العدد 4281 - الثلثاء 27 مايو 2014م الموافق 28 رجب 1435هـ

جراح الوطن وحالها اليوم

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

ها قد انقضت سنوات ثلاث، بل وأكثر، على بدء الحراك الشعبي في (14 فبراير/ شباط 2011)، الذي استخدم لإسكات صوته سياسات وإجراءات، وسُخّرت لذلك موارد بشرية ومالية وعتاد. فمحلياً استنفرت لها كامل طاقات الأجهزة الرسمية، ومؤسسات الصحافة والتلفزيون الحكومية وشبه الحكومية، في داخل البحرين وخارجها، وانحدر مستوى ما تقدمه الدولة من خدمات للمواطنين، إلى الفرز السياسي ما بين مواليها ومعارضيها، ولجأت إلى ما يفرق المواطنين على معياره، في أرزاقهم وضرورات حياتهم، وأجْرَت إجراءات الفصل من الأعمال وفرز إجراءات التوظيف، في القطاع الحكومي وشبه الحكومي، والقطاع الخاص المحسوب عليها في التبعية.

بل وزادت عليه بالضغط على المجالس البلدية والتشريعية، وانحدرت بإجراءاتها إلى المدارس والمعاهد والجامعات والمستشفيات لتحذو حذو وزاراتها وشركاتها، لفصل ومضايقة المختلفين مع الحكومة حول تلك السياسات المخالفة للدستور وللعهود والمواثيق التي وقعتها في مجال حقوق الإنسان.

ولم تجد في جميع حلولها الأمنية المحلية، ما يبسط لها الوداعة الجبرية من الشعب، من حيث حجم الحراك الشعبي وإقداماته، في رفع المطالب المتقدمة التي لم تألف مثلها السلطات، في جمعها لاستحقاقات جميع المواطنين دون تفريق، فراعها أمر ذلك، لذا فُتح علينا باب التدخلات الإقليمية الخليجية والعربية، ريثما تسترد الأنفاس، لتنشيط خلايا التقرير الشهير النائمة، فَمِمّا تم الإعلان عنه رسمياً، أن هناك تدخلات إيرانية مباشرة وغير مباشرة، لتستنهض الحمية الخليجية والعربية والمذهبية الدينية، لصد أي تدخل خارجي محتمل من طرف أعلنته السلطات. كما بانت أيضاً الحدود المفتوحة لأفراد الجهات غير المحلية لإجراءات التصدي للحراك الشعبي، وكذلك اتضح التواجد الأمني العربي وسواه، بما يُعَدُّ استنجاداً بجهات غير ذات صلة بالتعامل مع الحراكات الشعبية داخل الوطن.

فاجتمعت كل هذه الجهات المحلية والإقليمية والعربية، لتواجه حراكاً شعبياً في الشوارع والقُرى، وتتشارك في إجراءات الصد والمنع من التظاهر والتعبير عن المطالب، وكذلك في إجراءات الملاحقات والقبض، عبر مداهمات البيوت ومقار العمل وتفتيشها وإلقاء القبض على قاطنيها، كل ذلك من دون إبراز الأوامر القضائية للتفتيش والقبض، فبات المواطن البحريني لا يعرف هوية أولئك الذين يتربصون له بالمرصاد في الشوارع والأزقة، وخصوصاً الملثمين منهم وباللباس المدني، فكثرت التجاوزات الإجرائية والقانونية والدستورية، مع حالة التعاضد مع الجهات الرقابية سواء التشريعية أو الدستورية، بما أوصل الحال إلى طائلة القتل للمنع من التظاهر.

وترافدت هذه التجاوزات الإجرائية، والإفلات من العقاب، وسياسات التمييز وعدم المساواة بين المواطنين، وتفشي الفساد وهدر ثروات الوطن لصالح المتنفذين، وبما يخدم مصالحهم، جراء شراء ذمم نفر من المتمصلحين، في جملة من الحقول الثقافية والقانونية والصحافية والإعلامية، ومؤسسات العمل المدني، وشركات العلاقات العامة الأجنبية، بما عزّز من سياسة الفرز الطائفي، علاوةً على الفرز السياسي، فهدمت المساجد الشيعية وتمت الإساءة إلى أفراد هذه الطائفة الإسلامية، وشجّعت منابرها الموالية الطائفية، الدينية والسياسية والصحافية والتلفزيونية، لممارسة ذاك الفرز الطائفي، وأطلقت لهم العنان لسب وشتم الطائفة ورموزها، والتعدّي الإجرامي على مقدساتها وأملاك أفرادها، ورفدتهم لذلك ببعض منتسبيها.

