العدد 4333 - الجمعة 18 يوليو 2014م الموافق 20 رمضان 1435هـ

الأكاديمي فيصل الملا يوقع «تأملات في قضايا التعليم العالي»

فيصل الملا
فيصل الملا

موضوعان اثنان استحوذا على قصب السبق في النقاش الذي دار بعد توقيع كتاب «تأملات في قضايا التعليم العالي»، وهما أهمية البحث العلمي والتعويل عليه، وموضوع نجومية الأستاذ الأكاديمي، بما يعكس تقدير المجتمع له وتصدره وقيادته للمشهد الثقافي، وهي الحالة المفتقدة والمأسوف عليها في المجتمع العربي، من قبل الباحث والأستاذ الجامعي فيصل حميد الملا.

وكان الملا قد وقع كتابه «تأملات في قضايا التعليم العالي» خلال أمسية ثقافية حضرها وأثرى نقاشها مجموعة من الباحثين والأساتذة الجامعيين في الملتقى الأهلي بمركز كانو الثقافي.

وخلال الأمسية توقف الملا مع بعض الموضوعات التي نثرها في الكتاب مجلياً رأيه فيها. احتوى الكتاب على ستة فصول في 189 صفحة من الحجم المتوسط، في طبعته الأولى الصادرة عن مطبعة الاتحاد بالمنامة، حيث عَنوَنَ فصله الأول بالتعليم العالي في ظل تحديات الواقع ورؤى المستقبل، ثم الفصل الثاني التعليم العالي في ظل ثقافة الجودة، والفصل الثالث التعليم العالي في ظل ثقافة سوق العمل، والفصل الرابع التعليم العالي في ظل انتشار الجامعات الخاصة، والفصل الخامس التعليم العالي في ظل أزمة البحث العلمي، وختم بالفصل السادس التعليم العالي في ظل محنة الأكاديميين.

ظلال تحتاج لإضاءات

اتخذ الملا من مفردة «الظل» متغيراً يعالج به كل مشكلة من مشكلات التعليم العالي، فكان التعليم العالي ثابتاً والمتغيرات تتعاقبه كالظلال التي لابد من إضاءتها من خلال مجموعة من المقالات المختلفة التي تعكس في النهاية حزمة من الآراء التي ارتآها سبيلاً لسبر محنة التعليم العالي في البحرين والوطن العربي عموماً، بما يعكس رأي أحد الأكاديميين والمشتغلين بقضايا وهموم التعليم العالي من داخل الحقل نفسه.

وتكاد العناوين التي تقدمت المقالات نفسها تبوح بما فيها وتكون علامة دالة على ما داخلها من هموم أو آراء ذهب إليها الباحث، ومجيبة بشكل مباشر على غرضها منذ عنوان حتمية التعليم العالي في الوطن العربي، وإصلاح التعليم العالي: دعوة لنقد الذات، وجدلية دور الجامعة كمصدر لإحداث التغيير.

أسئلة محيرة

بالإضافة إلى مجموعة من المقالات جاءت عناوينها كأسئلة تعكس هموم وانشغالات أساتذة الجامعة من قبيل هل حقق التعليم العالي الأهداف المرجوة؟، هل مؤسسات التعليم العالي تنتج المعرفة أم تستهلكها؟، إلى متى وتعليمنا العالي يكرس ثقافة الذاكرة؟ ثقافة الجودة لماذا تستحوذ على قلة من الأكاديميين؟ تصنيف جامعاتنا ضرورة أم ترف؟ هل كنا في حاجة لأي تقرير يصف واقع جامعاتنا؟، هل تعمل ثقافة السوق على جودة تعليمنا العالي؟ الجامعات الخاصة أحد الحلول أم المشاكل؟ هل مجتمعاتنا بيئات طاردة للكفاءات الأكاديمية والعلمية؟ هل الأستاذ الجامعي نجم المجتمع ومرجعيته الأولى؟

