العدد 4413 - الإثنين 06 أكتوبر 2014م الموافق 12 ذي الحجة 1435هـ

الاتحاد ضد العنف أثناء انتخابات تونس المقبلة

مالك كفيف

عضو المجلس الأعلى لحقوق الإنسان والحريات العامة في تونس. والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة «كومن غراوند»

دخلت تونس المرحلة النهائية قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في 26 أكتوبر/ تشرين الأول و23 نوفمبر/ تشرين الثاني بالترتيب. وعلى رغم الأزمة العميقة التي تسودها نوبات متكررة من أعمال الاحتجاج الاجتماعية والاغتيالات السياسية والهجمات الإرهابية، يمكن للعملية الانتخابية أن تنتج من خلال الحوار الوطني بين الأحزاب السياسية الواحد والعشرين داخل الجمعية التأسيسية، وهي المشاركة الرئيسية في عملية التحوّل السياسي بعد الثورة.

سيشكّل تنظيم الانتخابات المقبلة أكبر تحدٍّ هذه السنة، حيث ستقرر نتائجها ليس فقط توجّه الأمة خلال السنوات الخمس المقبلة فحسب، وإنما بشكل خاص عملية تحوّلها التي مازالت هشّة نحو الديمقراطية. ويتوجب على الشعب التونسي أن يفعل كل ما هو ضروري لإيجاد جو ملائم لعقد الانتخابات دون الانجراف وراء العنف بغض النظر عن مدى احتدام السباق الانتخابي.

يتوقع التونسيون من سياسييهم أن يكونوا يقظين ضد العنف، وكل ما قد يؤدي إليه، ففي هذا الوقت المتقدّم في العملية الانتخابية، يتوجب على المرشّحين والسياسيين أن يفعلوا كل ما بوسعهم للإبقاء على الهدوء، وألا يثيروا الشكوك بشأن مصداقية المؤسسات وصدقها، وخصوصاً تلك المسئولة عن العملية الانتخابية نفسها (السلطة المستقلة العليا للانتخابات). كما يتوجب عليهم أن يتفقوا على قبول نتائج الانتخابات وقرارات السلطات القضائية في حال قيام أحد الأطراف بالطعن بها.

ويحتاج المرشحون لأن يحترموا خصوصية غرمائهم في خطاباتهم، وأن يتجنّبوا مفاقمة المشاعر الإقليمية أو العرقية أو الدينية. ويتوجب على كل حزب أن يقوم بدوره من خلال الإصغاء إلى الأطراف الأخرى ومحاولة فهم مخاوفها والتعامل مع أية شكوك، وتطمينها بأنهم يريدون بصدق ضمان الحكم السلمي ومستقبل يحترم التنوع والحقوق الأساسية للجميع.

وعلى الإعلام كذلك مسئولية مهمة في هذا الوقت، حيث إنه يملك القدرة على الإثارة ومفاقمة الأمور، أو إدانة الخطاب الخطر ومحاولات نشر الفوضى. ويتوجب عليه الالتزام بدقة وصرامة بالأخلاقيات المهنية وأحكام القانون الانتخابي من خلال التعامل بشكل متساوٍ مع المرشحين. كما يتوجب على الإعلام أن يضمن أن تكون المعلومات التي ينشرها موضوعية وأنها لا تتخذ مواقف حزبية بشكل زائد، ما قد يضرّ بالمصداقية التي يحتاجها لنقل الخبر عن الرأي العام.

باستطاعة الإعلام العام والخاص رفع فحوى الجدل الانتخابي باستخدام لغة مصمّمة للحد من التوترات والحفاظ على مسافة معينة من السباق نفسه. يستطيع الإعلام بهذه الطريقة أن يساهم بشكل مجدٍ في نزع فتيل توجهات عنفية محددة ولعب دور أساسي في نجاح الانتخابات.

لقد شارك المجتمع المدني بنشاط في دفع عجلة العملية الانتخابية من خلال دعم الحوار الوطني، ويتوجب عليه أن يظل يقظاً كذلك ضد العنف والإرهاب، وأن يستمر بأداء واجبه بمراقبة كل خطوة تؤدي إلى الانتخابات، باحترام وانتباه ويقظة. وللمجتمع المدني، نتيجة للاستقلالية والمصداقية اللتين اكتسبهما أثناء الصراع ضد الدكتاتورية، دور لا يُقدَّر بثمن في ضمان سير العملية بشكل صحيح.

يعتمد التحوّل الناتج إلى الديمقراطية والخريطة السياسية الجديدة في تونس بشكل واسع على نجاح الانتخابات، وتكمن مسئولية الجميع في ضمان جو مناسب يمكن فيه تنظيم هذه الانتخابات بشكل جيد حتى تستطيع البلاد بدء تكريس جهودها للتنمية.

إن الحوار واللاعنف هما الأساس، ويتوجب علينا أن نفعل كل ما هو ضروري لدعمهما.

العدد 4413 - الإثنين 06 أكتوبر 2014م الموافق 12 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً