العدد 4409 - الخميس 02 أكتوبر 2014م الموافق 08 ذي الحجة 1435هـ

مفاهيم التغيير: إسقاطات على جودة الرعاية الصحية

محمد حسين أمان

طبيب ومدرس إكلينكي، باحث في طب الطوارئ

تتسارع وتيرة الارتقاء بجودة خدمات الرعاية الصحية يوماً بعد يوم على جميع الأصعدة والمستويات ومن قبل دور ومراكز الرعاية الصحية التي توفرها المرافق العامة والحكومية وتلك التي تتسابق إليها المراكز الطبية الخاصة، ذلك التسابق المحموم من المتوقع أن تتسارع فيه الخطى بشكل مطرد ومتنامٍ خلال السنوات القلائل المقبلة انعاكساً للتغيير الجذري محلياً وإقليمياً وعالمياً الذي طرأ على صناعة تقديم الرعاية الصحية من الترخيص والتنظيم.

فقبل عقد من الزمان لم يكن هناك مثال، هيئة لتنظيم المهن والخدمات الصحية ولم يكن هناك بشكل عام من يتحدث عن أي نوع من الاعتراف المهني وأنظمة الاعتماد والتقييم للمستشفيات ومراكز تقديم الرعاية الصحية المباشرة للمرضى، إلا ما ندر من الآراء الفردية والاجتهادات التي تخرج وبشكل خجول محاولة بدء حقبة وعصر جديد لتقديم رعاية طبية أكثر مصداقية وفاعلية.

لقد مهّدت تلك المحاولات والآراء كونها إحدى وسائل نقل المعرفة وتطور المجتمعات، إلى ما نتلمسه الآن من إدماج وانتهاج مبادئ الجودة والسلامة في تقديم الرعاية الصحية لدى صانعي القرار الصحي وكوادر الإدارة العليا في الجهات المعنية بتقديم خدمات الصحة العامة رعاية المرضى في المستشفيات والمراكز الطبية، وبدأت مراكز ومنظمات الاعتراف والاعتماد الإقليمية والعالمية تصيغ مفردات الثقافة الجديدة الناشئة وبدأ المجتمع يسمع عن الاعتماد الكندي والأسترالي والأميركي وغيرهم.

إن هذا التغيير والنظرة الجذرية ترسم معالم عصراً جديداً من مقومات الرعاية الصحية يتطلب معها تهيئة وإعداد الكوادر الطبية والصحية أولًا لاستيعاب أن هناك تغييراً وشيكاً في سبيل تقديم رعاية أفضل وأكفأ وتلك مرحلة من العمل الجاد والمضني تتطلب التخطيط المهني السليم في تطبيق نظرية التغيير على أرض الواقع التي هي إحدى أهم وسائل تحسين الجودة والأداء.

تتسم حركات التغيير ومشاريع تحسين الأداء بشكل عام بحاجتها إلى مخزون كبير من الطاقة والمصادر الفاعلة لقيادة عملية التغيير والتغلب على ما هو متوقع وكامن من معوقات أهمها طبيعة السلوك الإنساني في نزعته إلى مقاومة محاولات التغيير بغض النظر إن كانت للأحسن أو غير ذلك ومن هنا تبرز الحاجة بشكل منطقي إلى التنوع في معالجة معضلة مقاومة التغيير بإدخال وانتهاج مفاهيم خلاقة للمضي قدماً في تحسين الأداء ومخرجات تقديم الرعاية المباشرة وغير المباشر للمرضى.

من تلك المفاهيم، توفير التدريب الملائم والمستدام لكل كوادر الرعاية الصحية واستثمار الأكبر في موارد تحسين كفاءة الأداء وجودة الرعاية الصحية واستخدام إمكانات التقنية المعلوماتية في تكييف وهندسة طرق التشخيص والعلاج وانتهاج طرق القياس المختلفة في تقييم الأداء والممارسات الصحية، وفي معرفة حجم وأثر مبادرات ومشاريع التحسين والجودة وإنماء عادة ومهارة فن الإصغاء إلى المريض ليس لمجرد الإصغاء أو التأهب للرد ولكن لفهمه والوقوف على مكامن العلاج والرعاية والعمل على خلق وتعزيز مبادئ الشراكة العلاقة الفاعلة مع أقطاب تقديم الرعاية الصحية والتركيز على المخرجات وما يعود على المريض بالنفع والسلامة والتركيز على الجوهر والأهم من سبل تقديم الرعاية والعلاج.

إن قيادة وريادة منظومة التغيير وتحسين الأداء تتطلب تبني نهج التقويم المستمر في جميع مفاصل وخطوات رحلة التميز وصولًا إلى الصيغة المثلى قدر الإمكان في إنجاز رعاية طبية صحية على الوجه الأكمل. فالمطلوب عند البدء فى أي مشروع تحسين جودة أو أداء أو وضع أي برنامج لضمان أقل قدر ممكن من الضرر للمريض هو تحديد الهدف مسبقاً من المبادرة الذي يجب في كل الأحوال أن ينطلق من فراغ معرفي أو تقني أو من الحاجة إلى إعادة تصميم طريقة تقديم خدمة الرعاية أو التشخيص أو تحديثها، كما يجب أن نعرف هنا أن كل مبادرات ومشاريع التحسين في الجودة تتطلب تغييراً ورسالتنا هنا هي ضمانة أن يكون ذلك التغيير الذي تتحقق معه تحسين كفاءة وجودة الرعاية الصحية وليس مجرد تغيير بلا أثر فاعل.

إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"

العدد 4409 - الخميس 02 أكتوبر 2014م الموافق 08 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً