العدد 4330 - الثلثاء 15 يوليو 2014م الموافق 17 رمضان 1435هـ

التمييز بالتمكين السياسي استباحة لحقوق المواطنة

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

التمييز ممارسة مذمومة إنسانياً ودينياً واجتماعياً وحقوقياً وسياسياً، وعلى جميع المستويات. والتمييز بين الأفراد والجماعات من المواطنين، سواءً في الأداء الإداري أو العمل الخدمي أو الحقوقي أو السياسي، والتمييز في كلا إتجاهَيْهِ، سواء المانح لحقٍ لغير مستحقيه، أو المانع للحق عمن يستحقه، هو سيان في الخطأ والتعدي على مبادئ العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.

فالعدالة والمساواة، هي ذاك الميزان الذي لا يميل مؤشره، ذات اليمين وذات الشمال، وتمتد كفتيه على خط الصراط المستقيم، لا تنزل واحدتها عن مستوى الأخرى، حال احتوتا حقاً بمقدار، أو واجباً بمقدار، أو حكماً بمقدار، سواء كان إحقاقاً على، أو استحقاقاً لأي كائن ومخلوق وإنسان، مواطناً كان أو مقيماً. فلكلٍّ حقه وعليه واجبه، بما لا يخالف المعيار العام المطبق على الجماعة، فلا يجوز الإكثار أو الإنقاص، لا في الحق ولا في الواجب، بالتفريق بين المواطنين على مستوى الوطن، والتقسيم إلى أصل ولون ولغة، أو إلى دين ومذهب، أو قبيلة وعائلة أو منطقة، وكذلك على المستوى الإنساني العام، بين إنسان وآخر.

فهل يصح التمكين السياسي لأفراد أو جماعات في المجتمع، بالتمييز والخروج على مبدأ العدالة والمساواة، بمثل ما جاء به المرسوم رقم 29 لسنة 2002 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية... للانتخابات العامة لمجلس النواب، الذي قسّم المملكة إلى خمس مناطق انتخابية، لكل منها عدد من الدوائر الانتخابية، ولكل دائرة نائب واحد، كما التالي:

منطقة العاصمة: 8 نواب لثمان دوائر.

المحرق: 8 نواب.

الشمالية: 9 نواب.

الوسطى: 9 نواب.

الجنوبية: 6 نواب.

هذا التوزيع للدوائر استمر ثابت الأرقام دون اعتداد بالزيادة السكانية وبلوغ نسبة من المواطنين السن القانونية لمباشرة الحقوق السياسية، ووفاة نسبة أخرى، بتوالي السنوات إلى العام 2006 والعام 2010، فإن غابت العدالة والمساواة بين المواطنين، كما في نص المرسوم وتطبيقاته، كما سنبينه فيما يأتي، من احتساب الثقل الانتخابي، والثقل المواطني المختلف بين المواطنين، باختلاف المناطق الانتخابية لكل مواطن، فقد غابت في جميع انتخابات مجلس النواب للفصول التشريعية الثلاثة السابقة للسنوات الاثنتي عشرة التي مضت.

فبحسب الإحصائيات الرسمية لانتخابات الفصل التشريعي الثالث لمجلس النواب 2010، فإن توازع ثقل الصوت الانتخابي لكل مواطن، والثقل المواطني لكل مواطن في منطقته الانتخابية (المحافظة)، جاء كما يبين الجدول التالي:

العاصمة – 8 نواب - الكتلة الانتخابية 38460 – المواطنون 79727.

المحرق: 8 نواب- الكتلة الانتخابية 63037 – المواطنون 107287.

الشمالية: 9 نواب – الكتلة الانتخابية 107008 – المواطنون 198100

الوسطى: 9 نواب – الكتلة الانتخابية 98147 – المواطنون 177781

الجنوبية: 6 نواب – الكتلة الانتخابية 17479 – المواطنون 36974.

الثقل الإنتخابي والثقل المواطني جاء ماساً بمبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين، باختلاف المناطق الانتخابية، ففي حين أن الثقل الانتخابي للمواطن في المنطقة الشمالية 8 نقاط لكل عشرة آلاف مواطن، نجده يصل إلى 34 نقطة لكل عشرة آلاف مواطن في المنطقة الجنوبية، بما يصل لمواطني المنطقة الجنوبية، إلى أكثر من أربعة أضعاف، ما للمواطن في المنطقة الشمالية من ثقل انتخابي، فواضحٌ التفاوت الفاضح للثقل الانتخابي لكل مواطن بين المواطنين، كما التالي:

المنطقة الشمالية 8 نقاط، المنطقة الوسطى 9 نقاط، منطقة المحرق 13 نقطة، منطقة العاصمة 21 نقطة، والمنطقة الجنوبية 34 نقطة.

وكذلك الثقل المواطني لكل مواطن يختلف أيضاً على نفس الخلفية المناطقية، فمواطن المنطقة الشمالية يحوز 5 نقاط لكل عشرة آلاف مواطن، ومواطن المنطقة الوسطى يحوز أيضاً 5 نقاط، في حين أن مواطن منطقة المحرق يحوز 7 نقاط، ومواطن منطقة العاصمة يحوز 10 نقاط، أما المنطقة الجنوبية فيحوز المواطن فيها على 16 نقطة.

وبهذا التفريق بين المواطنين للتمثيل النيابي، تُفَرِّق السلطات بين المواطنين بتصنيفهم إلى درجات، فمواطنو الدرجة الأولى هم قاطنو المنطقة الجنوبية، ومواطنو الدرجة الثانية هم قاطنو منطقة العاصمة، ومواطنو الدرجة الثالثة هم قاطنو منطقة المحرق، ومواطنو الدرجة الرابعة هم قاطنو المنطقة الوسطى، في حين أن قاطني المنطقة الشمالية هم مواطنون من الدرجة الخامسة.

وقد تم مؤخراً الحديث عن تحريك كرسي نيابي أو كرسيين، من المنطقة الجنوبية ليضاف كرسيٌ لمواطني المنطقة الشمالية، وكرسي للمنطقة الوسطى أو العاصمة، أو سيناريو آخر مشابه، وعلى خلاف ما تعودنا عليه من صراخ النواب والجمعيات الموالية للحكومة، رفضاً لأي تغيير لا يصب في مصلحتهم الضيقة، دون أدنى اهتمام بالمصلحة الوطنية، والذي لربما يكون، نقول لربما يكون خطوة في سبيل حل الأزمة الدستورية والسياسية والحقوقية في الوطن، على خلاف ذلك فقد رأينا بعضاً من أولئك النواب، وبعضاً ممن أعلنوا نيتهم الترشح للفصل التشريعي الرابع للمجلس النيابي، يباركون هذه الخطوة الحكومية، في تبنٍّ لمقولة أنه من الضروري مراجعة توزيع الدوائر الانتخابية، كل عقد من الزمان، على رغم وصفهم للفكرة بأنها في صالح المعارضة.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4330 - الثلثاء 15 يوليو 2014م الموافق 17 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:37 ص

      ابداع

      تسلم اناملك على هالمقال الرائع

    • زائر 1 | 4:01 ص

      هم يعرفون مدى خطورة هذا التلاعب لذلك الهوس في التجنيس

      هذا الهوس في التجنيس واغراق البلد بكل من هبّ ودبّ حتى يجون للهنود والبنغالية والباكستانية ناس ما لهم شغل بالسالفة يأمروهم بالتقدم للحصول على الجنسية وكل ذلك من اجل ضربنا نحن الطائفة الشيعية ولكن لنا رب لن ينسانا ونحتسبه في بلائنا ان شاء فرّج عنا غصب عنهم وان شاء اجّل ذلك لكي نقف مع كل من ظلمنا في موقف عصيب ولن نسمح ولن نغفر لاحد ساهم في ظلمنا وهكذا اقتضت حكمة الله الامداد للظالمين فهم يزدادون اثمنا وذنوبا ونحن نزداد تمحيص ومكانة عند الله وسيوفينا اجور الصابرين

اقرأ ايضاً