويورك، يكاد ينال منه، لكن حصاناً أبيض ذو جناحين، ينقذه ويصبح ملاكه الحارس.

يقرر الفتى السفر لكن حصانه الخارق يشجعه على سرقة منزل عائلة بيفرلي بين، الفتاة التي تموت بسبب السل، ذات المرض الذي حرم الفتى من والديه، حين منعا من دخول الولايات المتحدة بسببه. وفيما يسطو على منزل الأسرة، تفاجئه هي بعزف رائع على البيانو، ثم بكوب من الشاي وأخيرا بقصتها مع المرض. يقعان في الحب. الحب بينهما بدا مقررا، فقط لتتحقق على يدي الفتى معجزة شفاء الفتاة.

وسواء غادر الفتى نيويورك أم لم يغادرها فإن لسواميس قدرات خارقة على التجسس والتعقب الخارقة تمكنه من تحديد موقع بيتر، بل واكتشاف نوايا الهرب التي يضمرها، وحتى معرفة نية إحداث المعجزة تلك التي ما كان بيتر نفسه يعرف بقدرته على تحقيقها. تتغير مهمة سواميس الآن، وكذلك نوايا بيتر. تصبح الفتاة هدفا للاثنين.

في مقابل قدرات سواميس ونفوذه وسلطته حتى على الملائكة!!، تكمن قدرات بيتر في تحقق المعاجز على يديه. كان مقدرا ان تشفى حبيبته على يديه، لولا خيانة ملاك وتعاونه مع سواميس. حصانه الأبيض ينقذه من موت لآخر، ينقله من زمن إلى زمن مختلف، يحقق معه معجزة شفاء فتاة صغيرة مصابة بالسرطان. هذه الطفلة هي المعجزة التي ستتحقق على يديه، بدلا من فتاتها التي تغتالها قوى الظلام المتمثلة في سواميس وأتباعه.

الفيلم يحوي عدد من الإشارات التي يمكن التوقف عندها منها قيام والدا بيتر بوضعه في قارب صغير أطلقا عليه إسم "مدينة العدالة"، في بداية الفيلم، وذلك حين تقرر منعهما من دخول الولايات المتحدة الأميركية. وفي حكايات ذات إيحاء ديني، يطفو القارب بالطفل حتى يصل لبحارة الميناء سالماً معافى. بيتر يقرر طعن سواميس بقطعة حديد وجدها في سفينة "مدينة العداله" فيتحول الى ثلج ويموت. هذه المدينة إذن يفترض بها ان تكون مدينة الخير، والفيلم يشير إلى أن الخير سيعمها وسينتشر فيها العدل والحب بعد ما انتشر الظلم والغي، على الأقل حين يطالعنا الفيلم أخيراً بتمكن بيتر من إنقاذ أحدهم وبتحقق المعجزة التي يملكها في إنقاذه حياة الفتاة الصغيرة. مستقبل هذه البلاد اذن سيكون افضل من حاضرها وربما من ماضيها. الحب وقوى غيبية ستنقذان نيويورك، وربما أميركا، وربما العالم كله من كل الشرور والآثام المحيطة بها.

لم ينجح الفيلم، ربما، أقول ربما، لأن كاتبه ومخرجه غولدسمان وقع في فخ اتباع "الروشتة" أو "التعليمات" الخاصة بصناعة فيلم جيد.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:48 م

      مشكورة منصورة ع الطرح الرائع ممكن في المقالات الجايه تحددين الفيلم اللي راح تكتبين عنه عشان نطالعه ونشاركش النقاش ونثري الموضوع

    • زائر 2 زائر 1 | 9:37 ص

      بكل سرور

      يشرفني تبادل الآراء اي كان موضوعها مع قراء الوسط الكرام

اقرأ ايضاً