العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ

سلامة «الجبهة الداخلية»!

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

أمام قائمة «كارثية» طويلة من مهددات الاستقرار والتنمية في المجتمع البحريني، يلوح عنوان «سلامة وتمتين الجبهة الداخلية» وكأنه شعار هلامي بعد أربع سنوات شديدة عاشتها البلاد في إطار الأزمة السياسية، ولاتزال، فهل من سبيل لإغلاق هذا الملف الثقيل ومواجهة مخاطر وتحديات مخيفة قادمة؟

خلال السنوات الأربع الماضية، وبالتأكيد قبلها بعقود، لم تتمحور الروابط على ميزان «الثقة» بين السلطة والمعارضة من ناحية، ووجود قابلية كبيرة مسنودة بالإعلام والمال والخطاب المتشدد ومنه التكفيري قطعاً لتفتيت المجتمع من ناحية أخرى، بيد أن ما يمكن أن نتساءل عنه: «لماذا أجهضت كل المبادرات الوطنية الصادقة لإنقاذ البلد من الأزمة كتلك التي تقدمت بها شخصيات بحرينية لها مكانتها في المجتمع البحريني؟ ولماذا أفسح المجال للمتاجرين بالولاء والانتماء المزيف لكي يزيّنوا ساحة «حفل الزار» بما يشاءون من بهارج النفاق؟ ولماذا أصلاً يتحول الخلاف السياسي بين أي تيار أو مكون مع السلطة، إلى خلاف مذهبي عقائدي؟.

هناك من الأخوة الأعزاء من يحاول دائماً إغلاق أية فكرة تحليلية مجردة من العواطف تقوم على المنطق لتحليل أية ظاهرة أو قضية أو ملف تسبب في إرهاق البلد بقوله: «لا جدوى من الحديث عن الماضي ولننظر إلى المستقبل»، وفي هذا، إبعاد للمنهج السليم في دراسة الأسباب والمسببات ووضع الحلول! لا يمكن قراءة أزمة البلد من المنتصف أو من آخر صفحة في الملف.

إن اجتماع وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة يوم الثلثاء (23 ديسمبر/ كانون الأول 2014) مع عدد من قيادات المجتمع وبعض الوجوه المحسوبة على جمعيات المعارضة، يلزم عقد المزيد من الاجتماعات مع الأطراف الوطنية (المعتدلة فقط)، فلا حاجة للشخوص التي تنهش اليوم نهشاً في أوصال المجتمع، ثم تعود بعد حين لتمثل دور المصلح، ولا شك في أن الاجتماع مهم «التحديات الأمنية التي تواجهها البحرين والآتية من انقسامات الإقليم تتطلب مزيداً من العمل لتعزيز وتمتين الجبهة الداخلية والوحدة الوطنية، وتأكيد قيم التعايش بين أبناء البحرين»، لكن وجدنا خلال السنوات الأربع الماضية بروزاً مذهلاً مدعوماً بقوة لوأد أية مبادرة وطنية صادقة، حتى أصبح الحديث عن وجود تيار معارض في البلد جريمة كبرى وتآمراً.

ممارسات كثيرة خاطئة توجب على الجميع أن يطرحها على بساط البحث بصراحة، على ألا تقتصر النظرة ضمن مسار الحلول الترقيعية. فالأزمة في البلد تحتاج إلى مرئيات الشخصيات الوطنية المخلصة، ولا شك أن أهل البحرين ملّوا من شخصيات تفتقد القدرة والصدق لخدمة الوطن وتسعى في اتجاه مصالحها الفئوية الخاصة، واشتهر عنها مشاركتها في التأزيم والطائفية وإجهاض المبادرات.

ونظراً لتراكم تجربة الفشل والإقصاء للأصوات المعتدلة، وتغييب مبادرات مميّزة، كان بالإمكان تنفيذها لإنقاذ المجتمع، فإن الكثير من المواطنين بل والشخصيات ذاتها، وصلوا إلى حالة من اليأس وهذا واقع غير مطلوب إطلاقاً! لأن المسئولية الشرعية تجاه الوطن وشعبه تلزم المضي قدماً، خطوة تلو خطوة، حتى وإن كانت معاول الإجهاض مرافقة بكل قوة.

الحديث عن تأثير الأصوات المعتدلة، هو الأساس الذي طالبنا به منذ بداية الأزمة في فبراير 2011، لكن لنتكلم بصراحة مؤلمة، فحتى من انطلق بنوايا صادقة وعمل بإخلاص مع الشخصيات التي كانت تريد خيراً للبلد، أصبح مبعداً ومنبوذاً بل ومتهماً بالخيانة، وكأنه جاء بالإفك، وفتحت الساحة لإعلام مدمر وخطاب ديني يشعل فتيل الفتنة وكتابات تجارية تدّعي حب الوطن، فما الذي جناه الوطن من كل هذا؟ هل نكذب على أنفسنا ونقول إن «كل شيء تمام والأمور في أحسن حال؟».

لا شك في أن شعب البحرين، الموالي منهم والمعارض، مهما سيقت الاتهامات بالعمالة إلى الخارج والتآمر مع إيران أو غيرها، هو شعب يمتلك موروثاً انتمائياً كبيراً للوطن، لا يمكن نزع جذور انتمائه، حتى مع وجود الخلافات السياسية، والتي هي أصلاً حالة طبيعية في أي مجتمع متعدد يؤمن بالديمقراطية، إلا أن التحشيد الطائفي من جهة، وعدم تطبيق القانون على الجميع سواسية دون تمييز أو استهداف مع احترام حق أي متهم في إجراءات تقاضٍ عادلة، أدى إلى تقديم المتشددين وتغييب المعتدلين، ولهذا نسأل: «هل يمكن للفكر المتشدد ذي المآرب الشخصية والفئوية أن يبني وطناً أو مجتمعاً مستقراً؟ إطلاقاً، لا يمكنه ذلك بل ولا يريده أصلاً، فعقلية التشدد والتأزيم تقتات من الأزمات.

هناك الكثير مما يمتلكه أبناء البحرين المخلصين لتحقيق سلامة الجبهة الداخلية، فالنقاط يجب أن توضع على حروفها وفق الحلول السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ستسهم في تحقيق ذلك السياج الذي يحمي بلادنا. ولن يتحقق ذلك مع مزاجية تطبيق القوانين، ولن ينفع ذلك مع إعلام يرقص على عذاب المجتمع، ولن يفلح ذلك مع صحافة وكتاب ومقالات تتشفى ثم تتغنى بحب الوطن ثم تبث سمومها.

قد يكون كلام الشخصيات الوطنية المخلصة، سواءً كانوا من الموالاة أو المعارضة أم من المستقلين، موجعاً أو مؤلماً لقربه من الحقيقة، لكن... لكي يرتاح الوطن من عذاباته، لابد من إزالة الورم الذي يزيده سقماً، مهما كان حجم الألم. فكل بحريني شريف يحلم بوطنٍ للجميع بلا استثناء، وأبناء البحرين لن يقصروا في الذود عن ترابها المقدس.

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 4494 - الجمعة 26 ديسمبر 2014م الموافق 05 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 4:56 ص

      تحياتي أخ سعيد

      تحية طيبة للأخ الكاتب الأستاذ سعيد محمد على موضوعاته الوطنية المخلصة المنتمية للوطن الغالي.. وأقول أن البحرين هي أرض كل الناس.. فالطائفتين الكريمتين الأصيلتين ضربت ولا تزال تضرب كل المثل الصادقة الا ان وجود اناس دخلاء وكذلك طائفييين موتورين من الطائفتين هم السبب، وكم أتمنى أن يكون لوزير الداخلية مبادرة مخلصة يتقدم بها للحكومة توقف تبادل الاتهامات وتكون متضمنة مباديء وطنية للخلاص من أزمة البلد وعدم رميها على ايران أو غيرها..
      الأزمة سياسية داخلية ممتدة والحل ليس بالهروب.

