العدد 4328 - الأحد 13 يوليو 2014م الموافق 15 رمضان 1435هـ

الحجاج بن يوسف الثقفي يبعث حيّاً

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

نعم الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي جسّد أبشع ما في شخصية القائد المدّعي للإسلام من عنف أعمى والاستهانة بالإنسان واستباحة الدماء. بُعث من جديد في شخصية المدعو الخليفة أبوبكر البغدادي، وعلى منبر الجامع الكبير في الموصل حيث خطب في أول خطبة جمعة في السابع من رمضان 1435هـ الموافق 5 يوليو 2014.

أبوبكر البغدادي وصل في مركب من سيارات الدفع الرباعي السوداء المظللة وسيارات تحمل مدافع رشاشة ومسلحين ملثمين، وتجهيزات تشويش إلكتروني متطورة، وبالطبع فريقاً إعلامياً متميزاً. البغدادي الذي بويع بالخلافة على المسلمين جميعاً من مشارق الأرض ومغاربها من قبل الدولة الإسلامية المعلنة على الأراضي السورية والعراقية، والتي لا تعرف حدوداً ولا سدوداً، اعتلى المنبر وهو يلبس لباساً أثرياً أسود، وبيده ساعة سويسرية غالية جداً، وقد أسدل لحيته، ولبس عمامة سوداء أيضاً تذكرنا بالخليفة العباسي أبوالعباس السفاح.

الخليفة الجديد أبوبكر البغدادي تقمص فعلاً دور خليفة المسلمين، وخاطبهم بالصفة ذاتها، خطبته العصماء نقلت عبر «اليوتيوب» وأضحت معروفة، مستعيراً خطبة الخليفة الراشدي أبوبكر الصديق بعد تحريفها، مؤكداً على مرجعيته المطلقة، ثم استعرض الانتصارات التي حققتها «داعش» وخليفتها الدولة الإسلامية، وهي انتصارات يندى لها جبين المسلمين والبشرية، والتي أعادتنا إلى عهود غزوات المغول والتتار والصليبيين، وبالطبع غزوات القبائل العربية وحكام المسلمين وجيوشهم في عصر الاستبداد والانحطاط. وانطلق من ذلك ليطلب المبايعة من جميع الحكام والمواطنين المسلمين، مهدداً إياهم بالاستباحة.

تكمن خطورة مشروع «داعش» في ثلاث نواحٍ، أولها الفكر الظلامي التكفيري والطائفي، ورأينا تجلياته في نفيهم التام ليس لخصومهم فقط بل ومن يختلف معهم فكرياً ومذهبياً. وقد رأينا المجازر التي ارتكبوها ضد كتائب النصرة والجيش الحر وقوات الاتحاد الكردي في سورية، وضد الجيش العراقي وقوات البشمركة وكتائب العشائر السنية في العراق. وهم في قتالهم ضد خصومهم لا يتورعون عن استباحة السكان والممتلكات حيث يقومون بإعدام الأسرى، وحتى المواطنين العاديين، وطردهم من قراهم وسبي نسائهم. وهذا ينطبق أيضاً على المختلفين معهم دينياً أو مذهبياً مثل المسيحيين حيث عمدوا إلى العبث بالكنائس وتحويلها لمقرّات لهم، كما احتلوا أو هدموا مساجد وحسينيات المسلمين الشيعة. إلى جانب اتباع سياسة التطهير العرقي بحق المسيحيين والشيعة والأكراد واليزيديين، وغيرهم ممن لا يعتبرونهم من أهل السنة والجماعة ولكن بتفسيرها الأصولي، وإغلاق الجامعات والمعاهد والمدارس والمراكز الثقافية، وتطبيق الحدود الاعتباطية في كل شيء.

الناحية الثانية هو أنه وفي ظل الحرب الأهلية المعلنة في سورية وغير المعلنة في العراق، وبدعم من بعض دول الجوار، والعديد من الأثرياء الأصوليين العرب والمسلمين وكذلك الاستخبارات الغربية والأميركية والتركية والعربية، فقد صعدت الدولة الإسلامية «داعش»، مؤخراً بقوة وسط الفوضى والخراب من خلال اجتذاب الشباب المشحون بأفكار التطرف واستطاعت من خلال غزواتها الاستيلاء على النفط السوري، ونهب المليارات من الدولارات من فرع المصرف المركزي العراقي في الموصل، ومصادرة الكثير من الأموال والثروات في المناطق المنكوبة، وبالطبع الاستيلاء على ترسانة من الأسلحة الحديثة في سورية أولاً ثم العراق مؤخراً، بدءاً بالصواريخ وانتهاءً بالدبابات. وهكذا توفر لها قوة عسكرية حديثة مسلحة جيداً ومؤدلجة بحدّة.

الناحية الثالثة هو توفر البيئة الحاضنة في أوساط سنة سورية والعراق خصوصاً بفعل السياسات الفاشلة والخاطئة لتعاطي الحكم العراقي معهم وفشل ضمهم لمشروع وطني سياسي شامل، بعيداً عن التمييز والامتيازات ويستند إلى المواطنة المتساوية، والانتماء للوطن (العراق). ذلك بالطبع ليس تبريراً لدعاوى داعش ووعودها، فهي لا تطرح البديل الأفضل بل تطرح بالممارسة ما هو أسوأ بكثير.

الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، والدول العربية وفي مقدمتها الخليجية، يسارعون اليوم لتجريم الدولة الإسلامية وأفكار خلافة أبوبكر البغدادي، وقد استنفروا كل إمكانياتهم العسكرية والسياسية والفقهية والإعلامية لمواجهة خطر دولة الخلافة، التي تنكر عليهم شرعيتهم في تحدٍّ خطير، ويسارعون لإنكار ما قاموا به في دعم مشروع الدولة الإسلامية والجماعات التكفيرية والطائفية والتي لا تقتصر على المقاتِلة منها في سورية والعراق، بل تمتد كالأخبطوط في كل الدول العربية تقريباً. هذه الجماعات التكفيرية المقاتلة وعلى رأسها داعش، ليست نبتاً غريباً، بل هي نتاج الرعاية والدعم والتعليم والتثقيف الرسمي والأهلي، وضمن مشروع أكثر من نظام عربي لاحتواء ومواجهة واستئصال حركة الشعوب العربية من أجل الحداثة والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، والتي تكسرت موجة بعد أخرى على صخرة أنظمة الاستبداد، وآخر تجلياتها تعاملهم مع موجة الربيع العربي، ربيع الحرية والكرامة والعدالة، الذي هبّت نسائمه من تونس البوعزيزي، ولم يتورعوا عن قمع شعوبهم، وتشويه الحراك وحتى إشعال الحروب كما في ليبيا وسورية والعراق واليمن.

عسى أن تشكل صدمة داعش وقائدها الخارج من كهوف التاريخ أبوبكر البغدادي، مراجعةً صادقة للنفس من النخب السياسية والدينية والثقافية العربية، والتحرك السريع لحل أزمة التنازع على السلطة في بغداد ودمشق، وإيقاف تمدد دولة هولاكو المعاصرة قبل فوات الأوان.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4328 - الأحد 13 يوليو 2014م الموافق 15 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 8:19 ص

      هادى

      هادى وحده من جرايم الحجاج كان يقتل شيعة علي عليه السلام ويوضعهم فى الجدار ويبنى عليهم وكان فى الليلة الواحدة يقتل من انصار علي عليه السلام 1000 علوى الله يحشر البغدادى مع الحجاج فى نار جهنم وهاده الى راح اصير والله كريم

    • زائر 17 | 7:38 ص

      اقراء التاريخ من الاخير

      سوف يقشعر شعر بدنك ان عرفت من هو الحجاج بن يوسف الثقفى وبنى اميه والعباسيين هائولاء خلفاء المسلمين اللهم اعشرؤة معهم يوم القيامه هادا الدى قيل فيه وما بعثته الئ رحمة للعالمين

    • زائر 15 | 6:06 ص

      مقال رائع

      تحليل ممتاز و النتيجة كما ذكر الكاتب نتمنى من الحكام العرب أن يصحوا من سباتهم و يتصالحوا مع شعوبهم ترى الدنيا دواره و في لحظات قد ينتهي كل شيء.....

    • زائر 10 | 4:19 ص

      وتبريرك اوهن من بيت العنكبوت اذا كانت غنيمة فلماذا يختص بها لنفسه

      يا فهبم أولا تقول ان الساعة تقليد وفالصوا وما تلبث ان تنقلب لتجعلها ثمنية لأنها غنيمة من احد الضباط اعطاها اياه المالكي والقصد ان المالكي يسرق قوت الشعب ويعطيه للضباط والدليل هذه الساعة الثمنية!!
      ويا قاريء للتاريخ جيدا هل رأيت النبي ص او احد الخلفاء الراشدين اختصّ لنفسه بأغلى غنيمة من الحروب وماذا يعني ذلك هل هناك بيت مال لصاحبك والذي تدعوا له ام له الحق في مال الناس واعراضهم وكلكم عبيد له؟

    • زائر 8 | 3:30 ص

      المضحك المبكي

      هل قتل الاطفال والنساء والشيوخ يعتبر انتصارات الغالب بالشر مغلوب (امام علي)عليه السلام

    • زائر 7 | 3:14 ص

      هذا ليس الحجاج

      رغم أن الحجاج موجودا ومتجسدا في الإنسان العربي المقهور ومنهم انت ولكن البغدادي بعيد عن الحجاج فهو يمثل ظاهرة بؤس الوضع السياسي في العراق وسوريا فكيف استطاعت تلك الجيوش من عبور الأراضي السورية ودخولهم العراق وهم يقطعون آلاف الكيلومترات بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة ويستولون على اكبر واهم محافظة عراقية امام مرأى الجيش العراقي الذي هرب ( شرد ) اليست هذه خيانة من رئيس حكم الإستعمار

    • زائر 5 | 3:03 ص

      <>~#

      هههههههه اي والله كلامك عدل يمكن تقليد او مبيوقه مثل ماقلت بس الكل خلو نوع لثياب اللي يلبسها هل هي حرير او لا ودارو حق ساعته هههههه.

    • زائر 4 | 3:00 ص

      مهما قدحت فيه

      ما قلت انت عنه يبقى الحجاج رجل دولة من الطراز الاول ساهم في تأسيس احد اعظم الدول العربية على مر العصور و لكن حقدك الطائفي يعميك

    • زائر 12 زائر 4 | 5:44 ص

      رجل دولة!!!

      اذا كان الحجاج السفاح رجل دولة من الطراز الاول و مؤسس لأعظم الدول اذاً القذافي و الأسد هم مثله بل افضل منه الف مرة فالماذا دعمتم اسقاط الاول و تستميتون في تمويل و اسقاط الثاني؟!!

    • زائر 16 زائر 4 | 6:22 ص

      الحجاج رجل دولة من الطراز الاول

      لم تعرف الحجاج يا من مدحته
      قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : " لَوْ جَاءَتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِخَبِيثِهَا وَجِئْنَا بِالْحَجَّاجِ لَغَلَبْنَاهُمْ " .
      و من محاسنه رمي الكعبة بالمنجنيق
      و قال هشام بن حسان: أحصوا ما قتل الخحاح صبراً فبلع مائة و عشرين ألف
      و من ضمن من قتلهم كان قارئ القراّن سغيد بن جبير
      لك أيضا أن تسأل عن سجونه و أنها كانت بلا أسقف تظل من حرارة الشمس و كان تخوي النساء و الرحال و جلاوزته كانوا يضربون السجناء لإبعادهم من أن يستظلوا بجدران سجونه

    • زائر 1 | 1:47 ص

      هذه اعجبتني

      وبيده ساعة غالية جدا.. ههههه ليكون انته اللي بايعها عليه ؟ يمكن اتكون تقليد ؟ مكثر الساعات الرولكس التقليد !!!ههههههه انا لابس وحده مثلها بخمسه دينار رخيصة جدا جدا مووو؟ عجبتني منك (غالية جدا)... خلني اقول لك شقصة هذي الساعة الغالية جدا ... هذي الساعة غنيمة من غنائم الحرب وكان يلبسها ضابط عراقي اهداها اياه نوري المالكي من اموال الشعب المسروقة وبعد مقتله اغتنمها البغدادي لانها كانت نفس مقاس يده اليمنى.

    • زائر 2 زائر 1 | 2:58 ص

      يعني الداعشي مجرد لص !

      ضحالة في التفكير وتبرير سخيف !

    • زائر 9 زائر 1 | 3:47 ص

      فاضي حدك !!

      يعني ما عجبك من المقال ولفت انتبهاك الا موضوع الساعة؟! السيارات اللي كانت في موكبه مو اغلى من الساعة بالف مرة؟! عربة التشويش الالكتروني مو اغلى من الساعة الف مرة؟! واللي سارقنهم من اموال الشعب السوري والعراقي،يعني حرام في حرام.

    • زائر 19 زائر 1 | 4:39 م

      مو حلوة بحق امير المؤمنين

      امير المؤمنين ما يلبس تقليد يا هذا، هذي الساعة غنيمة من احد قتلى الغزوات التي خاضها الخليفة

اقرأ ايضاً