العدد 4516 - السبت 17 يناير 2015م الموافق 26 ربيع الاول 1436هـ

«شارلي إيبدو»... انتهاء الزفّة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يوم الأحد الماضي، خرجت مظاهرةٌ «مرخّصة» كبرى في قلب العاصمة الفرنسية باريس، دعت إليها الحكومة نفسها، وشارك فيها مليون ونصف المليون فرنسي، تقدّمتهم خمسون شخصية سياسية أجنبية، واحتفى بمتابعتها الإعلام العالمي حتى منتصف الليل.

كانت زفّةً مليونيةً كبرى، وكان المطلوب فتح سجل تعازٍ على مستوى العالم كله، لتوقّع جميع الشعوب تعازيها لمقتل أحد عشر فرنسياً، وإصابة اثني عشر آخرين. ولم يتردّد الكثيرون، عن قناعةٍ أو تعاطفٍ، على رفع شعار (Je suis charlie).

الجميع أدان جريمة القتل دون تردد، وكان من بينهم قيادات إسلامية كانت معروفةً بدعم الجماعات المتطرفة في سورية والعراق وسواها، التي استمرأت عمليات القتل الجماعي والعشوائي للأبرياء، وتورّطت بسفك دماء عشرات الآلاف من المسلمين والمسيحيين وتهجير الملايين من مدنهم وقراهم. وربما كان دافعها التقية ودفع التهمة عن الذات، مع تحسّب هجمةٍ مرتدةٍ شديدة من قبل الغرب والأنظمة الحليفة له في المنطقة، كما بدأت الأمور تتضح الآن.

قبل مرور أسبوعٍ على الحادثة، بدأت المعادلة تنقلب، ليس في العالم الإسلامي الذي خرجت مظاهرات غاضبة بعد صلوات الجمعة ضد المجلة لإعادة نشرها الرسوم المسيئة للنبي (ص)، بل على مستوى الداخل الفرنسي، حيث بدأنا نسمع أصواتاً مستقلة ناقدة لهذه المطبوعة وأطروحاتها. وأقوى الحجج جاءت في سياق المقارنة بين استهانتها بشخصية رسول الإسلام (ص)، وتحفظها على ما يثير الدولة الصهيونية، أو طردها رسّاماً كان يعمل لديها، لرسمه كاريكاتيراً عن تحوّل ابن ساركوزي لليهودية لأسباب مالية.

إسلامياً، ارتفع صوت الأزهر الشريف، الذي يمثل منارة الاعتدال في العالم الإسلامي، حيث حذّر مفتي مصر الصحيفة الفرنسية الثلثاء الماضي، من نشر رسوم مسيئة جديدة للنبي محمد، ووصف ذلك بأنه «فعل عنصري يؤجّج الصراع بين الشعوب». فليس المطلوب منا كمسلمين، أن نوقّع على بياض، فالمجلة الساخرة التي هالها حجم التعاطف معها، أخذتها العزة بالإثم، فاستمرت بنشر الرسوم المسيئة للرسول (ص).

مفتي مصر، وفي لفتةٍ مهمةٍ، قال بأن العدد الجديد الذي صدر منه ثلاثة ملايين نسخة، «سيتسبّب في موجةٍ جديدةٍ من الكراهية في المجتمع الفرنسي والغربي بشكل عام. كما أن ما تقوم به المجلة لا يخدم التعايش وحوار الحضارات... كما أنها تعمّق مشاعر الكراهية والتمييز بين المسلمين وغيرهم». وهو كلامٌ منطقيٌ ومعقولٌ ويستدعي التقدير والاحترام، فليس المطلوب تجاهل أساس الخلاف، والتركيز على الهامش، رغم الإقرار بفظاعة القتل وإدانته.

التصريح الأهم، جاء من قبل بابا الفاتيكان، بنديكتوس السادس عشر، الذي قال بأن «حرية التعبير هي حق أساسي، لكنها لا تعني استفزاز وإهانة معتقدات الآخرين أو التهكم عليها». وجاء تصريح رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم وهو على متن طائرة ستقله من كولومبو إلى مانيلا، وضرب مثلاً واقعياً من الحياة: «إذا تحدّث صديقٌ بسوءٍ عن والدتي فيمكنه أن يتوقع تلقي لكمةٍ مني، هذا طبيعي».

لقد انتهت الزفّة سريعاً. لقد جفّ الدم، وعادت الأضواء لتتسلط مجدّداً على جذر المشكلة التي تكمن في ثقافة الاستعلاء التي تستهين بالثقافات الأخرى، ولا تعترف بمبدأ المساواة بين الحضارات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4516 - السبت 17 يناير 2015م الموافق 26 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 8:54 ص

      هذا هو حالنا

      يجاملون الغرب الذي هو أساس الإرهاب ويخرجون في مسيرة هي في حقيقتها سيرت ضد الإسلام بحجت إرهابيين مسلمين مع أن كل الإرهابيين المتأسلمين كبن لادن والضواهري والبغدادي وغيرهم الكثير من الحوش ماهم إلا صنيعت الصهاينة لينشروا الكراهية للإسلام من خلال أفعال دنيئه ليست من الإسلام في شيئ .

    • زائر 10 | 3:23 ص

      الَلهَّمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَدٍ وَ آلِ مُحَمَد

      الَلهَّمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَدٍ وَ آلِ مُحَمَد

    • زائر 9 | 3:03 ص

      تعديل

      الان يا سيد البابا هو فرانسيس وبنديكت السادس عشر استقال من سنتين

    • زائر 8 | 2:45 ص

      شنو قال أنا شارلي!!!!!

      لقد انتهت الزفّة سريعاً. لقد جفّ الدم، وعادت الأضواء لتتسلط مجدّداً على جذر المشكلة التي تكمن في ثقافة الاستعلاء التي تستهين بالثقافات الأخرى، ولا تعترف بمبدأ المساواة بين الحضارات

    • زائر 6 | 11:30 م

      اهم شيء

      ان تكون المظاهرة مرخصة وقانونية والا ستعامل بالقانون ويكون من حق الشرطة تفريقها بمسيلات الدموع والشوزن.

    • زائر 12 زائر 6 | 11:04 ص

      الشوزن‏ ‏محرم‏‏ ‏‏دوليا‏ ‏حتى ‏لو‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏المسيرة‏ ‏مرخصة

    • زائر 4 | 11:18 م

      بنيديكتوس وإلا فرانسيس

      اسمه فرانسيس والسابق كان بنيديكتوس

    • زائر 7 زائر 4 | 2:41 ص

      تواضروس الثاني

      أعتقد الحالي إسمه "تواضروس الثاني" يرجى التأكد

    • زائر 3 | 10:00 م

      الإعلام المضلل

      في الحقيقة ما شهدناه في باريس ليست زفة بل هي أشبه بحفلة زار الضحية واحدة والباقي مشعوذون فلا باريس هي الضحية ولا الصحيفة ولا القتلة ولا المقتولين وإنما الضحية الإسلام ككيان ووجود حقيقي حيث ضاق به الجميع شرقا وغربا شمالا وجنوبا وكل من حضر له نصيب وإلا لماذا هذا الهرج والمرج وكأنها أول أو آخر جريمة ففي كل يوم ترتكب المئات من الجرائم فلما ما حدث في باريس أليس الأمر يحتاج لجواب شافي أم ننتظر ليخرج الجني من رأس الضحية بخروج روحها كما يخططون ولكن هيهات هيهات فالإسلام المحمدي باق باق باق.

    • زائر 2 | 9:30 م

      كلهم تراكضوا الكبار من العرب والمسلمين ليعتذر وا

      عندما تكون ضعيف لا احد يحترمك عندما تبيع كرامتك لا احد يحترمك هذه حالة كبارنا ممثلينا في تظاهرة باريس

    • زائر 1 | 8:47 م

      حبيبي يا رسول الله

      الَلهَّمَ صَلِّ عَلَى مُحَمَدٍ وَ آلِ مُحَمَد

اقرأ ايضاً