    • زائر 5 | 4:55 ص

      السالفة مو هينة

      الغريب بالأمر بأنه أجتمع مع طيف واحد فقط - و هذا اعتراف بأن الخطر مستهدفنكم انتم فقط - الله يسنر من الي جاي !! موغريبه اذا الخطر بدأ سيثقون بنا فقط !

    • زائر 7 زائر 5 | 5:03 ص

      صدقت زائر رقم 5

      أحسنت أخي الكريم.. المستهدف هو طيف واحد كبير ورئيس في المجتمع وهو الطيف الذي أصبح مستهدفًا ......وقانونيا ........ودينياً.. واتمنى من معالي وزير الداخلية أن يبادر إلى وضع خطة وطنية جامعة، ليست أمنية فقط فالحلول الأمنية طوال أربعة عقود لم تنفع ابدًا ، والحقيقة، أن المطالب الدستورية المشروعة التي تحولت إلى تهمة بالطائفية والخيانة ستبقى وهذه الاتهامات ستسقط لكن لننظر إلى مصلحة الوطن.. لا تقتلني بأسلحتك ثم تقول عني ارهابي.

    • زائر 4 | 4:48 ص

      ايران هي السبب

      أكيد ايران هي السبب.. علشان جذيه الحكومة تلصق بي كمواطن شيعي تهمة التآمر وحب إيران واتباعها يعيدون ويكررون دون تفكر أو قوة حجة او برهان.. هاهي ايران تتقدم في كل المجالات فيما دولنا الخليجية لا مشروع وطني أو قومي جامع لها.. غارقة في الخلافات والفساد والطائفية والتضييق على معيشة الشعوب..
      واذا كان ايران هي السبب، فعلى الحكومة أن تقطع دابر الشر من خلال منح المواطنين احقية المواطنة الكاملة دون تمييز، أما المتآمر أو الخائن فهناك القضاء الذي يجب أن يكون عادلًا لا طائفيا ولا مستهدفًا

    • زائر 2 | 3:22 ص

      ابتعدوا عن ايران

      ابتعدوا عن ايران و نحن بخير لماذا كل هذا الحب لإيران التي هي العدو الاول للإسلام الحقيقي و العروبة

    • زائر 3 زائر 2 | 4:46 ص

      زائر رقم 2 .. شماعة إيران لم تعد نافعة أو ناجحة

      حتى لو افترضنا أن ايران لها دخل.. جزافًا هكذا كما هي الشماعة المعتادة، سؤالي لزائر رقم 2: اذا كانت هي العدو الأول للإسلام الحقيقي والعروبة، لماذا تبقي دول الخليج علاقاتها معها؟ واذا كانت متآمرة، لماذا بعض الحكومات الخليجية توقع اتفاقيات اجتماعية وثقافية وتعاون معها؟ لا تقل لي سياسة.. لأنني سأقول لك: ليس من عدالة أي حكومة أن تتهم مواطنيها بالانتماء لإيران لكي تنكل بهم في حين أنها تقيم علاقات معها..ايران هي شماعة نصبتها اميركا التي تقولون عنها هي وايران عملة واحدة..لتأجيجكم فقط

    • زائر 1 | 11:44 م

      شقوا المجتمع ثم يطالبون بتوحيد الجبهة الداخلية

      من عمل على شق المجتمع البحريني لا يتوقع بأن تتوحد هذه الجبهة عند مداهمة أي خطر وان كان الخطر سيطال الجميع. ها هو التج.... خطر سيطال الجميع ان عاجلا او آجلا فلماذا لم يكترثوا لخطورته؟ بل هم يزيدون فيه
      عن نفسي لا اهتم لهذه السفاسف

اقرأ ايضاً