العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ

رحيل المناضل العماني باحجاج... أحمد عبدالصمد

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

جاء الخبر صاعقاً، رحيل المناضل العماني أحمد عبدالصمد باحجاج يوم الأحد (9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) في صلالة التي استقر فيها في السنوات الأخيرة بعد تقاعده، وتغربه عنها لعقود، كنت عازماً على ترك كل شيء والذهاب إلى صلالة لمشاركة أهله ورفاقه ومحبيه واجب العزاء لكن حال التزامي بمنتدى «وعد» يوم الأربعاء (12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) دون ذلك، لكن إلى حين، حيث توجهت إلى صلالة يوم الجمعة (14 نوفمبر 2014)، مطار مسقط كما عهدته، قبل شهرين، مليئاً بالحركة. وما هي إلا ساعات حتى كانت الطائرة تقترب من صلالة الرابضة على سهل صلالة، والبحر الهادر من أمامها وجبال ظفار الشامخة من خلفها، وبيوتها البيضاء تلمع تحت وهج الشمس، بينما الخضرة تحيط بها من كل جانب.

ما هي إلا سويعات حتى كنت بصحبةرفاق المسيرة في البيت الذي طالما زرت فيه رفيق الدرب في زيارات عائلية عدة مرات في حي السعادة، لكن هذه الزيارة مختلفة، فرفيق الدرب ليس على الباب في استقبالي ولا رفيقة دربه تهش بابتسامتها لتستقبلنا، أم منصور وأنا، كالعادة، بدلا من ذلك فقد كان ابناه عدنان وعبدالله واقفين رابطي الجأش، وحشد من أهل ورفاق وأصدقاء الفقيد بادروا إلى التجمع حالما عرفوا أن أحباء لهم من البحرين، أمل النعيمي وحسين موسى قادمين لمشاركتهم في مصابهم الأليم وفقيدهم الغالي.

وعلى امتداد ساعات، كان الحديث ما بين الفخر للرمز التاريخي الذي قام به المناضل أحمد عبدالصمد باحجاج في نضال الشعب العماني ثم تكريسه سنوات عمره، بعد المصالحة، في خدمة الصيادين الفقراء من خلال عمله في مؤسسة تمويل الصيادين.

عاصرت الفقيد أحمد عبدالصمد لسنوات في نضاله الوطني، وكان مثالاً للمناضل المتبصر والصبور والمضحي والبعيد عن أية مطامع شخصية، ثم عرفته في سنوات انكسار هذا النضال، لا يشكو وهو يعاني، وأخيرا رجع إلى عمان مع المئات من العمانيين من المنافي، ليسهم في خدمة شعبه وتقدمه من موقع آخر.

انتهزت أول فرصة بعد رجوعي من المنفى إلى البحرين في (28 فبراير/ شباط 2001)، لأسافر إلى عمان التي أحببتها كما وطني البحرين، وكان أول بيت أدخله في مسقط عاصمة عمان، هو بيت الصديق أحمد عبدالصمد مع صديق العمر أحمد الخياط، وقد استضافنا ولعدة أيام التقينا أثناءها برفاق الدرب، وتعرفنا على معالم مسقط، وهي عنوان عمان الناهضة من ركام التخلف.

الزيارة الثانية كانت برفقة الصديق والمناضل الأممي الفرنسي مارك بيلاس بعد انتهاء مؤتمر البحرين «آفاق التحول الديمقراطي» في منصف فبراير 2002 حيث أصر الصديق مارك على زيارة خاطفة لكل من الكويت وعمان للقاء رفاقه النضاليين الخليجيين الذين كرس حياته لمناصرتهم ومناصرة قضاياهم. وهكذا كان ومرة أخرى حط رحالنا عند الراحل أحمد عبدالصمد، وكانت أياماً لا تنسى من استعادة الذكريات الجميلة. بعدها ذهبت برفقة مارك إل ظفار حيث التقى رفاقه وأصدقاءه الأوفياء.

تكررت زياراتي لظفار التي أعشقها، مكرراً أغنية أبو سلاسل لو يصير لي يومها زورك يا ظفار وأقطف الأزهار من تلك الغصون، كانت آخر زيارة لي برفقة أم منصور في أواخر شهر أغسطس/ آب وكانت ظفار في أبهى حللها بعد موسم الخريف الماطر.

استقبلتنا عائلة الراحل الصديق في بيته وكانت سويعات من استعادة الذكريات واستحضار العديد من الرفاق والأصدقاء ومصائرهم، لم يكن الراحل في وضع صحي جيد، لكن لم يكن ما يشي بالخطورة، ودعناهم على أمل أن نلتقي في البحرين في دعوة تكررت، لكن ظروف الراحل الصحية لم تكن تسمح له بالسفر.

وفجأة جاء الخبر الصاعق برحيل صديق العمر، وهكذا لم أتردد في السفر بسرعة لأداء الواجب، وحسناً فعلت العزيزة أمل ابنة المناضل عبدالرحمن النعيمي بالحضور وسبقتني إليه، وهي بذلك تؤدي رغبة رفيقه المناضل الراحل عبدالرحمن النعيمي حيث ربطت الرجلين رفقة عمر ونضال وود شملت عائلتيهما النعيمي وباحجاج.

إليك يا أيها المناضل الكبير والمتواضع إلى حد إنكار الذات كل تحية من محبيك في البحرين، وإلى عائلة باحجاج الصغيرة والكبيرة لكم أن تفخروا بالراحل الكبير، فقد كان شريفا ومخلصا لشعبه، ولشعب عمان أقول كرموا هذا الرجل بعد مماته بعد أن ظل في الظل في حياته.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4460 - السبت 22 نوفمبر 2014م الموافق 29 محرم 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:39 م

      أشقاء الروح

      أستاذ أبومنصور كلامك رائع وتشكر عليه ، ونحن نفتخر بمقالك الكبير والمؤثر في قلوبنا عن المرحوم ، ورغم أنني ولأول مره أتشرف بالتعرف عليك في بيت العزاء ولكن، شعرت بمدى صدق أخوتك وحزنك على المرحوم ،فحروفك من ذهب لتاريخ مجيد عاشه المرحوم بنضاله من أجل الوطن .

    • زائر 2 | 6:26 م

      عزاء التاريخ

      تسلم ابومنصور. اللهم اسكن احبتنا في فردوسك الأعلى. وشكراً للوسط
      تفاعلها بالعزاء. شكراً للاستاذ الجمري. المناضل (ابوعدنان) لا يمكن للتاريخ تجاهل مواقفه ولا اخلاقه ولا عطاءه. امل النعيمي

    • زائر 1 | 2:42 ص

      رحيل القامات الطويلة

      كم هي مدمية للقلب هذه الجمل "... هذه الزيارة مختلفة، فرفيق الدرب ليس على الباب في استقبالي ولا رفيقة دربه تهش بابتسامتها لتستقبلنا" هو الموت هادم اللذات ومفرق الجماعات ، أغلب القامات الطويلة أسرعت تتسابق بعد سماع النداء الأخير للرحلة الأخيرة ، لكن يبقى أريج ذكراهم تفوح رغم أنف الراغمين .

اقرأ ايضاً