العدد 4338 - الأربعاء 23 يوليو 2014م الموافق 25 رمضان 1435هـ

تونس أمام معضلة الحريات ومكافحة الإرهاب

أثار قرار للحكومة التونسية بإغلاق وسائل إعلام ومساجد يسيطر عليها متطرفون، وإعلانها الجيش والأمن «خطيْن أحمرين» إثر مقتل جنود على يد إسلاميين متطرفين غرب البلاد، مخاوف من عودة الرقابة التي تخلصت منها بعد ثورة 2011.

ففي 16 يوليو/ تموز قتل 15 عسكرياً في هجوم نفذه مسلحون محسوبون على تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، على نقطتي مراقبة تابعتين للجيش التونسي في جبل الشعانبي من ولاية القصرين (وسط غرب) على الحدود مع الجزائر.

وكانت تلك أسوأ حادثة في تاريخ الجيش التونسي منذ استقلال البلاد سنة 1956.

وأعلنت الحكومة في بيان نهاية الأسبوع أن مهدي جمعة قرر «الغلق الفوري للمساجد التي هي خارجة عن إشراف وزارة الشئون الدينية إلى حين تعيين القائمين عليها من قبل سلطة الإشراف وتلك التي ثبت الاحتفاء بداخلها باستشهاد جنودنا البواسل».

وقرر رئيس الحكومة كذلك «الغلق الفوري للإذاعات والتلفازات غير المرخص لها والتي تحولت منابرها الإعلامية إلى فضاءات للتكفير والدعوة إلى الجهاد».

كما أصدر «التعليمات لوزير التعليم وتكنولوجيات الاتصال بالتكفل بالإجراءات اللازمة للتصدي لصفحات التواصل الاجتماعي (فيسبوك أساساً) المنادية بالتحريض على العنف والإرهاب والتكفير».

وأعلنت الحكومة في بيانها «المؤسستين الأمنية والعسكرية خطين أحمرين» محذرة من أن «أي شخص أو مجموعة أو حزب أو مؤسسة تقدح في المؤسستين الأمنية والعسكرية أو تنال من شرفيهما يعرضون أنفسهم للتتبع القضائي العدلي والعسكري».

وتهدف هذه الاجراءات بحسب السلطات، إلى استرجاع «هيبة» الدولة التي ضعفت منذ ثورة 2011 ومحاولة السيطرة على إذاعات وتلفزيونات عديدة تعمل دون تراخيص.

لكن بعض الأصوات ارتفعت محذرة من التراجع عن الحريات التي اكتسبها التونسيون بعد الثورة، وداعية إلى إيجاد توازن بين الحق في المعلومة ومكافحة الإرهاب.

وقالت رشيدة النيفر وهي عضو في «الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري» لوكالة «فرانس برس» إن السياسيين في بلادها التي تمر بأوضاع صعبة قد يتخذون إجراءات متسرعة لطمأنة الرأي العام.

وأضافت «لكن مكافحة الإرهاب لا يجب أن تكون بالتعسف أو الشعبوية. إن كنا نريد دولة قانون فعلينا احترام القانون».

وأعلنت الحكومة حتى الآن إغلاق إذاعة «النور» وتلفزيون «الإنسان» (محسوبين على التيار السلفي) اللذين تقول وسائل إعلام إنهما غير مرخصين.

وقالت في بيان إن قرار الغلق تم ومثلما يقتضيه القانون، بعد التشاور مع هيئة الاتصال السمعي البصري، وهو أمر نفته الهيئة التي أكدت في بيان أنها «لم تستشر في هذا القرار».

وأعلن رئيس نقابة الصحافيين في تونس، ناجي البغوري «رفض» النقابة «وضع أية خطوط حمراء» أمام الصحافيين في بلاده إثر إعلان الحكومة الجيش والأمن «خطين أحمرين».

وقال لـ «فرانس برس»: «كيف نؤول هذه العبارة؟ إن أراد صحافي غداً القيام بتحقيق حول قضية فساد في الجيش أو الشرطة، ماذا سيحدث؟».

واعتبر أن الحل يكمن في قيام وسائل الإعلام بـ «التعديل الذاتي» على الرغم من إقراره بأن ذلك يتطلب وقتاً لأن صحافة تونس ليس لها تجربة في هذا المجال.

وبخصوص إغلاق المساجد الخارجة عن سيطرة الدولة، فقد أثار هذا القرار ردود فعل متباينة.

ووصف القيادي في حركة النهضة الإسلامية، محمد بن سالم في تصريح لتلفزيون «حنبعل» الخاص، هذا القرار بـ «الخاطئ» لأنه سوف يوسع «الحاضنة الشعبية للإرهابيين» وفق تعبيره. وقال إن «تغيير الأئمة الخارجين عن القانون هو الحل».

لكن وزير الشئون الدينية منير التليلي أفاد بأن التغيير «أمر غير هين» لأن الذين يسيطرون على هذه المساجد «عنيفون».

وطمأن في تصريح لإذاعة «شمس إف إم» الخاصة بأن المساجد للمصلين وأن السلطات لن تعود إلى ممارسات «ما قبل الثورة».

وفي ظل تواصل سقوط قتلى من الجيش والأمن في هجمات تنسبها السلطات إلى «إرهابيين» و»تكفيريين»، أصبح كثير من التونسيين يرددون مقولة «لا تحدثني عن حقوق الإنسان إذا ما تعلق الأمر بالأمن القومي».

وفي هذا السياق قال الشيخ فريد الباجي وهو أمام معروف في تونس، خلال برنامج تلفزيوني على قناة نسمة «نحن في حرب وجود (ضد الإرهاب) (...) ومن يتحدث عن حقوق الإنسان الآن هو شريك في الإرهاب».

ولم يصدر أي رد فعل من الضيوف الحاضرين معه في البرنامج.

العدد 4338 - الأربعاء 23 يوليو 2014م الموافق 25 رمضان 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً