العدد 4366 - الأربعاء 20 أغسطس 2014م الموافق 24 شوال 1435هـ

تسييس التجنيس

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

لا أظن أنه سبق استخدام موضوع التجنيس كأداة سياسية في بعض دول منطقتنا مثلما يستخدم حالياً في هذه المرحلة، حيث يتم منح وسحب وإسقاط الجنسيات بناءً على مواقف وتوجهات سياسية ودون الاستناد على مسوّغات قانونية وإجراءات قضائية معتبرة، ما يعني الكثير من التجاوزات الحقوقية .

تؤكد القوانين الدولية على حق الأفراد في الحصول على جنسية بلدهم، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، يؤكد في المادة 15 منه على أن «لكل شخص في الدولة الحق في أن تكون له جنسية، ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها». ويحدّد الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية هذا الحق في المادة 24(3) وذلك بالنص على أنه «يجب أن يكون لكل طفل يولد في الدولة الحق في الحصول على الجنسية».

ويفسّر خبير القانون الدولي حسين البحارنة أن الغرض من هذه الأحكام في الوثائق الحقوقية الدولية هو التأكيد على أن لا يحرم أي شخص يولد في دولة ما من جنسية هذه الدولة أو جنسية الدولة التي يحملها والد هذا المولود، وذلك للتأكد من أن لا يولد شخص على أرض ما أو في أقليم دولة ما، دون أن تكون له جنسية مرتبطة بدولةٍ ما لتفادي وجود أشخاص لا جنسية لهم الأمر الذي يُحرمه القانون الدولي.

عندما يتحوّل موضوع التجنيس من كونه موضوعاً حقوقياً يكفل حق الأفراد وينظم علاقتهم بالدولة التي يقطنون فيها، إلى موضوع سياسي، فإنه ينحاز للمواقف السياسية ويغلب التوجهات التي تراها الدولة مما يعني في كثير من الأحيان إعطاء حق الجنسية من لا يستحقها، وحرمان هذا الحق ممن يستحقه .

وحيث أن منطقة الخليج بشكل عام هي منطقة جاذبة لأسباب الاستقرار السياسي والوفرة المالية، فإن هنالك وخصوصاً في التاريخ الحديث، هجرات جماعية مستمرة بهدف الاستقرار فيها. ولكننا لانزال نواجه جميعاً أزمات في تجنيس فئات قضوا طول حياتهم في دول المنطقة دون أن يتمكنوا من الحصول على جنسية هذه البلدان بصيغ نظامية وقانونية. وأفرز ذلك فئة أطلق عليها «البدون»، تتواجد في كل دول الخليج تقريباً، ولا تحصل على ذات الحقوق المتاحة لمن يحملون الجنسية .

في المقابل يجري أحياناً اتخاذ قرارات سياسية لتجنيس جماعات عديدة لا تمت للمنطقة بصلة، ولا تتوفر لديها المبررات القانونية اللازمة، دون الاستناد على معايير واضحة وشفافة. فمن المبادئ التي يستند عليها حق التجنيس هو الارتباط بالدولة بما فيه من معايشة وقبول بالأنظمة والقوانين والعادات والسلوك .

لقد أصبح موضوع منح الجنسية أو سحبها من أشخاص أو جماعات رهيناً بالظرف السياسي المتغير، وموقف أجهزة الدولة وخصوصاً الأمنية منها، من هذا الشخص أو ذاك. وينتج عن كل ذلك توترات اجتماعية وانتهاكات واضحة حيث أنه لا يستند على إجراءات قضائية ومرافعات قانونية واضحة .

من المهم أن ترتقي مناهج التعامل مع المواطنين أو مع من يحملون الجنسية بصورة تضمن حقوقهم فيها، وتؤهلهم للاعتراض والتقاضي ضد الأجهزة التي تصدر هذه الأوامر، وأن لا يتعرض حق المواطن أو المجنّس إلى انتهاك أو تجاوز بسبب موقفه أو رأيه السياسي. أما أن يتحوّل سحب الجنسية أو إسقاطها إلى سلاح موجّه لكل شخص عبر عن رأيه الفكري أو السياسي، فذلك ليس منطقياً ولا مقبولاً .

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 4366 - الأربعاء 20 أغسطس 2014م الموافق 24 شوال 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:42 ص

      95

      95 الف مجنس كم رواتبهم مو الشعب احق منهم لو انه غلطان ياشعبى المشتكى لله

    • زائر 2 | 6:40 ص

      السرطان

      انهوا السرطان التجنيس الواقع علينا اللهم خلصنا من الظلمة ...........

اقرأ ايضاً