العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ

جَريمةُ تدمير التُّراث نِتاجٌ لِلهمجيَّة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تَدميرُ المُنشآتِ الدينية والآثار، يرتبط بالهمجيَّة التي لا تعترف بالإنسانية، والمُؤسِفُ جدّاً أَنَّ هذا الفعل القبيح انتشر في بلادنا باسم الدِّين تارة، وكوسيلة انتقاميَّة تارة أخرى، مع إِصرار وتحدي من يفعل ذلك لكلِّ الأَعراف والنَّواميس الدينيَّة والبشريَّة. ومؤخَّراً تحدثت مصادر إِعلاميَّة في مدينة الموصل العراقيَّة، التي يحتلُّها تنظيم «داعش» الإِرهابي، عن أَنَّ التَّنظيم أوقف مؤقتاً هدم المساجد والأضرحة الدينيَّة في المدينة خشية تصاعد وتيرة الغضب، والاستياء الشَّعبي من أفعاله، وتوقَّعت هذه المصادر أن يستأنف التَّنظيم عمليات الهدم قريباً؛ لأَنَّ المسألة تتعلق بنهجٍ، وثقافةٍ، وخلفيَّةٍ، فِكريَّةٍ لها مددها المستمر. وقد ذكرت المصادرُ أَنَّ هنالك أكثر من 50 ضريحاً ومسجداً في مدينة الموصل مدرجةٌ ضمن قائمة «كتيبةِ تسويةِ القبُورِ والأضرحةِ والمزارات» التَّابعةِ إلى التَّنظيم.

الآثارُ والتُّراثُ بالنَّسبةِ إلى المجتمعات البشريَّة مُهمَّةٌ جدّاً، وهي تُعتبر حقّاً إِنسانيّاً عامّاً لا يجوز لأَيَّةِ جهةٍ أَنْ تتلاعب به، أَو تقوم بأعمال تؤدي إِلى اندثاره، وذلك لأَن المواقع التاريخيَّة هي تاريخ أسلاف البشر، وتمثِّل نافذة لا تقدَّر بثمنٍ على التاريخ المشترك للحضارة البشريَّة. إِنَّ الحفاظ على التُّراث الديني والثَّقافي، مثل المساجد، والكنائس، والمعابد، والمباني، والمعالم الأثريَّة، والمناظر الطَّبيعيَّة، والكتب، والأعمال الفنيَّة، والتُّحف، جميعُها أمانةٌ لدى من يعيش في الوقت الحاضر، وهي مسئوليَّة جماعيَّة على الجيل المعاصر لها؛ لأَنَّها فريدة من نَّوعها، ولا يمكن تعويضها، ويجب إِيصالها إِلى أَجيال المستقبل.

إِنَّ الآية القرآنيَّة «قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ»(العنكبوت: 20)، تشير إِلى أَنَّ الله سبحانه وتعالى أَودعَ معلوماتٍ عن بداية الخلق، وعن كل شيء، وأَنَّ البحث يتطلَّب التَّنقيب في الأرض وفي الآثار، والتأمُّل فيما حولنا. ولذلك فإِنَّ ما تقوله «اليونيسكو» ليس غريباً عن ديننا، وإِنَّما هو من صلب المفاهيم الإِسلاميَّة. لكنَّ النِّفاق والحقد الذي يعشش في بلداننا أفسح المجال للعابثين ليعيثوا في الأَرض الفساد باسم ربِّ العالمين.

إِنَّ الفظائع التي ترتكب باسم الإسلام ضِدَّ البشر لا تتوقف عند القتل وسفك الدماء وتدمير العمران، وإِنَّما تطول تدمير التُّراث الدِّيني والثَّقافي للبشريَّة، ونرى أَنَّ الهمجيَّة قد عادت في القرن الحادي والعشرين، ونرى كيف أَنَّ الهمجيِّين يستحِلُّون دماء الناس، ويجرِّدونهم من كل شيء، من المنازل والمال، والمجوهرات، والهويَّات الشخصية، وجوازات السفر، وساعات اليد، والأقراط، تماماً كما كنَّا نقرأ عمَّا جرى في التاريخ من بشاعة وهمجيَّة في أماكن عديدة اثناء فترة مظلمة... المُحزنُ أَنَّ هذا يجري حاليّاً، في مطلع القرن الحادي والعشرين، وأَنَّه يجري باسم الإِسلام.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4348 - السبت 02 أغسطس 2014م الموافق 06 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 7:09 م

      !!

      اذا مكة والمدينة لم يبقوا فيها شيء يدل على تاريخها وحضارتها وتراثها هل تريد ان يبقوا على الموصل..
      يا سيدي لقد هدموا الاف الاثار في مكة والمدينة!! هل هؤلاء نهج اسلامي أم مخطط تآمري على الاسلام؟؟

    • زائر 17 | 2:50 م

      هجمة على الذاكرة

      أن من يذهب إلى الأندلس سوف يعلم ما تعني كلمة محي الذاكرة فقد احتفظ الاخر بتراثنا و نحن نمحي تراثنا و تاريخنا باسم الدين أننا نتعرض لهجمة لمحي الذاكرة و للأسف من يقوم بها جماعات شعارها ديني

    • زائر 15 | 9:46 ص

      وين التراث؟

      ما اشوف اي تراث . ما في غير ردحة و طق

    • زائر 12 | 6:38 ص

      مقابر عالي

      أنصار داعش ف البحرين يتكالبون ع تدمير الاماكن الاثرية ف البحرين وخير شاهد ع ذلك تدمير أجزاء كبيرة من مقابر عالي بحجة التوسعة العمرانية للاسكان.

    • زائر 11 | 6:12 ص

      التدمير

      دكتور منصور اتفق معك في كل ما كتبته عن التنظيم الارهابي الداعشي وما يقوم به من هدم المراقد والمساجد والكنائس وهذا اجرام باتفاق معظم المسلمين ولكن...................... لم تتطرق الى ما يفعله نظام بشار البعثي الارهابي من هدم للمساجد ( كمثال المسجد الاموي ومسجد خالد بن الوليد ) فاذا ما هو الفرق بين نظام بشار وداعش كلاهما
      طائفي وشكرا جزيلا

    • زائر 16 زائر 11 | 9:51 ص

      رد على زائر ظ،ظ،

      اقول خوك العب غيرها أسلوبك في الكتابة يبين انك طائفي بصحيح. اهل البحرين عارفين ليكم زين فحاول مرة اخرى. و اطلع بشخصيتك الصحيحة. خخخخخخخ

    • زائر 9 | 3:25 ص

      زائررقم3 قبور الوثنيين!!!!

      من قالك عن القبور قرية ابو صيبع عمرها 1500 سنه يعني قبل الاسلام يعني قبور وثنيين فا انت تدافع عنهم !!!خوش مسلم!!

    • زائر 7 | 1:58 ص

      قبور انبياء وصحابة وصالحين تهدم في أي ملّة يجوز ذلك؟

      هدم القبور والتعدي على حرمة الأموات هذا اختراق لكل الحرامات الدينية والانسانية وغيرها . وهؤلاء اذا يتفردون بذلك فإنما يدلّلون على العالم بخروجهم عن كل الملل والقيم الانسانية والدينية

    • زائر 6 | 12:55 ص

      هذه هي قراءة عقليات

      الجاهلية لازالت تعشعش في عقولهم ولا يمكن ان تتغير

    • زائر 3 | 11:45 م

      المتنفذون يدمرون التراث

      مؤخرا تم تدمير مملكة قبور عظيمة في قرية أبو صيبع يقدر عمرها بحدود (1500) سنة، أي قبل الإسلام، وربما عاصرته.. كانت جديرة بالبقاء والدراسات حولها؛ لكن المتنفذ الذي استطاع أن يدخلها ضمن أملاكه، ثم يسور عليها، وبعد سنين من اخفائها خلف الأسوار، قام في غرة رمضان الأغر بهدمها تماما وسحقها من جذورها.. ولا من مغيث، وكان البحرين مطلوب لها أت تتصحر إلا من عمارات أو بيوت للإيجار.. والقادم كأنه أعظم، ومهما قاومت الوزيرة اللامعة فتيار التدمير أقوى بكثير..

    • زائر 5 زائر 3 | 12:42 ص

      .

      ان شاء الله هاللي بسوونه يصير مسكن من الأموات .. عجل مقبرة يبنون عليها
      طايحين حظ

    • زائر 13 زائر 3 | 7:20 ص

      نعم صدقت

      حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 2 | 11:25 م

      نتائج ثورة زلم عشائر الشيشان والأغراب..

      تنظيم «داعش» الهمجيِّين يستحِلُّون دماء الناس، ويجرِّدونهم من كل شيء، من المنازل والمال، والمجوهرات، والهويَّات الشخصية، وجوازات السفر، وساعات اليد، والأقراط، تماماً كما كنَّا نقرأ عمَّا جرى في التاريخ من بشاعة وهمجيَّة في أماكن عديدة اثناء فترة مظلمة..
      وهنالك أكثر من 50 ضريحاً ومسجداً في مدينة الموصل مدرجةٌ ضمن قائمة «كتيبةِ تسويةِ القبُورِ والأضرحةِ والمزارات» التَّابعةِ إلى متنظيم «داعش»..

اقرأ ايضاً