العدد 4383 - السبت 06 سبتمبر 2014م الموافق 12 ذي القعدة 1435هـ

الذكرى الأولى لرحيل المناضل علي دويغر

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

الحرية كلمة غالية على القلب، والمناضل شعلة تضيء درب الآخرين. هكذا هم المناضلون في أنحاء العالم، يفكّرون بالآخرين دون الاكتراث لذواتهم، فحياتهم تصبح ملكاً للوطن وللإنسانية التواقة إلى الحرية والعيش بكرامة.

فالمناضل يخط دربه المليء بالأشواك والآلام والمآسي بمداد التضحية والإخلاص تحت شعار وطن واحد... شعب واحد... إخوة في الإنسانية. هؤلاء المناضلون الشجعان، الذين حُرموا من ملذاتهم ومكاسبهم الوطنية المشروعة، وغُيِّبوا قسراً عن عيون شعبهم، ظلوا أوفياء ومخلصين لأوطانهم.

تلك هي صفات ونهج المناضل والرمز القيادي لجبهة التحرير الوطني البحرانية علي دويغر، الذي وافته المنية في 6 سبتمبر/ أيلول 2013 في مدينة مالمو بالسويد. ففي هذا اليوم توقف قلب هذا المناضل الكبير، الذي حمل هموم الوطن والجماهير الكادحة على مدى سنوات النضال في خمسينات وستينات القرن الماضي من أجل الحرية والعدالة والمساواة، في وطن حر ديمقراطي مبني على مبدأ الإنسان الحر والعدالة الاجتماعية، التي تكفل الحقوق المدنية والسياسية للجميع دون تمييز أو استثناءات.

إن دويغر من هؤلاء القلة الذين سجلوا بمواقفهم المبدئية الراسخة وكفاحهم البطولي في صفحات تاريخ الوطن السياسي البحريني، فقد ضحى بشبابه من أجل نصرة كلمة الحق.

لقد عاش دويغر لفترات متكررة مشرداً في المنافي، وكان جرمه الوحيد أنه يحلم بوطن حر ومستقل. واليوم نحيي ذكرى رحيله ونتذكره، لعلنا نستطيع أن نعطيه جزءاً من حقه على ما قدّمه منذ أواسط الخمسينات، حتى أعلن مع كوكبة من رفاق دربه من المثقفين الثوريين، تأسيس جبهة التحرير الوطني البحرانية في 15 فبراير/ شباط 1955، وكان ذلك إيذاناً ببدء مرحلة نوعية في تاريخ الحركة الوطنية في البلاد.

لقد ترك دويغر بصماته على الحراك السياسي في إطار الفكر التقدمي، وتبلور دوره القيادي البارز في التنظير والتحليل السياسي، وتجسّدت أفكاره ومواقفه الثابتة في ساحة النضال الوطني، وحمل إلى جانب الهم البحريني، هموم الشعوب المكافحة ضد الهيمنة الأجنبية، ومارس دوراً أممياً بارزاً في التضامن معها في نضالها من أجل التحرّر الوطني والسلم والتقدم الاجتماعي.

رغم لحظات الموت الطويلة التي واجهته، سواءً في داخل سجون البحرين أو في المنافي القسرية، وحيداً طريداً، وكل ما تعرض له، إلا أنه بقي مخلصاً لمبادئه ومحباً لوطنه ومصرّاً على وحدة الشعب بكل فئاته.

لقد عانى دويغر عدداً من الأمراض التي أنهكت جسده بسبب ما تعرض له من سجن وتعذيب، وكان حينها يسير بين العقدين الرابع والخامس من عمره، لكنه قضى قرابة ثلاثة عقود في النضال الذي بدأه منذ أن كان صبياً في المدرسة الثانوية. ربما أن دويغر لم يُنصَف حقه ولم تُعرَف مكانته العلمية ولم يُستفَد من بحوثه الاقتصادية المهمة التي قدّمها داخل البحرين وخارجها، ولم يعرفه الجيل الصاعد. لقد كان مثالياً في نهجه وكان ذائباً في نكران ذاته حتى الرمق الأخير من حياته.

فما أحوجنا إلى القيم والأفكار التي نادى بها دويغر؛ وإلى ما تركه أمثاله من إرث في مرحلة عصيبة تشهدها المنطقة العربية. ولأنه حمل كغيره من المناضلين هَمّ الوطن منذ عقود، فقد كان له الأثر في نفوس أبناء البحرين ممن عايشوه وعُرفوا بوفائهم لكل من عمل من أجلهم، دون النظر إلى انتمائه السياسي والمذهبي والمناطقي والجندري.

إن البحرين بحاجة إلى قيادات وطنية على طراز دويغر، في مرحلة تشهد مطبات كثيرة في المناخ السياسي والمزاج الوطني.

لقد أثرى هذا المناضل الحركة الوطنية بنشاطه الفكري والسياسي، وبدراساته الأكاديمية، بعيداً عن كل ألوان البهرجة والأضواء، ولذا فإن ذكرى (أبو فريد) ستبقى في قلب وذاكرة الوطن، وجماهير الطبقة الكادحة التي ناضلت ومازالت تناضل من أجل غد مشرق سعيد.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4383 - السبت 06 سبتمبر 2014م الموافق 12 ذي القعدة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:04 ص

      ما اكثر الشهداء في هذا البلد

      هناك شخصيات قدمت البحرين ارواحها وافنت عمرها من أجل حلم لهذه الجزيره إلا أن الزمن والنظام لم يترجمها ولم يقدرها شعبها ذلك التقدير الذي تستحقه من هؤلاء على دويغر والذوادي والنعيمي والعويناتي ومحمدغلوم وبونفور والغريفي رحمهم الله جميعا عسى أن يأتي يوما يتحقق حلمهم

    • زائر 1 | 1:42 ص

      رحمة الله على( ابي فريد)

      حبّذا لو ان الأخت الكاتبة الكريمة كتبت ولو بضعة اسطر عن بطاقته الشخصية واولاده واقرباه ومنزله وووولتعرفه الأجيال وتتعرف على نضاله وشكرا / ابوحسن

اقرأ ايضاً