العدد 4314 - الأحد 29 يونيو 2014م الموافق 01 رمضان 1435هـ

انتهاء الفصل التشريعي الثالث وتطلعات المعارضة الوطنية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

بعد خلو مجلس النواب من كتلة المعارضة الوطنية في فبراير/ شباط 2011، تاركة كل الامتيازات المالية والسياسية وراء ظهورها، ولم تكن تقصد إلا إعطاء العمل النيابي قيمته التشريعية والرقابية الحقيقية، وتحقيق المصالح الوطنية العليا، وتطبيق العدالة والمساواة والإنصاف بين جميع المواطنين في كل المجالات، وإنهاء التمييز بكل أشكاله، وضمان العزة والكرامة لكل مكونات الوطن.

وتهدف إلى رفع المستوى المعيشي للمواطن بتنوع مصادر دخله وزيادة الرواتب في القطاعين العام والخاص، لإبعاده عن العيش تحت مستوى خط الفقر، وحل المشكلة الإسكانية المتفاقمة التي تعاني منها 56 ألف أسرة بحرينية لسنوات طويلة تصل عند بعضها إلى أكثر من 20 عاماً، وإرجاع أملاك الدولة كاملة إلى مكانها الطبيعي، وحل مشكلات صغار التجار، والتقليل من الدين العام الذي يثقل كاهل الاقتصاد الوطني، واحترام حقوق الإنسان والطفل والمرأة، وإنهاء حالة التوتر الأمني والسياسي الذي تعاني منهما البلاد والعباد منذ أكثر من 39 شهراً.

كانت المعارضة الوطنية تريد أن توجد قاعدة أخلاقية وإنسانية وقانونية في التعامل مع كل مكونات البلد العرقية والطائفية والمذهبية، ليشعروا جميعاً أن الوطن للجميع والأمن للجميع، وأن لا أحد فوق القانون بسبب الانتماء الطائفي أو المذهبي والعرقي والسياسي.

كانت تريد أن يكون الكل أمام القانون سواء، حسب ما جاء في ميثاق العمل الوطني، وكانت تطالب بمجلس نيابي يتمتع بكامل صلاحيته التشريعية والرقابية، وبدوائر انتخابية عادلة يكون فيها صوت لكل مواطن، وأن يكون النائب فيه يعمل بإخلاص وتفانٍ لمصلحة الوطن والمواطنين، وليس لتحقيق مصالحه الخاصة.

كانت تريد منه أن يبذل الجهود الكبيرة لتنمية وتطوير كل مدن وقرى البلاد، ولا ينادي بتنفيذ وتوزيع المشاريع الإسكانية على أسس طائفية، ليعم الخير جميع محافظات البلاد الخمس دون تمييز؛ وأن يستفيد الوطن من كل الطاقات والإمكانيات والكفاءات والخبرات الوطنية المخلصة للمشاركة الفعالة في التنمية الشاملة في مختلف المجالات.

كانت تريد أن ينظر إلى الاختلافات في وجهات النظر السياسية بأنها ظاهرة صحية وليست عدائية، وأنها السبيل لتنوع الأفكار والأطروحات العلمية والعملية، وأن يكون الوطن في مقدمة الدول التي تحترم وتقدر معتقدات مختلف المذاهب والملل، وأن يؤخذ في جميع الوزارات والدوائر والهيئات الحكومية بمبدأ المواطنة الحقيقي، وبمبدأ تكافؤ الفرص في التعيينات وحركة التوظيف والترقيات والحوافز والمكافآت لتنمية مبدأ التنافس الشريف بين أبناء البلد الذي يكون أساساً يُعتمد عليه في التنمية الشاملة؛ وأن يعتمد المجلس النيابي في مساءلته ومحاسبته لأية جهة رسمية أو شبه رسمية أو خاصة تمارس التمييز بين المواطنين على مبدأ تجريم التمييز، وأن لا يتهاون في مكافحة الفساد الإداري والمالي.

كانت المعارضة الوطنية تريد الارتقاء بكل المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية والخاصة، وتعتقد أن الإيرادات الاقتصادية والخيرات التي أنعم الله بها على البلاد، إذا ما استغلت بشكل صحيح، سيكون لها انعكاسات إيجابية على واقع المواطنين المعيشية والإسكانية والصحية والخدمية وفي جميع مفاصل الحياة.

وتجد أن مجلساً نيابياً مكبلاً أو مشلولاً أو فاقداً للصلاحيات الكاملة لا يمكنه أن يحقق أي طموح أو إنجاز للوطن والمواطن، والتجارب العملية خير برهان على هذا الكلام. وإذا أضيف إلى كل تلك النواقص في الصلاحيات، نواب ليس لديهم الرغبة أو غير قادرين على استيعاب كل مساحات الوطن، تكون مسألة التغيير وتحقيق مصالح البلاد والعباد صعبةً جداً، لأنهم ينظرون إلى الوطن بأعين متعددة وليس بعين واحدة، فإذا تعامل النائب مع مطالب المواطنين بنفسية مذهبية بغيضة لا يتوقع منه أن يكون عاملاً إيجابياً ومؤثراً في تنمية وتطوير البلاد، وإنّما سيكون عاملاً سلبياً يساعد على تراجع البلاد في كل المجالات التي يعتمد عليها الوطن في مسألتي التنمية والتطوير. وهذا ما حدث مع الأسف الشديد في السنوات الأربع الماضية.

والواقع النيابي السلبي ليس خافياً على أحد من المواطنين اليوم، فهو لم ينتج شيئاً مفيداً للوطن والمواطن على مدى الدور التشريعي الثالث على وجه الخصوص، وإذا قالت المعارضة أن إنجازاته تقترب أو تساوي الصفر لا نلومها، فلم يكن للمجلس الأخير أية مبادرات سياسية واقعية لإنهاء الأزمة السياسية التي بدأت في 14 فبراير 2011، بل كان له دور بارز في تفاقمها بصورة خطيرة جداً، من خلال التعامل معها بطائفية بغيضة، ولم يتعامل معها بأنها أزمة سياسية تحتاج منه أن يبذل جهوداً كبيرة لإيجاد توافق سياسي بين الأطراف السياسية المعنية.

المعارضة كانت ومازالت وستبقى تنظر إلى أعضاء المجلس النيابي بأنهم أخوة في الوطن، وكانت تطمح أن يتعاملوا معها بنفس النظرة الوطنية الإيجابية وليس بنظرة عدائية، والمعارضة لا تخلط بين الاختلافات السياسية والعلاقات الإنسانية والاجتماعية، لأنها تؤمن أن الاختلافات السياسية يجب أن لا تؤثر مهما كان، على علاقات الناس الإنسانية والاجتماعية، فلهذا لم تسمح لنفسها بقطع تواصلها الإنساني مع من لديه القابلية النفسية في التواصل الاجتماعي.

ونعتقد أن الروح الإنسانية الإيجابية كفيلةٌ بإذابة الجليد المصطنع بين المواطنين، وإزالة الأوهام الواهية من أذهانهم التي ليس لها نصيب في الواقع. والمعارضة تريد من خلال مطالبتها بالإصلاح الشامل نقل البلاد من الأزمات المتكررة إلى التنمية الشاملة في كل المجالات. وفي اعتقادها أنه لا يتم تحقيق هذا المطلب إلا إذا أصبح «الشعب مصدر السلطات جمعياً» كما جاء في الدستور.

وهي تنظر إلى المرحلة السياسية القادمة ما بعد انتهاء الدور الثالث لمجلس النواب باعتباره فرصةً سانحةً لفتح حوار أو تفاوض جاد بين الحكم والمعارضة للخروج بتوافق سياسي ينهي الأزمة السياسية في البلاد. وقبل البدء في هذه الخطوة يتطلب أن يسبقها مؤشرات إيجابية على الأرض، من ضمنها إطلاق سراح المحتجزين (المحكومين والموقوفين) الذين سُجنوا أو أوقفوا على خلفيات سياسية، وإنهاء المظاهر الأمنية في الشوارع، والسماح للناس بممارسة حقهم في التعبير عن آرائهم من غير خوف ولا وجل؛ وإفساح المجال للصحافيين بممارسة واجبهم المهني في الكتابة، ووقف الإعلام المحرّض على الطائفية، وإرجاع جميع المفصولين إلى أعمالهم وتعويضهم عن الأضرار المالية والمهنية والنفسية التي أصابتهم في فترة الفصل. وتبدأ كل الأطراف الاجتماعية في المشاركة الفعالة في بناء الثقة على أسس وطنية بعيدة عن كل المؤثرات الطائفية والمذهبية والعرقية، فالكل يجب أن يذهب إلى حل يحقق المطالب الشعبية التي اتفق العالم الإنساني بسهولة تحقيقها، ليعم الأمن والسلام في ربوع وطننا الحبيب ويرجع الناس إلى سجاياهم الأخلاقية الراقية التي عرفوا بها طوال تاريخهم الإنساني.

إننا نسمع دائماً في لقاءات قوى المعارضة، الخاصة والعامة، تتحدث بمحبة ومودة عن كل مكونات البلاد، وتطالب بإلحاح بترسيخ اللحمة الوطنية بين جميع أطياف المجتمع البحريني الواحد.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4314 - الأحد 29 يونيو 2014م الموافق 01 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:54 ص

      مستحيل

      الى اخي ابو محمد... ان الديمقراطيه والاصلاح الذي تنشده لن يكون حتى يلج الجمل في سم الخياط ,ودوننا خرط القتاد.

    • زائر 1 | 12:52 ص

      نقف لكم وقفة اكبار واجلال معارضة الشرف

      مواقفكم تشي عن حب للبحرين خروجكم مشرف من دخل مكانكم كفرصة استغلها لمصالحة الشخصية واستفاد منها فهي ستلبسه العار ابد الدهر نقول سنظل نطرق الباب بسلمية حتى نكسر التفرد برقابنا

اقرأ ايضاً