وما عمق من جروح الوطن، أن الأزمة القائمة اليوم، جاءت على أنقاض وعود العام 1971، عام الإستقلال، ببناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة، القائمة على النظام الدستوري الديمقراطي، وعلى رغم عقدية الدستور المقر من خلال مجلس دستوري تمثل في المجلس التأسيسي المنتخب، الذي تلاه انتخاب المجلس الوطني، إلا أن الحال لم يدم إلا عامين، لينتكس الوطن بالتخلي عن ذلك الدستور، ويسود قانون أمن الدولة سيء الصيت، الذي دام 27 عاماً.

كما أن الأزمة، جاءت أيضاً في أعقاب الوعد الرسمي الذي تطلع إليه الشعب بأمل الحاضر الجديد وأحلام المستقبل، فكان التسامح والدعم الشعبي بناءً على وعد الميثاق العام 2001 قبيل التصويت عليه، إلا أن الحال عادت بالوطن العام 2010، إلى أعوام قانون أمن الدولة، عبر تشويه الهوية الوطنية من خلال التجنيس الطائفي لأغراض سياسية، وعبر التفرقة الطائفية والاضطهاد الديني لطائفة، والفساد الإداري الذي وثقته تقارير ديوان الرقابة المالية، وسرقات المال العام وضياع أراضي الدولة، وضعف الحالة المادية للمواطن قبالة الأسعار، وتدهور الخدمات وخصوصاً الإسكانية والصحية والتعليمية، واتضاح سوءات التجنيس، بما وَلَّد الضغوط التي فجّرت الحراك الشعبي، بما كان عليه في 14 فبراير 2011. وبدلاً من تحكيم أصل وثيقة المرحلة وهي الميثاق، عادت حليمة لعادتها القديمة، بالعودة إلى انتهاج المسعى الأمني العنيف والمفرط القوة، بما تجاوز الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين، تسويقاً لإدعاء أن الحراك مُدارٌ ومدعومٌ من إيران، من أجل احتلال البحرين، وذلك إخفاءً لحقيقة الاخفاق في الوصول إلى دولة مدنية حديثة، ذات نظام حكم بدستور، يستلزم إخضاع جميع السلطات له، وسلطة تشريعية ورقابية معبرة عن إرادة الشعب الحقة، عبر الصوت الانتخابي المتساوي للمواطنين، وقضاء مستقل ونزيه ومنظومة قوانين محلية تواكب العصر والمواثيق والعهود الدولية التي صادقت عليها البحرين.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4281 - الثلثاء 27 مايو 2014م الموافق 28 رجب 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 6:36 ص

      مجهول

      الشماعه موجوده ( ايران ) اتمنى من وجوده شماعه ثانيه لان الشماعه الاوليه انكسرت

    • زائر 30 | 4:46 ص

      بعد 14 فبراير 2011 بدا تهميش واقصاء المواطنيين الشيعة خاصة والمعارضين النظام عامة

      تهميش المواطنيين الشيعة واقصاءهم من الوظائف وجلب الاجانب وتوظيفهم وتوطينهم لتغيير التركيبة السكانية وابادة المواطنيين الاصليين

    • زائر 29 | 4:21 ص

      الدنيا بخير

      بوجود أمثالك، الله يحفضك ورحم الله والديك.

    • زائر 28 | 4:13 ص

      ما

      ما كنا نعلم بعد توقيعنا على الميثاق راح اصير خيانه عظمى المشتكى لله والله اصبر شعبى وياخد الحق المسلوب وشكرا الى الكاتب المخلص

    • زائر 27 | 3:14 ص

      ابداااااع

      معاناة 4 سنوات اختصرتها في مقاااال وكلماتي تعجز عن وصف روعة المقال
      احسنت ورحم الله والديك

    • زائر 26 | 2:43 ص

      التاريخ المعاصر في المشهد البحريني

      عنوان تعليقي اسم للكتاب الذي أنتظر صدوره لك أيها الكاتب المبدع يضم مقالاتك. قوة الكتاب أكبر من المقال وأثبت للشهادة على العصر وتوثيق التاريخ.

