العدد 4313 - السبت 28 يونيو 2014م الموافق 29 شعبان 1435هـ

بروز دور «الجهات الفاعلة خارج الدولة»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الصعود السريع لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وسيطرته على مساحات شاسعة من العراق تزامن مع بروز دور «الجهات الفاعلة خارج الدولة»، وهو ما يطلق عليها باللغة الإنجليزية «non-state actors». ففي خلال أيام معدودة سيطر التنظيم على شمال غرب ووسط العراق، واستولى على المعابر الحدودية مع سورية والأردن في محافظة الأنبار (وهو يقترب حالياً من الحدود السعودية).

تنظيم «داعش» لا يعترف بحدود الدولة القومية التقليدية، وهو يتباهى بخرق كل الأعراف والقوانين الإنسانية والوطنية والدولية، ويستعرض عمليات القتل البشعة التي يمارسها من أجل بث الرعب وتحقيق هدفه لإقامة «خلافة» بحسب فهمه المتشدد لتعاليم الإسلام.

التنظيم تطور بسرعة لأن هناك تمويلاً ودعماً وتسهيلات من جهات في دول المنطقة تعمل بصورة ما «خارج الإطار الرسمي المعلن للدولة»... وهذا أفسح المجال لغض الطرف عنهم اعتقاداً من البعض أن ذلك سيحقق أهدافاً سياسية معينة ضد عدو مشترك.

وبحسب تقرير نشرته مجلة «نيوستايتسمان» البريطانية في (23 يونيو/ حزيران 2014)، فإن المنظمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم «القاعدة» وتفرعاته، آخذة في الارتفاع في جميع أنحاء العالم، وإن عدد المجموعات هذه قفز من 31 في العام 2010 إلى 49 مجموعة حالياً، وهي تنتشر ليس فقط في العراق وسورية، وإنما أيضاً في اليمن وكينيا وباكستان وأفغانستان والصومال والجزائر وتونس وليبيا والمغرب ومالي ونيجيريا وغيرها... ووصلت إحدى تلك المجموعات (بوكو حرام) إلى اختطاف وسبي طالبات المدارس البريئات على الجانب الغربي في إفريقيا، بينما عاثت بالساحل الشرقي لإفريقيا مجموعة «الشباب» الصومالية واقتحمت مركز التسوق في نيروبي (كينيا) في سبتمبر/ أيلول 2013 وقتلت 63 شخصاً بريئاً.

إن بروز دور «الجهات الفاعلة خارج الدولة» يعود إلى تآكل سلطة وسيادة الدولة التقليدية من جانب، كما يعود إلى عدم إفساح الدولة التقليدية إلى مشاركة جميع فئات المجتمع بصورة عادلة. فالدولة التقليدية قد تستبدّ في إدارة البلاد، وقد تقمع فئات من المجتمع وتُقصيهم من الحياة العامة، ما يجعل الأرض خصبة لنشوء «الجهات الفاعلة خارج الدولة»... ومع اشتداد الظروف فإن القوى المتشددة قد تصبح صاحبة الكلمة العليا، وتجد لها أرضية خصبة من جمهور واسع يتجاوب معها ويحتضنها.

وهناك نوعان من «الجهات الفاعلة خارج الدولة»، أحدهما عنيف ودموي، والآخر يشتغل ضمن حسابات سياسية، ولكن ما يجمع بين هذه الجهات أنها لا تعترف بالنظم التقليدية (العالمية والمحلية)، وتتحدى إرادة الدولة الوطنية كما تتحدى إرادة ما يسمى بـ «المجتمع الدولي» الذي تقوده الأمم المتحدة.

هذه «الجهات الفاعلة خارج الدولة» أصبحت لديها قوة كافية للتأثير وإحداث التغيير في مناطق نفوذها، ومواجهتها ستكون إما عبر تكوين جهات خارج الدولة نقيضة لها، أو تطوير منظومة الدول الوطنية لكي تحتوي جميع فئات المجتمع (على أساس العدل والمساواة في المواطنة) بصورة لا تفسح المجال لسيادة المتشددين في الحياة السياسية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4313 - السبت 28 يونيو 2014م الموافق 29 شعبان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 8:35 ص

      مرات ومرات تهاجمون ايران وهي لم تهاجمكم يوما

      الحقد اعمى قلوبكم وامات ضمائركم حتى اصبحتم تقلبون الحقائق وتنشبون الحروب وترمون بتبعتها على ايران

    • زائر 10 | 4:52 ص

      زائر

      لماذا لا تكتب عن حلم ايران في تحقيق إمبراطورية إيرانية شيعية منذ عهد الخميني هذه الاثار العمل على مدى اكثر من ثلاثين عاما وتنطلق أهداف الثورة الإيرانية من العراق وسورية ولبنان والبحرين والمنطقة الشرقية ومصر والمغرب وبالتالي رجوع الخلافة الشيعية اسوة بالخلافة الفاطمية والدولة العيونية والعصفورية والغرامطة

    • زائر 13 زائر 10 | 6:41 ص

      زائر 10

      هل سمعت ان الشيعة في يوم من الأيام هجموا على احد ؟؟؟ قطعوا رأس لأحد ؟؟ هل سمعت يوما أأمتهم قتلوا او شنوا حروبا على احد على مر التاريخ ( لم تروا غير ايران وايران ) كالببغاوات .

    • زائر 8 | 2:01 ص

      سوف يضجّ كل العالم من هذه الجماعات والدول التي أنشأتهم هي اولهم

      الدمار الذي سيعم لن يستثني احدا وسوف تكون الدول التي رعتهم ودعمتهم هي على رأس القائمة وعن نفسي اتمنى ان يأتي اليوم الذي تلقى فيه هذه الدول نصيبها الاوفر بسبب ما قامة به وزارع الشر لن يحصد خيرا ابدا

    • زائر 7 | 1:34 ص

      الدول الداعمة ستنجح في انشاء دولة إقليمية شاسعة الأطراف .. ام محمود

      في نهاية الزمان سوف تسقط الملكيات كما أخبر رسول الله ص في حديث شريف يعني جميع الملوك سيسقطون عن عروشهم و ظهور داعش و القوى التي تعمل معهم في الخفاء سيعجل بهذا الامر الداعشيون يتقدمون بسرعة كبيرة و سينجحون في اقامة دولتهم الإقليمية و زعيمها سيظهر لاحقا بالمواصفات الامريكية و سيكون قاسي الملامح في وجهه اثار جدري و سيعمل مجازر اكثر من الان هناك قيادات دينية ستظهر مع جيوش مسددة من السماء ستحقق بعض الانتصارات .. امريكا ظهرت على حقيقتها في دعم المتطرفين و في تغيير خارطة المنطقة بدون خجل على المكشوف

    • زائر 5 | 11:49 م

      صدقت يادكتور

      ومن الجهات الفاعلة خارج الدولة العم( سام)او ماتسمى بامريكا فهي الآمر الناهي ولولا منحها الضوء الاخضر للدول الحليفة والصديقة على حد زعمها في قمع المعارضبين لما تجرا اجدا من تحريك آلة عسكرية من والى فالاسلحة اسلحتهم وبيعها على هذه الانظمة وفق شروط معينة ولقمع الشعوب فقط اما تحريكها ضد دولة ما فهذا يحتاج الى اذن مسبق. الا ترى يادكتور ماذا اعقب زيارة كيري الى الدولة التي اشرت اليها والتي بدا يقترب منها الداعشيون وما تلاها من تغيير في المناصب .معنى ذلك ان امريكا هي صاحبة القرار في المنطقة

    • زائر 3 | 11:03 م

      لا بد من إعطاء داعش الفرصة للعمل و إبراز طاقاتها الإبداعية ... فالكبت يولد الإنفجار (2)

      سمعت ذات مرة أحد الكتاب البريطانيين يقول في 2009 (لا يحضرني إسمه و إن كان يحضرني شكله) ... إذا كان الشرق الأوسط لا يصدر لنا سوى النفط و الإرهاب ... فلنأخذ منهم النفط و لنعد لهم الإرهاب .. و هذا ما يحصل اليوم .... فبعد أن كانت أنظمة قمعية كنظام مبارك و صدام و القذافي تقمع الجهاديين و تدفعهم إلى الهجرة لينتهي بهم المطاف لقتال الصليبيين في داخل أوربا .... إرتئى الغرب أن يعيد هؤلاء الجهاديين إلى حاضنتهم الأم حتى يقيموا دولة الخلافة و يقيموا الشريعة و الحدود الإسلامية حسب الرغبة، و تم لهم ذلك.

    • زائر 2 | 10:51 م

      لا بد من إعطاء داعش الفرصة للعمل و إبراز طاقاتها الإبداعية ... فالكبت يولد الإنفجار (1)

      إعادة توطين القدرات الإرهابية إلى العالم الثالث هي أحد أهم المهمات التي يوليها زعماء أمريكا و أوربا اليوم جل إهتمامهم .... فبدلا من أن يتم قمع هذه الطاقات الإرهابية و دفعها للهجرة نحو الشمال الأوربي الأمريكي لينتهي بها المطاف بتفجير ميترو لندن أو قطارات مدريد أو مطارات نيويورك .... لماذا لا يتم إعطائها المجال للعودة إلى الوطن الأم للعمل بأريحية في بنغازي و دمشق و بغداد و الرياض و أبوجا و صنعاء و بامكو؟

    • زائر 1 | 10:32 م

      اختلف معك في تحليلك هذا اليوم

      هناك دولة تقوم كل أجهزتها بسرية بدعم تلك الجماعات لمقارعة عدو وهمي وحرفا لبوصلة فلسطين التي نسيت فهي تدعم بالفتاوي وتحت عينها المتشددين وهي تسمح بجمع التبرعات لهم وهي الحاضن الرئيسي للفكر المتشدد وهي تقصي نسبة كبيرة من مواطنيهم عن مفهوم العدالة لذلك الكثير منهم مشروع حور العين بتفجير الابرياء ونفسه والحل هو كبح جماح هذه الدولة بمشاركة مواطنيهم بإدارة بلدهم وعدم تهميشهم وايضا محاربة دعاء الفتنة والتشدد ونشر التسامح بدل التشدد الذي تخطى بلدهم للعالم كله

اقرأ ايضاً