العدد 4412 - الأحد 05 أكتوبر 2014م الموافق 11 ذي الحجة 1435هـ

الصحة العامة في أوروبا والتحديات

هاني الريس comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي بحريني

التقى في مدينة الأمم المتحدة بالعاصمة الدنماركية كوبنهاجن، حشد من كبار المسئولين والخبراء والكوادر الصحية، تتقدمهم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية مارغريت تشان و53 وزير صحة، ينتمون إلى 53 دولة ومنطقة من ربوع القارة الأوروبية وآسيا الوسطى، وذلك من أجل متابعة أعمال الدورة السنوية الـ 64 للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لأوروبا.

الدورة انعقدت في الفترة ما بين 15 و18 سبتمبر/ أيلول 2014، تحت رعاية الأميرة ماري زوجة ولي عهد الدنمارك الأمير فريدريك، التي تنتمي إلى أصول استرالية، وتدير عدداً من المؤسسات الإنسانية والخيرية الدنماركية، من أهمها مجلس اللاجئين الدنماركي و»مؤسسة ماري»، الأميرة نفسها، التي تعنى بقضايا المهمشين في المجتمع الدنماركي وحماية أوضاعهم من العنف والاضطهاد والاستغلال. وقد افتتحت أعمال الدورة بكلمة شاملة تناولت جميع الإنجازات والإخفاقات، التي واجهت قضايا الصحة العامة في أوروبا وحول العالم، خلال السنوات الأخيرة.

وناقش صناع السياسة الصحية في أوروبا المشاركون في الدورة، كافة التحديات الصحية التي تواجه القارة الأوروبية برمتها، ومن أبرزها على الإطلاق تلك التحديات والمخاطر التي تقلق مضاجع شعوب أوروبا على المديين الراهن والاستراتيجي، بشأن تطورات قضايا الصحة العامة، وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، في ظل ازدياد الأمراض المعدية بأنواعها المختلفة، التي تكتسح اليوم ليس فقط القارة الأوروبية، بل أيضاً العالم برمته، مع الأخذ بعين الاعتبار مسائل التطعيم ضد الأمراض والتشديد على صحة الأطفال والمراهقين، ومنع سوء معاملة الطفل، وتطوير الغذاء والتغذية والمراقبة الصحية المركزة، حتى لا تتعرض صحة الناس إلى مخاطر الأمراض التي قد تؤدي إلى تدهور صحة الإنسان أو تدفع به إلى أحضان الموت في بعض الأحيان.

وقد تركّزت أعمال الدورة على مراجعة التقارير المرحلية حول السياسة الأوروبية للرفاه والصحة العامة حتى العام 2020، الذي تتوقع فيه الأمم المتحدة حدوث بعض التراجع في مستوى الأمراض المعدية والقاتلة؛ وحثّ حكومات الدول الأوروبية وكذلك المجتمع الدولي، على فرض قيود صارمة على المنتجات الضارة بالصحة العامة مثل المشروبات الروحية والمخدرات والاستهلاك المفرط لأنواع المواد الغذائية المنتهية الصلاحية بسبب رخص أثمانها. وعبّرت عن أسفها لبعض السياسات الوطنية المتسامحة والمتعلقة بمجالات الترويج للمشروبات الروحية والتدخين والمخدرات في إطار مناطق ودول القارة الأوروبية، وكذلك الحركة التي يمكن أن تشجّع على حرية الاستخدام غير الطبي لمختلف هذه القضايا.

وعلى الرغم من أن دول القارة الأوروبية ولاسيما الدول المنضوية في إطار الإتحاد الأوروبي، تتصدر قائمة دول العالم من حيث الخبرة الطويلة في تطبيق الرعاية الصحية العامة وتوفير الحاجات الضرورية للمواطنين في مختلف خدمات الصحة، والتركيز دائماً على ضرورة وضع المزيد من السياسات الاستراتيجية العامة واتخاذ الكثير من الإجراءات العملية، التي قد تكفل حماية المجتمع من مختلف الأمراض الطارئة أو المزمنة، فإن غالبية هذه الدول مازالت تعاني من أزمات خطيرة في قضايا الصحة، نتيجة استهتار البعض بأوضاعهم الصحية، وتصوير المحرمات والممنوعات مثل الإدمان على التدخين والإفراط في تعاطي الكحول والمخدرات بأنواعها المختلفة، وكأنها «دلع وولع» وسلوك عادي ومقبول في المجتمع.

ولكن مع التطورات الصحية الخطيرة والطارئة، التي بدأت تصيب المجتمعات في مختلف دول العالم، والتي تمثلت في نسبة ارتفاع ضحايا سلالات الأمراض الخبيثة والفتاكة، ارتفعت أصوات المطالبين بمكافحة توسع انتشارها في أوروبا وحول العالم. وأبدت منظمة الصحة العالمية قلقها على مصير حياة ملايين الناس الذين يمكن أن تتعرض حياتهم للأمراض القاتلة والخطيرة، إذا لم تتخذ كافة الإجراءات الدولية لمواجهتها والتخلص منها، وحثت المجتمع الدولي للتصدي لتسونامي مرض الايبولا المنتشر حالياً بقوة في العديد من دول القارة الأفريقية، والذي لايزال يحصد حتى الآن أرواح الآلاف من المواطنين الأفارقة، ويهدّد مصير ملايين الناس في جميع تلك المناطق، بسبب سرعة انتقال فيروساته إلى الإنسان من خلال الحيوانات البرية المختلفة، وانتشاره بشكل موسع بين صفوف التجمعات البشرية عن طريق العدوى بين شخص وآخر، كما أجبر العديد من الأنظمة السياسية العالمية على تبني مشاريع جديدة تتكفل بمواجهته والصمود أمامه بكافة الوسائل الرادعة والممكنة.

وطالبت منظمة الصحة العالمية حكومات الدول الأوروبية والعالم بردّ دولي واضح ومنسّق على تحديات انتشار مرض الايبولا المخيف والقاتل في القارة الأفريقية، ومضاعفة جهود الإغاثة في هذا المجال، وتوجيه اهتمامات خاصة لوقف مسيرته الزاحفة، والتي بدورها قد تفرض ظروفاً اجتماعية واقتصادية صعبة في تلك المناطق الفقيرة أصلاً، وتعرّض حياة الكثير من الناس إلى الخطر أو الموت في بعض الأحيان.

تقارير المنظمة الدولية تحدثت عن مقتل أعداد غير مسبوقة من العاملين في قطاع الصحة، وتعرّض آخرين من زملائهم للخطر، وقالت أن الأمر المطلوب من المجتمع الدولي بالفعل لا يتعلّق فقط بإجراء تحولات عميقة في المجال الصحي، بل أيضاً القيام بتغييرات جوهرية جذرية في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية، التي من شأنها أن تحقّق المزيد من الخدمات التقنية الحديثة وفرص الرعاية الصحية العامة في المجتمع.

إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"

العدد 4412 - الأحد 05 أكتوبر 2014م الموافق 11 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:15 ص

      دول تحترم شعوبها

      دول تحترم شعوبها وتسهر على راحتها والعناية في تقديم كل الخدمات الصحية والعلمية من اجل تطورها وسعادتها في الحياة.

اقرأ ايضاً