    • زائر 25 | 2:15 ص

      كبير يا أستاذ سيادي

      سَلِمتَ يا أستاذ ، مقال أكثر من رائع .

    • زائر 24 | 2:06 ص

      انت

      لا يهم من انت ولا من اي مذهب وطائفه وعشيره ولاكن ما يهمنا ان تكون حرا وليس مسعبدا - سلمت يداك ورحم الله والديك

    • زائر 23 | 2:02 ص

      جبتها على الجرح!

      سلمت وسلم قلمك الحر.

    • زائر 22 | 1:51 ص

      لا تبكي يا أختاه

      أستاذ يعقوب لقد لخصت أزمة أربع سنوات في مقال مختصر وجعلت القوم عراة لكثرة الجرائم التي ارتكبوها وسوف تخرج علينا احدى الكاتبات في الصحف الصفراء البالية تبكي وتستنجد بعمر المختار وبصلاح الدين وبخالد ابن الوليد فنقول لها ألايكفيك أن أمريكا صديقتنا وبريطانيا حليفتنا والدول العربية يساندوننا و دول الخليج أشقائنا فلم الخوف والجزع ياأختاه فلاتخافي سوف نحصل على حريتنا وحقوقنا كاملة طال الزمان أو قصر الشعب سوف ينتصر

    • زائر 21 | 1:30 ص

      لقد خلعت ملابس القوم

      أستاذ يعقوب لقد لخصت أزمة أربع سنوات في مقال مختصر وجعلت القوم عراة لكثرة الجرائم التي ارتكبوها وسوف تخرج علينا احدى الكاتبات في الصحف الصفراء البالية تبكي وتستنجد بعمر المختار وبصلاح الدين وبخالد ابن الوليد فنقول لها ألايكفيك أن أمريكا صديقتنا وبريطانيا حليفتنا والدول العربية يساندوننا و دول الخليج أشقائنا فلم الخوف والجزع ياأختاه فلاتخافي سوف نحصل على حريتنا وحقوقنا كاملة طال الزمان أو قصر الشعب سوف ينتصر

    • زائر 20 | 1:26 ص

      تلك الصورة ماثلة لكل بصر وبصيرة

      احسنت القول وقلت من خاف قوله كل من اادعى الرجولة ...

    • زائر 19 | 1:13 ص

      وفرض دستور 2002 بارادة منفردة

      نعم يا ابن ابلادي، هذه هي الحقيقة و أكثر ... اسفنا اليوم يوم قلنا نعم للميثاق ،و فرض دستور عام 2002 بإرادة منفردة فلا شرعية، ولو (وهي من الشيطان) عاد التصويت على الميثاق لحصل على صفر من الشمال، وهجر من هجر وقتل من قتل ، وسجن من سجن ، و استفاد من استفاد ، والنتيجة ضاع الوطن.وطن كنا نحلم ان يكون وطنا للجميع.

    • زائر 18 | 1:01 ص

      سؤال بريء استاذ يعقوب سيادي من الذي زرع الطائفية

      أتذكر في سبعينيات القرن الماضي باننا كنا في المدرسة من مناطق مختلفة واقصد مدرسة البديع الابتدائية للبنين الواقعة في بني جمرة طلبة البديع الدراز بني جمرة الجسرة القرية وغيرها من القرى الان تم نقل طلبة البديع لقريتهم ومنع دخول طلبة القرى الاخرى لها مشروع شراء بيت في البديع والجسرة والقضيبية والحورة والحد والحالة والبسيتين والكثير من المناطق يمنع شراءها من قبل مذهب معين أيضاً التوظيف في المجال الأمني مع ان العسعس من جماعتنا وهم لا يثقون فيهم اقول ليتم البحث عن السبب وهو معروف

    • زائر 17 | 12:59 ص

      وتدهور الخدمات وخصوصاً الإسكانية والصحية والتعليمية،

      لكل فعل ردة فعل تزايد المجنسيين وتفريخهم اللا طبيعي يؤثر سلبا على الصحة والاسكان والتعليم . اما المجنسين لن يصبروا على عدم اعطائهم او تأخيرهم خدمات الاسكان هذولي اللي بخلونكم تمشون على العجين ما تلخبطونه (ينقلب السحر ع الساحر )

    • زائر 16 | 12:55 ص

      جراح الوطن في ازدياد: فساد وتجنيس وعنف امني لطائفة معينة

      ولكن لن يقف الحال بهذا المستوى من الظلم فالحق والباطل لا يدوم وان طال الزمن لابد لشمس الحق ان تشرق من جديد واما الطغاة مصيرهم مزبلة التاريخ ونار جهنم

    • زائر 15 | 12:54 ص

      جراح الوطن عميقة والألم كبيرة والفاتورة مرتفعة فاقت الوصف

      أستاذي اقول ويشهد الله على كلامي بان التصويت على الميثاق كانت فرصة لنقل البلد لمصاف الدول المتقدمة ديمقراطيا لكنها النفس الاماره بالسوء فها نحن نعيش واقع الخديعة فمن خسر ومن ربح سؤال اطلقه لمن لديه درة ضمير وأقول أعيش القهر واعيش العقاب لكني هامتي مرفوعة عاليا واعيش الأمل وسنن الله في كونه فعهد التغيير بدء من البحرين وسننتزع الحقوق سلميا ونحن نعيش واقع الموت بخروجنا قد لانرجع ولا أولادنا للبيت سالمين لكننا راضين بهذه التضحيات

    • زائر 14 | 12:51 ص

      نجم اليوم: يعقوب سيادي

      شكرا شكرا ايها الشريف كل كلمة كتبتها هي بالفعل واقع وحقيقة .

    • زائر 13 | 12:44 ص

      قرية الديه - فبراير 2014 ...

      وكذلك اتضح التواجد الأمني العربي وسواه، بما يُعَدُّ استنجاداً بجهات غير ذات صلة بالتعامل مع الحراكات الشعبية داخل الوطن ..
      فإجتمعت كل هذه الجهات المحلية والإقليمية والعربية، لتواجه حراكاً شعبياً في الشوارع والقُرى، وتتشارك في إجراءات الصد والمنع من التظاهر والتعبير عن المطالب ..

    • زائر 10 | 12:21 ص

      وخصوصاً الملثمين منهم وباللباس المدني،

      عبارة ابكتني كثيرا وتعرضنا لها كثيرا لا للشيء سوى المطالبة بالحقوق العادلة

    • زائر 9 | 12:12 ص

      بوركت أيها الكاتب الشريف

      صدقني سيدي الكاتب ذلك اليوم التي أخدت والدتي على الكرسي المتحرك للتصويت على الميثاق التي اخدتني أحلامه بعيدا فكانت اسعد أيامي لحظتها مع انني لم استفد من خيرات تلك الفترة تخفيضات الإسكان وإعطاء راتب شهر لكنني كنت فرح وذهبت أحلامي بعيدا بان الحاضر بهذا الجمال فالمستقبل اجمل لكنني الان أعيش واقع الصدمة وأقول ليرجع الزمن بي للخلف لما قلت نعم

    • زائر 8 | 12:10 ص

      البحرين بخير ،،،

      للحين البحرين بخير مادام هناك رجال و نساء يقولون كلمة الحق ، الف رحمه على ولديك استاذ يعقوب ،،،

    • زائر 7 | 12:07 ص

      الزلاق كانت قرية هادئة والان امتلأت من المجنسين

      قول الحق ثقيل ولكن هي الحقيقة التجنيس السياسي اضر بالسنة والشيعة ولا احد ينكر ذلك

    • زائر 6 | 12:05 ص

      سلمت اناملك يا ابن بلدي الاصيل يعقوب سيادي

      وما الله بغافل عن ما يفعل الظالمون

    • زائر 5 | 12:02 ص

      عادت حليمة لعادتها القديمة، بالعودة إلى انتهاج المسعى الأمني العنيف

      يخشون صوت الحق والعدالة لذلك لا خيار لهم غير النهج الامني العنيف

    • زائر 4 | 11:59 م

      عجيب عجيب مقال سيادي

      من اروع مقالات اليوم

    • زائر 3 | 11:51 م

      بنت المحرق

      سلمت اناملك وعاش قلمك الحر . فانت مثال المواطن الغيور على بلده .... سر يا ابن سيادي ونحن معاك وومع الحق ... شكرا شكرا لك من اعماق قلبي الصغير ....

اقرأ ايضاً