العدد 4431 - الجمعة 24 أكتوبر 2014م الموافق 30 ذي الحجة 1435هـ

«الخضري» تتطلع إلى تنفيذ مشروع جسر الملك حمد

من بين مشروعات عملاقة بعشرات المليارات من الريالات

قال الرئيس التنفيذي لشركة المقاولات السعودية أبناء عبدالله عبدالمحسن الخضري إن شركته تسعى للمشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى في مجال البنية التحتية قيمتها عشرات المليارات من الريالات، لكن الأمر قد يتطلب مضاعفة الإنفاق الرأسمالي إلى مثليه.

ومن تلك المشاريع التي تتطلع الشركة إلى تنفيذها مشروع جسر الملك حمد الذي أعلن مؤخراً، ومن المقرر أن يربط السعودية بمملكة البحرين.

ومع ارتفاع الطلب على خدمات الشركة في ظل الطفرة الاقتصادية بأكبر مصدر للنفط في العالم والإنفاق السخي على مشروعات الرعاية الاجتماعية والتعليم والنقل والبنية الأساسية، ترى الخضري متسعاً كبيراً للنمو في السوق المحلية المصدر الرئيسي للإيرادات.

وفي موازنتها للعام 2014 خصصت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم 855 مليار ريال (228 مليار دولار) للإنفاق مع التركيز بشكل مكثف على بناء المدارس والمستشفيات والطرق والسكك الحديد وتحديث المطارات والموانئ.

وتعمل الخضري بصورة أساسية في تنفيذ المشروعات الحكومية في مجال إنشاء الطرق والكباري والسكك الحديد والمباني العامة والجامعات ومحطات المياه ومحطات معالجة المياه إلى جانب مشروعات جمع النفايات الصلبة من المدن والتخلص منها.

وقال فواز الخضري، خلال مقابلة ضمن «قمة رويترز للاستثمار في الشرق الأوسط»، إن الشركة لديها اهتمام جاد بالمشاركة سواء كمقاول رئيسي أو عبر الدخول في شراكات مع أطراف ذات سمعة جيدة في مشروعات عملاقة.

وأوضح أن من بين المشروعات التي تتطلع الخضري للمشاركة فيها مشروع الجسر البري السعودي ومشروع قطار دول مجلس التعاون ومشروعات المترو المقرر تنفيذها في عدد من المدن الرئيسية بالمملكة.

وأضاف «معظم هذه المشروعات قيمتها عشرات المليارات من الريالات... النشاطات المرتبطة بمجال الخضري في أي من هذه المشروعات قد تصل بسهولة إلى سبعة أو ثمانية مليارات ريال. لا أقول إن هذا ما سنحصل عليه بالضرورة لكن هذه هي آفاق أي مشروع من تلك المشروعات.

«عندما تحصل الخضري على حصة من تلك المشاريع سيكون هناك تأثير كبير وجوهري على القوائم المالية، وبالتالي تأثير إيجابي على صافي الربح».

ولفت الخضري إلى أن مثل تلك المشروعات العملاقة حتماً ستتطلب النظر في رفع النفقات الرأسمالية عن مستواها الذي كان يتراوح بين 150 و250 مليون ريال في السنوات السابقة.

وقال: «إذا حالفنا الحظ وحصلنا على نصيب عادل من المشروعات في مجالات الطرق والنقل والبنية التحتية سواء في مشروع الجسر البري السعودي أو مشروعات المترو، فإن واحدا من هذه المشروعات فقط قد يدفع الخضري لمضاعفة النفقات الرأسمالية؛ لهذا فإن الاتجاه الصعودي للإنفاق الرأسمالي افتراض مقبول».

وأوضح أن شركته التي تمتلك فروعاً في أبوظبي وقطر والكويت متفائلة بإمكانية الفوز بعقود أكبر مستقبلا إذ إن المشروعات الكبرى التي تسعى للدخول فيها ستحقق حتما مجالا أكبر لزيادة مستوى ترسية العقود وهو ما سيحقق بطبيعته نموا أكبر في قيمة المشروعات قيد التنفيذ ويؤدي لنمو أكبر في تدفق الإيرادات.

وبلغت قيمة المشروعات قيد التنفيذ لدى الخضري 3.36 مليارات ريال بنهاية سبتمبر/ أيلول.

وربما يفسر ذلك السبب وراء ارتفاع سهم الخضري لأكثر من 82 في المئة منذ مطلع العام متفوقا على أداء المؤشر السعودي الذي سجل زيادة نسبتها 19.6 في المئة حتى إغلاق الأربعاء الماضي.

ومثل كثير من أصحاب الأعمال السعوديين استبعد الخضري احتمال تباطؤ الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية الأساسية في المستقبل القريب وقال: إن الاحتياطيات السعودية التي تتجاوز 800 مليار دولار ستكون كافية لمواجهة أي هبوط في أسعار النفط.

الأسوأ قد ولى

وقال الخضري الذي تحدث مع «رويترز» عبر الهاتف من مقر شركته بالدمام إن الأثر المؤلم لإصلاحات سوق العمل بدأ ينحسر تدريجيا، وإنه بنهاية 2015 سيكون هناك تأثير ضئيل جدا على القوائم المالية للشركة مع تلاشي تأثير العقود - التي جرى توقيعها قبل بدء الإصلاحات - على تدفق الإيرادات.

وبعد عقود من تطبيق سياسة السعودة التي لم تظهر نتائج مرضية في الحد من نسب البطالة بين السعوديين فرضت وزارة العمل في أواخر 2011 عقوبات أكثر صرامة على الشركات التي لا تلتزم بحصص توظيف المواطنين.

وفي 2012 قامت الوزارة بفرض رسوم على الشركات قدرها 2400 ريال (640 دولاراً) لكل عامل أجنبي يزيد على عدد العاملين من المواطنين السعوديين.

وفي ابريل/ نيسان الماضي قال الخضري لـ «رويترز» إن مبادرات إصلاح سوق العمل أدت إلى تآكل هوامش الربح بنسبة 50 في المئة على الأقل ليبلغ متوسط التكاليف التي تكبدتها الشركة 50 مليون ريال سنويا منذ يوليو/ تموز 2011. ويعمل في شركة الخضري نحو 20 الف موظف.

ويشغل الوافدون البالغ عددهم نحو عشرة ملايين معظم الوظائف في القطاع الخاص وعادة ما يتقاضون رواتب أقل من نظرائهم السعوديين، ولهذا تسببت إصلاحات سوق العمل في زيادة تكاليف بعض الشركات وتراجع أرباحها.

وفي القطاعات التي تعتمد بشكل مكثف على العمالة كقطاع المقاولات اشتكت الشركات من أن الإصلاحات تسببت في تأخر مشاريع مهمة وخسرت شركات الاتصالات عددا من زبائنها مع مغادرة الآلاف من العمال الأجانب المملكة، وامتد التأثير للبنوك التي جنبت مخصصات لتغطية قروض متعثرة للتحوط ضد احتمال تأخر شركات المقاولات عن سداد القروض.

وقال الخضري: «تجاوزنا الأسوأ فيما يتعلق بتأثير إصلاحات سوق العمل. لا أقول إن التأثير انتهى؛ لأن الإصلاحات لا تزال تتغير وتنطلق مبادرات من آن إلى آخر لكني أعتقد أن أكبر هزة شهدها قطاع المقاولات في المملكة منذ منتصف يوليو 2011 وامتد تأثيرها إلى عامين بعد ذلك وتسببت في معاناة جسيمة للقطاع بدأت في الانحسار».

وسجلت الشركة نموا نسبته 23.1 في المئة على أساس سنوي في صافي ربح الربع الثالث من العام ليصل إلى 15 مليون ريال بدعم من زيادة 5.6 في المئة في الإيرادات ومن انخفاض المصروفات العمومية ومصاريف البيع والتسويق.

وقال الخضري: «ينحسر التأثير فصلاً تلو الآخر. بمجرد تجاوزنا النصف الثاني من 2015 سيكون لدينا تأثير ضئيل جدا في المشروعات قيد التنفيذ».

لكن التحديات قائمة

وأشار الخضري إلى أن بعض المبادرات المتعلقة بالعمالة لم تنته بعد، وأن بعض الإصلاحات الجديدة من شأنها أن تؤثر مجددا على شركات المقاولات بيد أن تأثيرها لن يكون فادحا كتأثير الإصلاحات السابقة.

ولفت إلى مطالب حكومات بعض البلدان التي تصدر العمالة إلى المملكة بوضع حد أدنى لأجور عمالتها وهو ما قد يحدث تأثيرا كبيرا على شركات المقاولات التي تنفذ مشروعات ذات اعتماد مكثف على العمالة سواء بزيادة تكلفة تلك الشركات أو بالحد من أرباحها وفقا لمدى الاعتماد على العمالة من تلك البلدان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر قالت صحف محلية إن حكومة الهند قررت - دون التنسيق مع الجهات السعودية - فرض حد أدنى قدره 1500 ريال (400 دولار) شهريا كراتب للعمالة الهندية العاملة في المملكة.

وهناك نحو مليوني هندي يعملون في السعودية يتقاضى معظمهم رواتب يعتبرها أغلب السعوديون متدنية للغاية.

وقال الخضري: «في بعض الحالات كانت الرواتب في نطاق 800 - 900 ريال (شهريا)، والآن نسمع عن 1500 ريال حدّاً أدنى، وهي زيادة كبيرة جدا ولاسيما أن معظم العمالة الماهرة ونصف الماهرة تتقاضى رواتب أقل كثيرا من هذا المبلغ... قطعا ستكون تلك مشكلة كبرى في قطاع المقاولات».

كما أشار الخضري إلى سعي وزارة العمل إلى خفض ساعات العمل بالقطاع الخاص إلى 40 - 45 ساعة من 48 ساعة أسبوعيا، وقال إن ذلك قد يؤثر على الشركات التي تنفذ حاليا مشروعات كثيفة العمالة.

وشرح ذلك قائلا إن تلك الشركات ستضطر في النهاية إلى تعيين المزيد من العمال لتسليم المشروعات في موعدها أو لدفع بدل ساعات عمل إضافية والذي يزيد 50 في المئة على المعدل الطبيعي.

وقال: «التأثير سيكون في معظمه تكلفة مالية.. قد تزيد تكلفة العمالة عشرة في المئة وقد ترتفع إلى 25 - 30 في المئة... كل ساعة تتحول من ساعة عمل إلى ساعة عمل إضافي ستحدث تأثيرا ونحن كمقاولين حساسون جدا لهذه التكاليف».

وتدعو مسودة قانون العمل الجديد في السعودية - التي رفعت لمجلس الوزراء لإقرارها - إلى خفض ساعات العمل في القطاع الخاص إلى 40 ساعة أسبوعيا ومنح العاملين يومي عطلة أسبوعية بدلا من يوم واحد حاليا، وتهدف لتشجيع المزيد من السعوديين على العمل بالقطاع الخاص.

وقال الخضري إن عدد السعوديين غير كاف لتلبية النسب المفروضة على قطاع المقاولات لتعيين المواطنين؛ لأن الكثير منهم لا يمتلك المؤهلات والمهارات وأخلاقيات العمل اللازمة، كما أن الكثير من السعوديين لا يفضلون العمل في وظائف غير إدارية بمواقع بعيدة.

وقال: «اتفق تماما على أنه بإمكان أي شركة لديها 100 موظف، توظيف خمسة سعوديين لكن ما الوضع مع شركة مثل الخضري لديها 20 ألف موظف ويجب عليها أن تعين منهم 1600 سعودي؟ ألن أحتاج إلى تعيين على الأقل 1400 في المواقع؟ ليس بمقدوري أن استوعب عددا كبيرا في وظائف إدارية».

وأضاف «عندما نتحدث عن هذا الحجم، فإننا نتحدث عن أعداد كبيرة ليس أمامها اي بديل سوى العمل بالمواقع لتحقيق النسب المطلوبة لتعيين المواطنين وهنا يكمن التحدي».

ولفت إلى أن شركات المقاولات تظل تتنقل من مكان إلى آخر بحسب مشروعاتها، وقال: «اليوم يكون لدينا مشروع في شمال المملكة وفي اليوم التالي نحصل على مشروعات في الصحراء الجنوبية، وبعدها في الساحل الغربي. من على استعداد للتنقل الدائم معنا؟».

وأضاف «قطاع المقاولات ليس ولن يكون بمقدوره قريبا - في ظل الطريقة التي يجري التعامل بها مع الأمور - استيعاب المواطنين للعمل في المواقع... وللأسف تصبح النتيجة النهائية هي أن الشركات تعين الموظفين لمجرد تحقيق النسب (المفروضة عليها)».

وقال: إن ذلك قد يصبح أمراً «مدمراً للنسيج الاجتماعي»؛ لأنه يعني «انهم سيعتمدون كليّاً على تقاضي أموال مقابل القيام بلا شيء».

وبحسب الكتاب الإحصائي السنوي للعام 2013 الذي أصدرته الوزارة اواخر يوليو/ تموز ارتفع عدد العاملين السعوديين إلى ما يقارب 1.5 مليون عامل بنهاية 2013 مقارنة مع 681 ألفاً و481 عاملاً قبل بدء تنفيذ الاستراتيجية.

وناشد الخضري الأطراف المعنية الأخرى العمل مع شركات المقاولات على إيجاد حلول لتلك المشكلة.

وقال محذراً: «بخلاف ذلك - من وجهة نظري - فإنه بعد عشر سنوات ربما يصبح لدينا ثلاثة ملايين عامل، لكن في حال تباطؤ النشاط بقطاع المقاولات سيصبحون عاطلين عن العمل ويفتقرون إلى المهارات وستكون هذه أكبر قنبلة اجتماعية موقوتة».

العدد 4431 - الجمعة 24 أكتوبر 2014م الموافق 30 ذي الحجة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً