العدد 4365 - الثلثاء 19 أغسطس 2014م الموافق 23 شوال 1435هـ

ثلاثيات كبائر أزمة البحرين

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

هناك من الكبائر التي لا تُغتفر حاضراً، ولا تُنسى مستقبلاً، فلا يمارسها لا مختاراً ولا بالجبر معذوراً، أي مسئول منتم لهذا الوطن، وخصوصاً في حق من أطلق صرخة الإنجاب وشهقة الولادة، فامتدت النطفة جذراً يحفر الأصل ارتباطاً بهذه الأرض، في اتصال بجذور الآباء والأجداد، ومن يفعل ذلك فقد باع الأرض وناسها، وخان الوطن، بأكثر مما يخونه حاملاً لسلاح الغدر، في حرب ضد بلاده.

فليس مقبولاً، إنسانياً ولا دينياً ولا وطنياً، من أي فرد أو مسئول، أو أية جهة أو جهاز أو مؤسسة، لا من أجهزة الدولة، في جميع سلطاتها وتخصصاتها وصلاحياتها، من الرئاسة أو ما دونها من السلطات القضائية أو التشريعية أو التنفيذية، ولا من مؤسسات المجتمع المدني من سياسية وحقوقية وتخصصية مهنية، بما في ذلك المؤسسات والشركات التجارية، ولا الأفراد من المواطنين، ليس مقبولاً من أيٍّ منهم، أن يعدم الاكتراث وألا يلتفت لأي من تلك الكبائر، لدى من يمارسها من المتنفذين، للإستفادة الشخصية أو الفئوية، مقابل إلحاق الضرر بالآخرين من المستوى الفردي المواطني إلى مستوى الوطن الجامع.

فأولى تلك الكبائر هي ثلاثية: غياب الدستور العقدي؛ عدم استقلالية السلطات الثلاث، القضائية والتشريعية والتنفيذية؛ تكييف القانون وأنظمة عمل مؤسسات الدولة، حسب رغبات المتنفذين في تلك السلطات ومن أجلهم، دوناً عن شعب البحرين.

وثاني الكبائر هي ثلاثية تقسيم المكوّن البشري البحريني، بالتفرقة والتحريض عليها والتمييز بعيداً عن تصنيف المواطنة الجامعة، ذات الحقوق المتساوية، كنتيجة مصلحية فئوية، إلى هذه التقسيمات الطبقية النافذة، والطائفية (السنة والشيعة)، والأقليات الدينية الأخرى.

ثم ثالث الكبائر، وهي تقسيم المقسّم في ثاني الكبائر عاليه، إلى ثلاثية التقسيم بالتمييز المزدوج، في داخل المكونات البشرية الشعبية الثلاث إلى: الأقربين بالنسب والتبعية من السلطة، وكذلك القلة الموالون استنفاعاً، من الطائفتين والأقليات الدينية الأخرى؛ والمعارضون لسياسات السلطة؛ وعامة الناس ممن يشغله الجري وراء لقمة عيشه وتامين مأكله وملبسه ومأواه، وفيهم الكثرة ممن يلوذ بالصمت لخشيتهم تنمر السلطات، وفيهم القلة ممن يلوحون بالأيدي مُعَلِّين الصوت لنداء للسلطات، «ها نحن مواليكم».

ورابع الكبائر هي ثلاثية إجراءات تدمير الهوية الوطنية في حاضرها ومستقبلها: بالتجنيس خارج القانون، وسحب الجنسية من المتجنسين طبيعياً حسب القانون، وإسقاطها عن المواطنين، بإجراءات أبعد ما تكون عن المبدأ والفقه الدستوري والقانوني؛ وكذلك العمالة السائبة.

ولن يفوتنا في هذا المقام، الممارسة العنفية من قبل السلطات، ضد الجموع الشعبية، في حراك فبراير 2011، المطالبة بالحقوق والوفاء بالوعود، والتغيير إلى الأفضل، والتي جاءت نتيجة التراكمات المطلبية، التي وعدت بها السلطة، وسيلةً للخروج من أزمة أواخر التسعينيات، التي توجت التصدّي لمظالم حقبة أمن الدولة لأكثر من ربع قرن، لتأتينا خامس الكبائر في ثلاثية:

- تورط أجهزة الدولة المختصة بالمحافظة على سلامة الوطن ضد الاعتداءات الخارجية، في الميل إلى فئة في المجتمع، وهي المعنية داخلياً بحماية الشعب حال حراكه السلمي.

- تسليط المسلحين من غير المواطنين من ذوي العرق الإقليمي والدولي، ومن حديثي التجنيس، لمواجهة الحراكات الشعبية السلمية.

- والأسوأ دقّ إسفين الطائفية لضرب الوحدة الوطنية وتفتيت عضدها.

وهناك كبائر أخرى، ولكن أسوأها تأثيراً هي سادس الكبائر، في ثلاثية: عدم الوعي بضرورة التصالح مع الشعب، وشراكته في إدارة السلطة والثروة، عبر الاعتراف بأنه سيد ومصدر السلطات جميعها والثروة؛ والتعالي على التسليم بمبدأ أن «الشعب هو مصدر السلطات»، اعترافاً بأصالة شعب البحرين وسلميته وارتباط جذوره بهذه الأرض، وعدم قابليته للتهجير ولا الإبدال، فهو ذاك الذي منح الدعم لمشروع الميثاق، بنسبة التصويت الشهيرة في تاريخ البحرين، وقبلها هو في امتداده، من حفظ عروبة البحرين واستقلالها؛ وبالنتيجة امتناع الحكم عن سد الذرائع أمام المظالم الجمعية، التي يأتيها المتنفذون بحق الشعب بطائفتيه، تلك المظالم التي تتنامى دائرة مسها لتعداد شعب البحرين، ما لم يتم مواجهتها بالتصدي الكاشف لها ولسوءاتها، وبالتالي إيقافها، عبر الحل الدستوري والسياسي والقانوني.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4365 - الثلثاء 19 أغسطس 2014م الموافق 23 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 8:26 ص

      نحن

      نحن شعب البحرين سنصبر على الظلم حتى تحقيق المطالب ولا راح نتنازل عن مطالبنه مهما حصل والله راح ينصرنه والله كريم وشكرا للكاتب الشريف الي يحس بالناس المظلومين

    • زائر 10 | 3:59 ص

      اصيل

      تحياتي لك أستاذي الجليل من أرض الكنانة

    • زائر 9 | 3:17 ص

      دائما مقالات سيادي وطنية جدا

      فعلا كل ماسطرته اناملك حقيقة سلمت يابن بلدي الاصيل

    • زائر 8 | 3:16 ص

      عجيب مقالك اخي سيادي

      ثلاثيات كبائر أزمة البحرين

    • زائر 7 | 3:15 ص

      عدم استقلالية السلطات الثلاث، القضائية والتشريعية

      وهذا واقع الكل يلمسه

    • زائر 6 | 3:14 ص

      بارك الله فيك يا شريف الأصل والقلم

      وفيت وكفيت أستاذي الكريم الله يكثر من أمثالك.
      والله يبعد الشر عن البحرين وعن شعب البحرين كافة، ويصلح الحال ويرجع كيد من أراد الوطن والمواطنين بسوء في كيده.

    • زائر 5 | 2:50 ص

      تشخيص في محله

      من أهم الأمور لبدء أي عملية إصلاح هو التشخيص الدقيق وهذا ما يفتقر له الوضع في البحرين، خصوصا وأن النظام الحاكم ماض في سياسته وتطبيقها بالرغم من معرفته وعلمه بما تؤدي إليه سياسته.. كبائر تستوجب التوقف عندها وإعادة الأمور إلى نصابها

    • زائر 3 | 1:27 ص

      ابراهيم الدوسري

      جزء2 في احداث فبراير2011 حدث ما يعرف في علم الاجتماع(بالتمحور الاجتماعي) حيث تمحور الشيعى حول طائفتة(اهل الدوار) وفعل السنى نفس الشي(تجمع الفاتح)على الرغم من عدم جدية الاقتناع بهذا الانضمام لهذا الفريق او ذاك(المهم الحماية التى توفرها لي الطائفة)فصار الانتقال من أمن الدولة الي أمن الطائفة فالمجتمع البحرينى يعيش الطائفية وان اختلفت بعض ممارسة الافراد

    • زائر 2 | 1:16 ص

      ابراهيم الدوسري

      ا-ان التركيبة الطائفية في مجتمع البحرين امر واقع بحكم المذهب
      توزيع خغرافية القري سنية وشيعية امر واضح هل يستطيع سنى الاقامة في كرزكان او يستطيع شيعى الاقامة في الزلاق(توجد عائلة شيعية وخمس بنات شيعة متزوجات)( الحب وما يسوي)
      يتبع (جزء2)

    • زائر 1 | 11:35 م

      كل الشكر والتقدير للاستاذ يعقوب سيادي

      الله يكثر من امثالك محرقي اصلي وتحب عيال الديرة لا طائفية ولا تفريط في هوية البحرين (( اخوان سنه وشيعه طول العمر رغم انف الخونه والدخلاء ))

اقرأ ايضاً