العدد 4450 - الأربعاء 12 نوفمبر 2014م الموافق 19 محرم 1436هـ

التفكك المعنوي سابق للتفكك المادي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

عدة دول في منطقتنا العربية تواجه مخاطر التفكك على أرض الواقع، والأحداث المتتابعة، سواء كانت حرباً أهلية أو تمرداً أو اضطرابات مستمرة في سورية أو العراق أو ليبيا أو غيرها، جميعها تشير إلى فشل ذريع على الجانب السياسي، وهذا أدى إلى تهديد الهوية الوطنية لكل بلد، وازدياد مخاطر تفكك تلك البلدان أو انقسامها داخلياً لمناطق منفصلة بصورة شبه كاملة.

مخاطر التفكك تتجذر حالياً؛ لأن الهويات الطائفية والإثنية والقبلية والمناطقية أصبحت أهم من الهويات الوطنية التي تشكلت على أساسها خريطة الدول القومية الحديثة، تلك التي تأسس معظمها على أنقاض الدولة العثمانية عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى في 1918.

الكثير من تلك الدول أنشأتها كلٌّ من بريطانيا وفرنسا لمكافأة حلفاء الحرب، أو لحماية الطرق الرئيسية، أو لضمان السيطرة على منابع النفط. ولذلك، مثلاً، تفاوضت بريطانيا مع فرنسا لضم ولاية الموصل إلى ولايتي بغداد والبصرة لتشكيل العراق الحديث (إثر انهيار الدولة العثمانية)، وذلك بعد أن اكتشفت بريطانيا إمكانات النفط في تلك المنطقة، وراح ضحية تلك القسمة الأكراد. ولذا فإن الأكراد حالياً يرون فرصتهم لتصحيح خطأ تاريخي، ولا يستبعد أن تتأسس دولة كردية - بشكل من الأشكال - بعد هزيمة تنظيم «داعش».

الأحداث تسير نحو تفسُّخ الحدود الجغرافية في عدد من البلدان المبتلاة بالأحداث الدامية، وهذا إذا لم يحدث بصورة كاملة فإنه سيحدث على نمط الأنظمة الكونفدرالية ذات المركز الضعيف، وبالتالي فإن عدة عواصم عربية قد تتحول إلى مدن رمزية لحكم متباين بشكل كبير على الأرض.

في الوقت ذاته، فإن التنظيمات العسكرية أصبحت اليوم أقوى من جيوش الدول في عدد من المناطق، وبعضها يمارس إرهاباً دموياً ويدفع نحو حرب متعددة الأطراف ونتجت عن ذلك اصطفافات إقليمية ودولية، ولكن في النهاية، فإن التنظيمات الصاعدة لها قوتها في اللعبة السياسية الحالية والمستقبلية، والردع العسكري والأمني لا يكمن أن يقضي عليها؛ لأن وجودها في الأساس جاء كتعبير للتفكك المعنوي للهويات الوطنية التي تشكلت عليها دول المنطقة قبل مئة عام.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4450 - الأربعاء 12 نوفمبر 2014م الموافق 19 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 12:43 ص

      الأنفصــال بات أمر مفروض على الكثير من الأقاليم

      طلب الانفصال لم يحدث في المناطق المتناحرة ، و المفككـة أمنيا فقط ، بل باتت حمى الاستقلال تضرب العديد من الدول منها السوادان مع بعضها و اسكتلندا عن بريطانيا و الصحراء الغربية عن المغرب ، و كردستان عن العراق ، و اقليم برشلونا عن اسبانيا ، ووصل الأمر حتى في الولايات المتحدة .
      لذا على الادارات المركزية التي تدير البلاد المترامية الاطراف توزيع الاهتمام و التنمية و الثروات بشكل متوازن لتصل لجميع الاقاليم حتى يحدث الاسقرار و تقل حمى طلب الانفصال ، و جعل الله كل الشعوب بخير و اتفاق ووئام

    • زائر 5 | 12:09 ص

      بريطانيا المجرمة الكبرى في حق الشعوب العربية

      وبالذات هنا في البحرين فبريطانيا تعربذ في اجساد شبابنا كما قسمت اوطننا تلعب بأجسادنا الآن

    • زائر 3 | 10:31 م

      صباح الخير

      كلام جميل ولكننا نحتاج لموقفك وقلمك في هذه الأيام العصيبه باقي المواضيع لها وقتها آجلا وشكرا .

    • زائر 2 | 9:58 م

      مشكلة الدول العربية !

      صباح الخير .. الوطن هو عبارة عن بيت كبير ذو غرف متعددة والكل يستطيع العيش فيه بهدوء وسلام ، ولكن " طغيان " بعض أفراد البيت يجعلهم يسعون لتوسيع غرفهم على حساب الآخرين بل قد يصل بهم عمى الطغيان لمحاولة تغييب أهل البيت وبطرق من أخبث ما عرفته البشرية !
      لذلك الشعوب الحرّة استطاعت أن تضع ضوابط تمنع طغيان أي فرد على حساب الآخرين مهما على منصبه في الدولة ... الناس تريد العيش بسلام وكرامة فهل هذا كثير عليهم ؟ (ولا تحسبن الله بغافل عما يعمل الظالمون )

    • زائر 1 | 9:24 م

      البركة في الدعم اللامحدود لتشردم الدول

      سعت بعض الدول للتدخل على شكل طائفي كالعراق وسوريا وها هم في طريق التقسيم والبركة في تلك الدولة التي صرفت المليارات لذلك والمضحك بانها تشتكي من بدايات مفاعيل الإرهاب ومن يدري ان تصل

اقرأ ايضاً