العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ

«تقرير بسيوني» يطفئ شمعته الثالثة... والبحرين تودِّع ثامن ضحايا التعذيب

«الوطنية لحقوق الإنسان» تقر بالتعذيب وبسياسة الإفلات من العقاب

«تقرير بسيوني»... إلى أين؟
«تقرير بسيوني»... إلى أين؟

عام ثالث، تكمله البحرين على صدور تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فيما الجدل الرسمي - المعارض، لايزال بارزاً بشأن تنفيذ توصيات التقرير من عدمه.

فالتقرير الصادر في (23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011)، والذي بات معروفاً، باسم “تقرير بسيوني” نسبة لرئيس اللجنة محمود شريف بسيوني، لم يسعف البحرينيين لكبح جماح جريمة التعذيب في السجون، والتي سقط على إثرها أحدث الضحايا في (5 نوفمبر 2014)، وفقاً لتأكيدات صادرة عن النيابة العامة بهذا الخصوص.

وكانت النيابة العامة، قد بينت أن وفاة المعتقل حسن الشيخ، جاءت إثر تعرضه للضرب المفضي للموت، على أيدي مجموعة من منتسبي وزارة الداخلية بسجن جو.

بهذا، تكون جريمة التعذيب قد تمكنت بحسب تصريحات صادرة عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ونشطاء حقوق الإنسان من الولوج للسلوك الرسمي، ممثلاً في منتسبي وزارة الداخلية.

بدا ذلك جلياً، في الاعتراف الذي تضمنه التقرير السنوي للمؤسسة للعام 2013، والذي تحدث عن رصد المؤسسة لحالات انتهك فيها الحق في السلامة الجسدية والمعنوية.

أما الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري، فذهب أبعد من ذلك، معتبراً أن “وجود 8 بحرينيين ضمن قائمة ضحايا التعذيب، دليل دامغ على أن توصيات تقرير بسيوني لم تجد طريقها للنور، على الأقل فيما يختص بجرائم التعذيب”.

فردية التعذيب أم منهجيته؟

وبين فردية التعذيب ومنهجيته، تدور معركة أخرى بين الجانبين الرسمي والحقوقي، وهو ما عبرت عنه وزارة الداخلية مؤخراً باعتبارها تعذيب المعتقل حسن الشيخ، تصرفاً فردياً، الأمر الذي واجهه الحقوقيون بالرفض، مستدلين على ذلك بتكرار الجريمة، والذي يؤكد عدم فرديتها.

هذا، ولم تتمكن “الوسط” من الحصول على تعليق من قبل المسئولين في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بشأن ذلك، في ظل امتناع رئيسها ونائبه والأمين العام عن التصريح، واكتفاء هذا الأخير بالتأكيد على أن التقرير السنوي الصادر عن المؤسسة للعام 2013 “أجاب على كل شيء”.

لا استقلالية لوحدة التحقيق

وبدا لافتاً، جرأة التوصيات التي تضمنها التقرير الصادر نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، تحديداً تلك التي طالبت عبرها المؤسسة، باستقلالية وحدة التحقيق الخاصة، وفق بروتوكول اسطنبول، وأن تلتزم وحدة التحقيق بالبروتوكول بما فيه إصدار تقارير علنية، إلى جانب المطالبة بالانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، وإصدار تشريعات لمراكز الإصلاح والتأهيل والحبس تتفق مع المعايير الدولية، بحيث تتبع وزارة العدل فيما يتعلق بالإشراف عليها.

كما حث التقرير، الحكومة على سرعة صرف التعويضات، وإخضاع القائمين على نفاذ القانون لبرامج تدريبية شاملة، والحدّ من استخدام الحبس الانفرادي كعقوبة تأديبية، والنظر في تحديد موعد لزيارة مقرر الأمم المتحدة المعني بالتعذيب، وإجراء مساءلة قانونية لجميع متخذي القرار من القيادات الأمنية فيما يتعلق بحالات الوفاة نتيجة التعذيب أو غيره من سوء المعاملة.

وفي التفاصيل، اعتبرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن “وحدة التحقيق الخاصة بصورتها الحالية لا ترقى إلى الاستقلالية والحياد المنشودين، بما يضمن القيام بتحقيقات فاعلة”.

وتحدثت عن عدم شفافية وحدة التحقيق الخاصة بما فيه الكفاية، مستندةً على ذلك بالقول: “إن الوحدة تصدر تقارير مقتضبة لا ترقى إلى مستوى التقارير العلنية التي يلزم أن تتضمن كحد أدنى من المعلومات التي أشار إليها بروتوكول اسطنبول”.

إلى ذلك، أكدت المؤسسة انتظارها رداً حكومياً بشأن توصياتها، وتطرقت إلى جملة تساؤلات قدمتها إلى النيابة بشأن تسع حالات وفيات أحيلت للمحاكم، اتهم فيها 37 عضواً من قوى الأمن العام بينهم ستة ضباط، وبينت عدم حصولها على المعلومات المؤكّدة حول طبيعة الأحكام الصادرة بشأن تلك الحالات، سواءً للأحكام الصادرة بالبراءة أو الإدانة، والمدد التي حُوكم بها المدانون”.

وبحسب تقرير المؤسسة، فإن “التباين بين الأحكام الصادرة بحق المتهمين في القضايا الأمنيّة، والتي تصل إلى السجن مدداً طويلة، وبين تلك الأحكام الصادرة بحق المتهمين في قضايا التعذيب من منتسبي وزارة الداخلية، التي عادة ما تكون مخفّفة، هو مدعاة للتشجيع على سياسة الإفلات من العقاب”.

ولم يجد التقرير بداً من الإقرار برصده حالات انتهك فيها الحق في السلامة الجسدية والمعنوية، وأوضح ذلك بالإشارة إلى أن “الأحداث الأمنية التي تشهدها المملكة أبرزت تلك الانتهاكات من خلال الاستعمال غير الصحيح للقوة من قبل قوات الأمن العام، كاللجوء الى استعمال سلاح الشوزن، وإلقاء الغازات المسيلة للدموع داخل المساكن والأماكن المغلقة، والقنابل الصوتية، فضلاً عن الإدعاءات بالاعتداء بالضرب أثناء عملية القبض على المشتبه فيهم”.

رغم ذلك، نوهت المؤسسة بجهود الأمانة العامة للتظلّمات بوزارة الداخلية فيما يتعلق بالسماح لها بزيارة مركز الإصلاح والتأهيل، وإصدارها تقريراً يتعلق بمدى تحقق المعايير القياسية المتعلّقة بالمعاملة الإنسانية وظروف المكان والحقوق والضمانات القانونية للنزلاء وكذلك الرعاية الصحية

العكري: توصيات لم تنفذ

وحظي موضوع التعذيب بعدد من التوصيات الواردة في “تقرير بسيوني”، من بينها ما نصت عليه التوصية رقم 1722 (و)، والتي طالبت بتدريب الجهاز القضائي وأعضاء النيابة العامة على ضرورة أن تكون وظائفهم عاملاً مساهماً في منع التعذيب وسوء المعاملة واستئصالهما.

وفي ردها على ذلك، بينت حكومة البحرين، موافقتها على تنفيذ هذه التوصية من خلال برنامج تدريبي أعده المعهد الدولي للدراسات العليا في العلوم الجنائية (ISISC) في مدينة سيراكوزا الإيطالية.

ولفتت إلى أن “السمة الخاصة لهذا البرنامج هو أنه يأخذ نهجاً متكاملاً، حيث إن جميع الجهات المعنية والمشاركة في التحقيق ومحاكمة المتهمين بالتعذيب والمعاملة اللاإنسانية ستشارك مع بعضها البعض”، معتبرةً أن ذلك سيشجع على تعاون أفضل بين الجهات.

إزاء ذلك، يتداخل العكري ليتساءل “لدينا 140 شهيداً من بينهم 8 قضوا نحبهم تحت التعذيب، فماذا جرى للمسئولين عن كل ذلك؟”، مضيفاً “من المؤكد أن الجناة ليسوا أشباحاً، بل من قوات الأمن، والقتل تم إما بالرصاص أو تحت التعذيب”.

ورأى أن النتائج لا تؤكد الجدية في تنفيذ توصيات تقرير بسيوني، موضحاً ذلك بالقول “إن من حوكموا حتى الآن هما اثنان فقط، ممن يحملون الجنسية الباكستانية ومن أصحاب الرتب المتدنية، وكان نصيبهم حكماً لمدة 6 شهور”.

العكري، الذي رفض اعتبار حديثه تشاؤماً، قال إن المسألة لا علاقة لها بتفاؤل أو تشاؤم، بل بمؤشرات محددة، تسعفنا لقياس المسائل بالنتائج، منوهاً إلى أن الجميع يأمل في أن تكون قضية وفاة المعتقل حسن الشيخ آخر قضايا التعذيب، قبل أن يستدرك ليشدد على أن ذلك سيبقى مرهوناً بمعاقبة من تسببوا في الجريمة.

ونوه في هذا الصدد، بالإجراءات التي سنتها البلدان التي تخلصت من جرائم التعذيب، والتي ساهمت في تعزيز سياسة عدم الإفلات من العقاب، سواءً عبر التغييرات الجذرية التي أجرتها على بنية المؤسسة الأمنية، أو عبر تبنيها لعقيدة أمنية مختلفة.

العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:50 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،الظلم واقع على فئة معينه في بلدنا الغالي ،،ومن قديم الازمان ،،وحان الوقت للتغيير ،،ف ارواح الناس ،، وحقوقهم ،، ليست ب لقمة سائغه في جوف ،،كل من â‌ٹâ‌ٹâ‌ٹâ‌ٹâ‌ٹâ‌ٹ
      { هب ودب } السلام عليكم

    • زائر 2 | 5:06 ص

      موضوع مكرر

      نعم أما مع النظر للمستقبل. مافي. داعي تكرر موضوع بسيوني.لانه.ورقة منتهية صلاحيتها

    • زائر 1 | 2:48 ص

      تفاؤل

      اجترار الماضي والتباكي عليه واللطم والنواح وكثرة الصراخ وعدم النظر للمستقبل بتفاؤل لم ولن يغير حالنا للأفضل.كلنا اخطأنا وكلنا اساء بعضنا لبعض وكلنا ظلمنا بعضنا البعض ولكن بنسب متفاوته ومتباينه المهم هل ممكن ان نعود لرشدنا ولطبيعتنا البحرينيه الاصيله التي عاش عليها الاباء والاجداد وعاصرناها نحن حتى عام 2011 عندما انحرفنا عن جادة الصواب ؟علينا النظر بتمعن للمستقبل

اقرأ ايضاً