بمثل هذه الأسئلة راح الكتاب يسبر عمق مشكلات التعليم العالي، معتمداً سبيلين لحفز هذه الموضوعات والإجابة على أسئلتها الملحة، أولها ما اختزله الكاتب نفسه من خبرة ومعايشة تجعله ذا رأي حصيف قريب من رؤية الواقع من الداخل، وتلمس موضع الألم ومحاولة التشخيص، ومشاركة القراء ببثه هذه الهموم، والسبيل الآخر هو الاستشهاد بنتائج بعض الدراسات التي تثبت صحة ما ذهب إليه من آراء ومتبنيات كأسلوب من أساليب تغليب الرأي باعتماد ما خلصت إليه بعض الدراسات الحديثة في الشأن المنظور فيه، وإن كان ثمة حاجة لإثبات بعض المصادر التي يمكن للقارئ الرجوع إليها والتعويل عليها في هذا المجال، وهو ما تركه الباحث ولم يثبته في موضعه لا في المتن ولا الهامش.

أزمة البحث العلمي

الموضوعان اللذان استرعيا نظر الحضور وأخذا حظهما من المناقشة والأخذ والرد كانا حول «البحث العلمي ونجومية الأكاديميين»، وهما خاتمة الكتاب، حيث عالج الكاتب في الفصل الخامس التعليم العالي في ظل أزمة البحث العلمي، متوقفاً مع واقع البحث العلمي في المجتمع العربي، مؤكداً أنه قضية تحتاج إلى معالجة جادة تمكننا من النهوض به، حيث ارتأى أن ذلك يتم من خلال ربطه بالدولة والشركات، وسد الفجوة بين البحث العلمي ومراكز صنع القرار، بما للجامعات من دور كبيوت خبرة ومراكز بحث، مستعرضاً طريقة تصنيف مراكز البحث العلمي ومعايير الأفضلية في اختيارها وإشهارها، خاتماً الفصل بما أسماه إحصائيات مؤلمة عن البحث العلمي في تقرير اليونسكو.

نجومية الأستاذ الأكاديمي

أما الموضوع الآخر والأخير فهو التعليم العالي في ظل محنة الأكاديميين، وهو الفصل السادس، حيث عالج فيه الكاتب دور النخب في حركة التطوير، وهل عليها إثبات ذاتها مجتمعياً أم نخبوياً، متوقفاً مع شجون الأستاذ الجامعي في وطننا العربي، ناعياً ذلك إلى أنها ليست محنة للأكاديميين، بل محنة المجتمع العربي نفسه، مؤكداً أن تطوير عضو هيئة التدريس هو المدخل لإصلاح التعليم العالي، متسائلاً هل مجتمعاتنا طاردة للكفاءات الأكاديمية، وهل الأستاذ الجامعي نجم المجتمع ومرجعيته الأولى، مستدركاً أن هذا التساؤل ليس تقليلاً من أصحاب المهن الأخرى، بل وقفة لمواجهة الحقيقة بجرأة وشجاعة، فما فائدة الأبحاث والمنجزات الإبداعية في ظل تعمق الهوة بين المجتمع والأستاذ الجامعي، مؤكداً أن الأخير «كان يعد نجم المجتمع ومرجعيته الأولى لوقت طويل، حيث كان الناجح في حياته من ينجح في دراسته ويحصل على درجات علمية كثيرة تكون أعلاها درجة الدكتوراه التي تكون مفخرة له ولأسرته»؛ لأن مجتمعاتنا كانت تحترم العلم والفكر، أما اليوم فاختلف الأمر، مرجعاً ذلك إلى ثقافة الاستهلاك، وأنه لإعلاء مقام وتقدير مكانة الباحثين الأكاديميين لا بد من تقديم الدعم المادي لهم، بما يمكنهم من الاستقرار المادي والنفسي، لينصرفوا إلى الواجبات الملقاة على عاتقهم ويؤدوها بإتقان وتفان واطمئنان.

العدد 4333 - الجمعة 18 يوليو 2014م الموافق 20 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً