العدد 4508 - الجمعة 09 يناير 2015م الموافق 18 ربيع الاول 1436هـ

الضوضاء والأمن الاجتماعي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

الضوضاء في المناطق السكنية ومواقع التواجد الاجتماعي مصدر خطر على صحة الإنسان والأمن المجتمعي، وتمثل نتيجة سلبية للسلوك العقيم الذي في حاجة إلى ردع. والضوضاء أو الضجيج فوق المستوى الذي تحدده المقاييس الدولية بـ 90 ديسبل، وفق تشخيص الدراسات التخصصية، يتسبب في التأثير السلبي على الجهاز السمعي كلما ارتفعت حدته وطالت مدة التعرض له، وقد يؤدي إلى الصمم المرضي العرضي المؤقت الذي يزول بزوال المؤثر، أو الصمم الدائم الذي لا يمكن الشفاء منه والذي ينتج عن تحلل الشعيرات الحساسة في الأذن فيفقدها حساسيتها إلى الأبد. كما يؤثر على الدورة الدموية ويحدث اضطرابات في دقات القلب، ويؤدي إلى ضعف ضغط الدم، ويؤثر على وظائف المعدة والغدد الصماء، ما يؤدي إلى اضطرابها والإجهاد السريع للجسم.

وتتنوع مصادر الضوضاء وتتداخل مؤثراتها السلبية على حياة واستقرار المجتمع، وبالإضافة إلى أنها مصدر إزعاج للمجتمع وبالأخص المرضى والأطفال الرضع والنساء الحوامل وكبار السن، هي أيضاً مصدر خطر على حياة وسلامة الأفراد والمجتمع الذي يتسببه الفهم الخاطئ في طرق ممارسة الواجب المشروع والممارسات الفوضوية للفئة الطائشة والمراهقة التي لا تضع للقانون وحياة الناس أي اعتبار.

فهناك الممارسات الخاطئة والاستخدام غير الرشيد لمكبرات الصوت والتي يخشى أفراد المجتمع الإعلان عن معارضتهم لها، على الرغم من انزعاجهم وتذمرهم لأسباب يدركها الجميع، ويتمثل وجودها نتيجة إسناد مهمة أداء واجبات النشاط المشروع مصدر الازعاج إلى الفئة الشابة ضعيفة التكوين الثقافي والإدراك لقيم الواجب الذي يؤدونه وما يتوجبه ذلك من ضرورة الأخذ في الاعتبار، المصالح الاجتماعية التي تقتضيه القيم الدينية والأخلاقية والقواعد القانونية.

دوافع ملامستنا لهذا الموضوع الاجتماعي والتربوي والإداري والقانوني أيضاً، تتمثل في ما استمعنا إليه من احتجاجات وتذمر الجيران من الضجيج العالي والضوضاء غير المبرّرة لمكبرات الصوت من مصادر مختلفة، وفي أوقات الذروة والسكون، ويشير عدد غير بسيط من الأفراد إلى أن ذلك يتسبب في إيذاء كبار السن والمرضى، وإعاقة إنجاز أطفالهم واجباتهم المدرسية ويحرمهم من النوم المبكر، وخصوصاً في فترة الامتحانات. وتلك ظاهرة عامة ليست مقتصرة على منطقة دون أخرى، وهي في حاجة إلى تقنين والتفاتة جهات الاختصاص في الشئون الدينية.

وينبغي التشديد على أن تلك الظاهرة لا يرضى بها العقلاء في المجتمع، وذلك ما تؤكده مواقف عدد من رجال الدين المعلنة في مناسبات مختلفة، كان آخرها التوجيه الذي استمعنا إليه من كبار رجال الدين بخفض مكبّر الصوت أثناء حضورنا المحاضرة الدينية في حسينية السيد فاخر الوداعي الثلثاء الماضي (30 ديسمبر 2014).

وما زاد اهتمامنا أكثر بملامسة هذا الموضوع مشاهدتنا أحد كبار السن وهو يصرخ في الشارع معلناً تذمره من ضجيج الدراجات النارية والمركبات المزوّدة بأجهزة تضخيم صوت المحرك التي تزدحم بها في وقت الظهيرة وفي أوقات متأخرة من الليل، الأحياء والشوارع الرئيسة وبالأخص منها شارع النخيل الذي يخترق قريتنا باربار بالمحافظة الشمالية، بالإضافة إلى الممارسات الطائشة والاستهتار بحقوق المجتمع نتيجة قيام هذه الفئة باستخدام مزامير السيارات مع الأصوات العالية لأجهزة التسجيل في وقت متأخر من الليل. وتلك ظاهرة مقلقة للمجتمع المحلي خصوصاً إذا ما أدركنا حقيقة غياب التوجيه الأسري، وازدراء هذه الفئة لما يصدر إليها من تحذير بالتوجه إلى الجهة المختصة بحفظ الأمن والنظام.

الضوضاء والممارسات الفوضوية ظاهرة غير مقتصرة على بلد دون آخر، وكنا قد شهدنا هكذا ممارسات في مواقع التواجد الاجتماعي والشوارع الرئيسة في الشارقة عندما كنا في دولة الامارات، وكما هو عليه الحال من تذمر فئات المجتمع في البحرين لهكذا ظاهرة، كان للمجتمع في الشارقة موقفه الرافض لهكذا ممارسات. واستجابة لنداءات المجتمع المحلي وجه السلطات في الشارقة نهاية مارس/آذار 2012، شرطة الشارقة بمصادرة نهائية للمركبات من السيارات أو الدراجات النارية المزوّدة بمحركات تزعج قاطني الأحياء السكنية، وعدم إعادتها لملاكها، وإغلاق الورش المختصة بتزويد المركبات نهائياً. وبادرت الإدارة العامة للعمليات المركزية وإدارة المرور والدوريات في القيادة العامة لشرطة الشارقة بعد ساعة واحدة من صدور التعليمات، في تنفيذ حملة واسعة، أسفرت خلال يوم واحد عن ضبط عدد كبير من المركبات والدراجات المتورطة في السلوكيات السلبية.

الجهود الموجهة للحد من ظاهرة الضوضاء في مقدمة أولويات استراتيجية الأمن الاجتماعي وخطط العمل لصون الأمن البيئي للمجتمع المحلي في البحرين، ويجري التأكيد عليها في «المادة 17» من المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1996 بشأن البيئة، وتشير إلى أنه «يلتزم جميع الأشخاص والمشروعات، عند مباشرة الأنشطة الإنتاجية أو الخدمية أو غيرها، وخاصة عند تشغيل الآلات والمعدات والمرآبات واستخدام آلات التنبيه ومكبرات الصوت، بعدم تجاوز الحدود المسموح بها لشدة الصوت وفق ما يقرره جهاز البيئة».

القانون محور رئيس في مواجهة الأنشطة المتسبّبة لظاهرة الضوضاء، بيد أننا في حاجة إلى اعتماد برامج موجهة للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في وضع القوانين والقواعد الأكثر جدوى في اعتماد الإجراءات التأديبية والرقابية والعقابية لردع الممارسات المرفوضة مجتمعياً، والتي تتسبب في الإخلال بالامن الاجتماعي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4508 - الجمعة 09 يناير 2015م الموافق 18 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 3:42 م

      صرخة مصاب

      أفهم من مقالق بل أعرف انك تعاني من ويلات الضوضاء فالسماعة التي على بيتكم ووضعها احد القيمين في المسجد المجاور لاتزال موجودة ونعرف انك محاصر بالاصوات العالية من مكبرات الصوت من المساجد المحيطة ببيتكم والمأتم القريب منكم ونعرف انك بعد ان منعت استخدام السماعة التي على بيتكم عمل القيم في المسجد المجاور على وضع مقوي للصوت، وبالاضافة الى ذلك لديك جيران ازعاج الاخرين جزء من ثقافتهم، نحن جيرانك ونعرف حقيقة الالم ونتمنى من القائمين على المساجد والمآتم المجاورة أن يرحمونا.

    • زائر 8 | 5:06 ص

      الضوضاء مشكلة علاجها الوعي الذاتي

      أشكر الكاتب المحترم على طرح هذا الموضوع الهام اللذي يؤرق كثير من المواطنين والمقيمين في البحرين. وعلى سبيل المثال أطرح قصتي مع الازعاج المستمر في منطقة تعتبر حديثة وراقية في المحافظة الشمالية ومصدرها حفريات المجاري وازعاج السيارات المستمر والدراجات النارية وطابور الصباح في المدرسة المجاورة وكذلك الحيوانات التي يربيها الجيران كالكلاب والديكة إضافة إلى الموسيقى الصاخبة في أيام قليلة من النوادي الاجنبية

    • زائر 7 | 4:19 ص

      يوم واحد

      يوم واحد بس اريد منكم الحضور لرؤوية شارع 29 في عراد وادارة المرور على علم بهالممارسات وللاسف ماتتخذ اي اجراء مكتفية بتنظيم المرور فقط ايام الاحتفال بالعيد الوطني طيب وباقي الايام شنسوي مايهنى لنا نوم ولاراحة لاكبار ولاصغار سنين على هالحالة مو امس واليوم لمتى نصبر ونسكت

    • زائر 6 | 4:07 ص

      أكبر من ما ذكرته يحدث ‏ عندنا يا سيدنا شبر الوداعي


      هناك أحد الجيران يضع فوق منزله مكبرات صوت ضخمة جدا ورافع صوت السماعات بشكل فضيع وهو يقوم برفع الآذان وللعلم أنه لا يوجد في بيته لا مأتم ولا مسجد والقرية مليانة مساجد ومآتم والحمدلله ويوم كلمناه عن الموضوع قال لنا ( مافي أحد يكره صوت الآذان إلا شخص يكره الصلاة ) يعني فهمه كان خارج الموضوع لا أدري لماذا يرفع الآذان في بيته وبيته ليس مسجد ولا مأتم

    • زائر 5 | 1:37 ص

      ادا

      ادا ادارة المروور تمنع السيارات استعمال الضوضار فى المركبات وتعطيهم مخالفات كيف سمحت للتجار ادخالها البلد وهى ممنوعة فقط تريد ادارة المرووور استلام فلوووس المخالفات يعنى هاده فساد ادارى المشتكى لله لقد تادينا من هادى الاصوات خصوصا وقت النوم والديرة سايبه فالحين بس يعتقلون الشباب الابرياء وينكم عن اللوفريه الي امدينه فى انصاف الليالي وشكرا للكاتب

    • زائر 4 | 1:30 ص

      اسوأ سيئآتنا

      ما احوجنا للتخلص من هذه الظاهرة الخطرة اليوم وليس غداً ظاهرة السباق الضوضائي .....................وكل الشكر والتقدير للدكتور شبر لطرحه هذا الواقع المر

اقرأ ايضاً