العدد 4484 - الثلثاء 16 ديسمبر 2014م الموافق 23 صفر 1436هـ

اتفاق بشأن سبل مواجهة التغير المناخي في العالم

196 دولة صادقت في ليما على نص القرار

أحد المندوبين يتحدث خلال الجلسة العامة لمؤتمر تغير المناخ للأمم المتحدة في ليما عاصمة بيرو - reuters
أحد المندوبين يتحدث خلال الجلسة العامة لمؤتمر تغير المناخ للأمم المتحدة في ليما عاصمة بيرو - reuters

توصلت الدول المشاركة في مفاوضات ماراثونية في مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ المنعقد في ليما الأحد الماضي (14 ديسمبر/ كانون الأول 2014) للحد من الاحتباس الحراري، إلى تجاوز الخلافات بين الشمال والجنوب وانتزاع اتفاق في اللحظة الأخيرة.

وتبنت الوفود الـ 196 المشاركة في المؤتمر وثيقة تحدد تعهداتها المقبلة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للدفيئة.

ومشروع النص الذي سيستخدم في 2015 وثيقة أساسية في المفاوضات التي تسبق قمة باريس حول المناخ خلال عام، أقر بعد أسبوعين من المحادثات المكثفة.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس: أن «شبح كوبنهاغن يبتعد وأمل إنجاح المفاوضات في باريس يقترب».

من جهته رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق معتبراً أنه يشكل «خطوة إلى الأمام» للتوصل إلى اتفاق شامل لمكافحة الاحتباس الحراري خلال قمة باريس في نهاية 2015.

وقال الاتحاد الأوروبي في بيان صادر عن المفوضية الأوروبية: أن اتفاق ليما يطلب من كافة الدول تحديد تعهداتها لخفض انبعاثات غازات الدفيئة «بشكل واضح وشفاف ومفهوم».

وبعد تجاوز الخلافات بين الشمال والجنوب توصلت الوفود إلى نص مقبول من كافة الأطراف يحدد شكل التعهدات التي ستقطعها الدول في 2015 بشأن خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كالحجم والمضمون وطريقة التقييم.

وطالبت دول الجنوب بأن تشمل «المساهمات الوطنية» أيضاً بالخطط للتأقلم مع ظاهرة الاحتباس والدعم المالي لتطبيقها وهما نقطتان وردتا في الاتفاق.

وكانت المجموعة الإفريقية والجزر الصغيرة والسعودية والفيليبين والبرازيل أصرت بقوة لكي يكون التأقلم جزءاً من المساهمات.

وكانت دول الجنوب تطالب أيضاً عبثاً بإيضاحات عن قنوات التمويل التي ستسمح بالوصول إلى 100 مليار دولار من المساعدات في العام 2020 ولا تزال غير واضحة.

من جهة أخرى، عرض وزير البيئة البيروفي مانويل بولغار فيدال الذي كان يدير النقاشات على الأطراف مشروع نص جديد تم تبنيه في نهاية المطاف بالإجماع بعد ساعة فقط من المداولات.

وكان أمل أنتزاع تسوية سريعاً على أساس نص جديد تم صياغته بدد بعدة مداخلات من ممثلين عن دول نامية.

وقال ممثل السودان باسم المجموعة الإفريقية قبل أن يرفض العمل على النص الجديد «سيكون من الصعب قبول مساهمات دون التحدث عن تمويل (في مساهمات الدول المتطورة)».

وقال ممثل ماليزيا باسم مجموعة كبيرة من الدول النامية «للأسف لم يتم التحدث عن الخطوط الحمر». وأضاف بنبرة حازمة «على المساهمات أن تأخذ في الاعتبار التأقلم مع التقلبات المناخية».

وأمام جبهة الرفض هذه التي نددت بأن النص غير طموح كفاية أعرب المفاوض الأميركي تود سترن عن تأييده لـ»صياغات جديدة» لكن بعيداً عن «المفاوضات الطويلة». وقال إن «نجاح مؤتمر ليما حول المناخ على المحك».

وحذر من أن «الفشل في التوصل إلى قرار هو بمتناول اليد سيوجه ضربة قاسية إلى أمل التوصل إلى اتفاق في باريس» في 2015.

وتمهيداً للتوصل إلى اتفاق في نهاية 2015 سيدخل حيز التنفيذ في 2020 يجب أن تعلن تعهدات الدول إذا أمكن بحلول 31 مارس/ آذار قبل موعد قمة باريس.

وستضع الأمانة العامة لمعاهدة الأمم المتحدة حول التقلبات المناخية بحلول الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني خلاصة تحدد التعهدات المختلفة. وسيسمح ذلك بقياس إجمالي الجهود مقارنة مع هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بدرجتين مئويتين.

ومن شأن المساهمات الوطنية أن تسمح بخفض إجمالي للانبعاثات من 40 إلى 70 في المئة بحلول 2050 وهو أمر ضروري لعدم تجاوز عتبة الدرجتين المئويتين مقارنة مع العصر ما قبل الصناعي.

وانعقد المؤتمر للدورة العشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ والدورة العاشرة لمؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع الأطراف في بروتوكول ( كيوتو).

وعلى هامش المؤتمر عقدت ثلاث هيئات فرعية اجتماعاتها وهي: الهيئة الفرعية للتنفيذ، والهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية، والفريق العامل المخصص المعني بمنهاج (ديربان) للعمل المعزّز.

وناقش أعضاء المؤتمر جدول الأعمال المكون من عدة بنود من بينها التمويل والتخفيف والتكيف والتكنولوجيا.

واستمع المشاركون في المؤتمر إلى تقرير مقدم من الفريق العامل المخصص المعني بمنهاج (ديربان) للعمل المعزّز حول التقدم المُحرز أثناء العام الثالث من ولايته الخاصة بإعداد بروتوكول أو أداة قانونية أخرى، أو نتيجة متفق عليها ذات قوة قانونية بموجب الاتفاقية تنطبق على جميع الأطراف بحلول عام 2015 على أن تدخل حيز التنفيذ بحد أقصى العام 2020.

وكأن لمحادثات ليما هدف واضح ومحدد هو الاتفاق على نطاق جدول أعمال الاجتماع المقرر عقده في باريس العام المقبل.

لكن الدول أنقسمت بشأن البنود الأساسية والكثير من التفاصيل المتعلقة باتفاق مستقبلي واختتم اجتماع ليما بوثيقة أكثر تواضعاً من توقعات الكثيرين.

وتخشى الدول النامية من أي اتفاق يتطلب منها وضع أهداف طموحة تتعلق بخفض أنبعاثات الكربون قائلة إن ذلك أمراً جائراً لأن من حقها تحقيق معدلات تنمية عالية.

وتقول الدول الغنية التي تسببت حتى الآن في معظم الأنبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري إن الوقت حان كي يقدم الجميع يد العون لمواجهة تداعيات التغير المناخي.

من جهته، طالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري الدول النامية التي تمثل أكثر من نصف الأنبعاثات الحالية لغازات الدفيئة، إلى التحرك بدورها ضد التبدل المناخي. وقال: إن الدول الصناعية لها دور رئيسي في تقليص انبعاثات (غازات الدفيئة)، لكن هذا لا يعني أن ليس للبلدان الأخرى أي واجب للتحرك».

ويرى المراقبون أن مسألة تفاوت المسئولية بين بلد وآخر تعرقل المفاوضات الهادفة إلى بلوغ اتفاق متعدد الطرف في مؤتمر ينعقد مع نهاية 2015 في باريس بهدف مكافحة الاحتباس الحراري.

وتأمل البلدان الغنية في أن تتمحور الالتزامات والمساهمات الوطنية حول خفض انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري، وأن تستند إلى معلومات محددة وشفافة حتى يكون إجراء التقييم ممكناً. ولا يبدي عدد كبير من بلدان الجنوب، وخصوصاً المجموعة الإفريقية والجزر الصغيرة والسعودية والفلبين، استعداداً لالتزامات محددة حول مسارات خفض الانبعاثات إلا في مقابل ضمانات مالية لتحقيق هذه الأهداف، كالتأقلم مع ارتفاع حرارة الأرض وتأثيراتها المتزايدة. أما الصين والهند اللتان تحتلان على التوالي المرتبتين الأولى والرابعة في انبعاثات الغازات، فتعارضان منظومة تقييم ملزمة جداً.

ويقول خبراء المناخ والبيئة أنه يجب أن تتحدث المساهمات عن أهداف وطنية للخفض، حتى تتراجع الانبعاثات على المستوى الشامل 40 إلى 70 في المئة حتى 2050.

ويشكل وضع قواعد مشتركة حول مضمون المساهمات الوطنية وتقييمها مرحلة أساسية لضمان حجم محدد للطموح في الاتفاق المتعدد الأطراف المأمول في مؤتمر باريس.

والنص الجديد الذي طرح في هذا المؤتمر يدعو بإلحاح البلدان المتطورة، إلى القيام بخطوات طموحة للخفض، وخصوصاً في اتجاه البلدان الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية.

وبعد محادثات امتدت يومين إضافيين تطلب وثيقة الاتفاق المكونة من أربع صفحات من الدول تقديم خططها الوطنية لمكافحة الاحتباس الحراري مطلع العام المقبل لتكون أساس إتفاقية عالمية جديدة من المقرر التوصل إليها خلال قمة تعقد في باريس في غضون عام.

وقال وزير البيئة الهندي براكاش جافيدكار إن «النص يحافظ على ضرورة أن تقود الدول الغنية جهود خفض الانبعاثات مما كسر الجمود في المفاوضات». وأضاف «حصلنا على ما نريد».

وتابع أن «الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوضح أيضاً أن الدول الغنية يجب أن تقدم دعماً مالياً للدول النامية».

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لشئون المناخ والطاقة ميجيل ارياس كانيتي، لـ «رويترز»: «إنها وثيقة جيدة لتمهيد الطريق إلى باريس».

تجدر الإشارة إلى أنه تم إلحاق المسودة الخاصة باتفاق المناخ العالمي لنص القرار الذي تم التوصل إليه كنص مرفق به. وتحتوي المسودة المكونة من 37 صفحة على عدد من الأسئلة يزيد على نظيره من الإجابات، لأنها تشمل قائمة تضم الكثير من الخيارات المختلفة والمتنوعة التي تم اعتمادها على نحو شكلي في ليما كأساس أولي للمفاوضات.

ومن المقرر أن يتم التفاوض حول التفاصيل والمصادقة عليها في مطلع شهر ديسمبر/ كأنون الأول عام 2015 خلال مؤتمر المناخ المقرر عقده في العاصمة الفرنسية باريس.

ويتمثل الهدف الأشمل لاتفاق المناخ العالمي في حصر معدل الاحتباس الحراري على سطح الأرض في درجتين مئويتين كحد أقصى.

كما وصفت الحكومة الألمانية القرارات التي تم التوصل إليها في قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ في ليما بأنها أساس جيد لاتفاق المناخ العالمي المخطط له.

وقال وكيل وزارة شئون البيئة الألماني يوخن فلاسبارت: «لم يخب أملي، أنا منهك، ولكنني سعيد أننا توصلنا إلى نتيجة».

وتابع: «لقد كانت مفاوضات صعبة. وتوصلنا الآن إلى النتيجة التي تفتح جميع الإمكانات التي تؤدي إلى اتفاق طموح بشأن المناخ».

وأشار فلاسبارت إلى أن المسودة الأصلية لاتفاق المناخ لا تزال تعاني من أوجه ضعف، موضحاً: «تمنينا لأنفسنا كاتحاد أوروبي وألماني شيئاً آخر».

ومع ذلك أوضح أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يمثل قاعدة جيدة.

وفي الوقت ذاته أشار فلاسبارت إلى أنه لا يزال يستلزم الأمر الكثير من العمل على الحد من التباعد بين الدول الصناعية والدول الناشئة فيما يتعلق بمساعي كل منهما في حماية المناخ حتى الوصول إلى موعد مؤتمر المناخ المقرر عقده في العاصمة الفرنسية باريس في نهاية عام 2015.

تجدر الإشارة إلى أن الدول النامية والدول الناشئة ينبعث منها كمية كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري تماماً كالدول الصناعية.

لذا أكد فلاسبارت: «نحتاج لإسهامات جميع الدول لتحقيق هدف حماية المناخ».

وأشار إلى أن المفاوضات التي أنعقدت في ليما، عاصمة بيرو، أعطت إشارة لباريس أنها ليست بصدد أمر هين.

وتابع فلاسبارت: «إننا نسعى في النهاية لإبرام اتفاق لحماية المناخ يكون قادراً حقاً على الالتزام بحصر درجات الاحتباس الحراري في درجتين فقط».

ووفقاً للدراسات التي أجرتها اللجنة الدولية للتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة، يستلزم حصر الاحتباس الحراري في درجتين مئويتين الحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس بنسبة تتراوح بين 40 و70 في المئة على مستوى العالم.  

ونشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقويماً شاملاً للمسائل المناخية، التي تتضمن حجمه وتأثيره وسيناريوهات لتخفيف الوطأة والتكيف، أبرز مساراً خطيراً يسير كوكب الأرض في اتجاهه.

وأكد التقرير أن الكلفة الاقتصادية لمواجهة الاحتباس الحراري مازالت معقولة، لكن كلما تأخر التحرك كلما ارتفعت الكلفة، علماً بأن حصر الاحتباس بدرجتين مئويتين يعني التخلي بشكل كبير عن مصادر الطاقة العضوية لاعتماد مصادر طاقة أقل تلويثاً.

وتفيد «وكالة الطاقة الدولية» بضرورة التخلي عن استخراج ثلثي مخزون الطاقة العضوية. ويدفع الحجم الكبير لانبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة إلى ارتفاع لحرارة الأرض التي تقدر ما بيـن 3.6 و4.8 درجات مئوية.

ويُتوقع أن يترافق ذلك الاحتمال مع ظواهر مناخية قصوى متكررة واندثار كثير من الأنواع وخطر على الأمن الغذائي والحصول على مياه الشرب في مناطق عدة من العالم.

والجدير بالذكر أن المؤتمر التاسع عشر المعني بتغيّر المناخ قد عقد في (وارسو عاصمة بولندا): خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثأني من 2013، وقد تركزت المفاوضات حول تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصول إليها في الاجتماعات السابقة وتشمل استكمال عمل الفريق العامل المخصص المعني بمنهاج (ديربان) للعمل المعزّز.

وأقر الاجتماع القرار الخاص بالفريق العامل، والذي يدعو الأطراف إلى تكثيف الاستعدادات المحلية الخاصة بالمساهمات المحددة على المستوى الوطني، وقرر المؤتمر، الإسراع في تنفيذ خطة عمل (بالي) الطموح ما قبل عام 2020.

كما أقرت الأطراف قراراً بإنشاء آلية وارسو الدولية حول الخسائر والأضرار، وإطار وارسو للمبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراش وتدهور الغابات في الدول النامية.

العدد 4484 - الثلثاء 16 ديسمبر 2014م الموافق 23 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً