العدد 4291 - الجمعة 06 يونيو 2014م الموافق 08 شعبان 1435هـ

حين يكون من هو معك عينك الثالثة

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

في الحياة كثيرٌ من المواقف التي تظهر لنا معادن البشر من حولنا، فتبين لنا من لا يضره غيابنا ولا يلتفت لمقعدنا الخالي حين يشغلنا عن الحضور شاغل، وهي ذاتها المواقف التي تطمئن قلوبنا أن لنا أحبة يتفقدون غيابنا كحضورنا، ويرهقهم ابتعادنا كما يسعدهم قربنا منهم.

مواقف شتى قد يبدو بعضها في ظاهره مؤلم ومزعج ويتسبب في إدخالنا حالة من اليأس المؤقت أو الحزن المقيت، لكنها دون أدنى شك مواقف تحسب للظروف لا عليها، لأنها فتحت أعيننا وأشارت لنا بأيدينا عن مواطن القوة والضعف الخارجية التي كان لابد لنا من معرفتها كي نعزز قوتنا ونلغي ما استطعنا ضعفنا.

الكلام عمن لا يجب أن يكون حاضراً في مشاهد حياتنا - لسوء معدنه - كثير، ولكن ما يهمني هو الكتابة عن أولئك الذين تكون بهم الحياة أجمل؛ فقد يسوق لنا الله أحدهم على حين غفلة من تعبنا ليكون لنا عيناً ثالثة ترى ما لا نرى، ويداً تصل لما لا نستطيع الوصول إليه، ورجلاً ثالثة تمشي حين يختل توازن رجلينا ونتعثر، فيما هو مقيمٌ في صميم القلب، يقوّم نبضنا حين يرتبك، ويملم شتاتنا حين نتبعثر. أولئك الأشخاص هم في الحقيقة هدايا ربانية نسعى جاهدين لكي نستقبلهم بشكل يليق بهم، ونحاول ألا نفقدهم لأن أمثالهم لا يتكررون.

أن يقتحم عارضٌ ما حياتنا فيربكها ويجعلنا نتوقف عن التفكير فترة، فهذا أمرٌ متوقع في كثير من مراحل الحياة، ولكن حين يتواجد من حولنا هؤلاء الأشخاص، حتى مع عدم ظهورهم الدائم في كادر الصور المختلفة من مشاهد حياتنا، فإن هذه العوارض تكون أخف وطأة، واستقبالنا لها يكون أهدأ؛ ببساطة لأننا نعلم أن هناك من يسندنا وسيكون متواجداً حين يعلم - ولو عن طريق الصدفة - أننا بحاجة إلى وفي ومخلص. وعند دخولنا مرغمين متاهة ما ليست بمستوى توقعنا، يكون هؤلاء الأشخاص منارة تدلنا على الطريق الصحيح، أو نجمة تضيء فترشدنا لباب الخروج من الأزمة، إن لم يحاولوا أن يكونوا اليد التي تصل إلينا برغم كل الصعاب التي قد يواجهونها ليخرجوا بنا إلى النور بعيداً عن الضياع، فيشاركونا لحظات الفزع والخوف والتعب كما يشاركونا لحظات الفرح بالخلاص.

في حياتي كثيرٌ من هؤلاء الذين أسميتهم جنة الله على الأرض، بعضهم التقيت به صدفة خلال محطات الحياة المختلفة، وبعضهم كان رفيقي منذ الطفولة، فيما اعتبر بعضهم روحاً كانت ترفرف حولي منذ قديم الزمان وقبل أن ألتقي بهم على أرض الواقع المجسد. هؤلاء أشعر حيالهم بالامتنان والمحبة الغامرة، وكلما خلدتُ لوحدتي ابتسمت حين يمرون بذاكرتي وحمدتُ الله كثيراً لأنهم علامة من علامة حبه لي. هؤلاء لا أقبل التنازل عنهم ولا يمكن لوقت أن ينسيني جمائلهم وجمالهم، فلهم كل الشكر والتحية.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4291 - الجمعة 06 يونيو 2014م الموافق 08 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:24 م

      شكراً لله على نعمه

      الحمد والشكر لله رب العالمين على نعمه التي لا تحصى ولا تعد ومنها نعمة الحب والمحبة في الله عز وجل ..وتطبيقها في الواقع بالأفعال والأقوال الحسنة الدائمة وقضاء الحوائج لرضاء الرب وسعادة عباده
      ..شكراً ابنتي العزيزة مقال جميل رائع

    • زائر 3 | 3:12 ص

      سلمت يداك

      شكراً جميل ما خطته يداك

    • زائر 2 | 2:57 ص

      شكرا للقلم الرائع دائماً

      شكرا من القلب لقلمك المييز أ.سوسن

    • زائر 1 | 2:03 ص

      راااااااااائععععع

      المقال لازم قلوبنا لانه نابع من الصدق والقلب لقد قلت ما اردنا قوله تجاه من نشعر بالامتنان تجاههم

اقرأ ايضاً