العدد 4478 - الأربعاء 10 ديسمبر 2014م الموافق 17 صفر 1436هـ

السمنة و الجينات الوراثية

د . حمد محمد علي ياسين - أستاذ الوراثة الطبية بمركز العلوم الطبية بجامعة الكويت 

10 ديسمبر 2014

تعد السمنة إحدى المشكلات الصحية الرئيسية التي نعاني منها في منطقتنا، ولنا أن نتخيل حجم وخطر هذه المشكلة على الصحة العامة عندما نشاهد ارتباط السمنة بالعديد من الأمراض والمشكلات الصحية.

ولعل الخطوة الأولى لمحاربة السمنة تكمن في فهمنا لطبيعة السمنة وأسبابها بصورة دقيقة. قد لا يختلف اثنان على أن العادات الغذائية السيئة وقلة النشاط البدني والحركي هما من العوامل المسببة للسمنة، ولكن الصورة هنا غير كاملة حيث تلعب الجينات الوراثية دوراً كبيراً في إصابة الأشخاص بالسمنة، وإذا ما أردنا أن نلخص العوامل المسببة للسمنة فنستطيع وصفها بـ «مثلث» يشمل العادات الغذائية والنشاط البدني والجينات الوراثية. فهمنا لطبيعة الجينات الوراثية وعلاقتها بالسمنة سيساعد على التغلب على هذه المشكلة بصورة أكثر فعالية.

يبلغ معدل الاختلاف بين أي شخصين على مستوى الحمض النووي نحو 0.1 في المئة، وللوهلة الأولى قد تبدو هذه النسبة صغيرة جداً، ولكن في الحقيقة هذا الاختلاف هو المسئول عن جميع الاختلافات التي نشاهدها بين البشر سواء على مستوى الشكل كلون البشرة والشعر والبنية الجسمانية وأيضاً على المستوى الوظيفي للأنسجة والخلايا.

وإذا أردنا التحدث من منظور «السمنة»، فالجينات تلعب دوراً كبيراً في عملية إصابة الشخص بالسمنة. نملك نحن البشر الآليات الخلوية نفسها التي تنظم عملية امتصاص وهضم وتخزين الكربوهيدرات والدهون والبروتينات في الجسم، ولكن قد نحمل أنماطاً جينية مختلفة لهذه الجينات، ما سيولد اختلافات بمعدلات هذه العمليات من شخص إلى آخر، وبالتالي نشاهد اختلافات واضحة في البنية الجسمانية بين البشر. وهناك أنماط جينية معينة بالجينات التي تتحكم بهذه الآليات قد تزيد مخاطر الإصابة بالسمنة لدى حامليها بصورة كبيرة مقارنة بالأشخاص الذين لا يحملون هذه الأنماط وأحد هذه الأمثلة هو الجين «FTO»، حيث أشارت دراسات حديثة إلى وجود ارتباط قوي بين نمط معين من هذا الجين وبين وجود زيادة بالوزن لدى حامله مقارنة بالمعدل الطبيعي وبالأشخاص الذين لا يحملون النمط نفسه.

تأثير الجينات لا يتوقف هنا، بل يمتد حتى على معدلات استجابة الجسم لحميات غذائية معينة، وأيضاً استجابته للأنشطة الحركية والرياضية، فلكل جسم طبيعته التي تحددها جيناته الوراثية. فعلى سبيل المثال قد يستجيب شخص لحمية غذائية معينة بشكل أكبر بكثير من شخص آخر على رغم تناولهم كميات ونوعيات الطعام نفسها، وكذلك هو الحال بالنسبة للاستجابة للأنشطة الحركية.

الفكرة التي أريد إيصالها هي أن لكل شخص طبيعة جينية وجسمانية فريدة تختلف عن غيره، ولا توجد مسطرة واحدة للجميع. فهمُنا للأنماط الجينية للشخص ومن ثم تحديد الأنماط الغذائية والرياضية التي تناسبه هي خطوات مهمة لعلاج السمنة أو حتى تفاديها. الجينات الوراثية هي كتاب الجسم وفهمنا لها سيساعد على تطوير علاجات لعديد من المشكلات الصحية ومن ضمنها السمنة.

العدد 4478 - الأربعاء 10 ديسمبر 2014م الموافق 17 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً