العدد 4517 - الأحد 18 يناير 2015م الموافق 27 ربيع الاول 1436هـ

حرية اعتناق الآراء في المنطقة العربية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

من الضروري الالتفات إلى أهمية حرية التعبير التي تشكل عاملاً أساسيّاً لأي مجتمع ديمقراطي حرٍّ. لكن في مجتمعاتنا العربية فإن حرية التعبير لا تحترم، وتفسيرها يأتي بالصورة التي ترسم صورة مغايرة لحقيقة الأنظمة السياسية التي تحكم المجتمعات العربية.
وقد تكون مصر في مقدمة هذه الدول التي شهدت مثلاً قمع المدونين ونشطاء حقوق الإنسان، الذين خرجوا مطالبين بالديمقراطية إلى الشوارع والميادين باحتجاجات واسعة. وجاء رد الأجهزة الأمنية على ذلك بحملات اعتقالات واسعة طالت الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وصولاً إلى تكميم الأفواه، وقمع حرية التعبير وتداول المعلومات من خلال إغلاق شبكات الهاتف والانترنت في محاولة لعزل مصر عن العالم.
إن الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية على مدى أربع سنوات ما هي إلا دليل على حالة الاحتقان الطويل الذي عاشته ومازالت تعيشه شعوب المنطقة العربية. فعلى رغم مرور أربع سنوات على ثورة تونس التي حلت ذكراها منذ عدة أيام، فإن ما تغير في تونس القليل، لكنه دون شك الأفضل عن باقي دول المنطقة التي إما اتجهت نحو الدولة البوليسية عبر القمع اليومي أو حرب قاسية، قتلت كل إحساس، وحل محلها الإرهاب الذي ما عاد فقط يرهبها بل وخرج خارج حدودها ليصل إلى شوارع باريس وغيرها. ولو نظرنا إلى طبيعة الاحتجاجات فانها لا تخرج في غالبها عن المطالب المتعلقة بالانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، وقد يكون في مقدمتها القمع المستمر والمنهجي لحرية التعبير والتجمع وقمع المجتمع المدني وحركة حقوق الإنسان.
من هنا لابد من التأكيد على حرية اعتناق الآراء، وهو حق مطلق لا يسمح بتقييده في أي ظرف من الظروف. ولا يسمح بالتمييز ضد أي شخص أو تقييد أو انتقاص أي من الحقوق الأخرى، بسبب آرائه الحقيقية التي قد تكون مخالفة لتلك التي تتبناها الأغلبية في البلاد، أو تلك التي تتبناها أجهزة الدولة أو الحزب الحاكم. إلا أنه عندما تفرض دولة القيود على ممارسة حرية التعبير، فإنه لا يجوز أن تعرض هذه القيود الحق نفسه للخطر.
و بحسب المستشارة المستقلة في مجال حقوق الإنسان ميرفت الرشماوي فـ «كثيرا ما تلجأ الدول إلى ذلك البند لتبرير تدخل لا داعي له في حرية التعبير ﺑﻬدف منع فضح ما ترتكبه الحكومات أو الكيانات الخاصة ذات النفوذ من فساد وسوء سلوك. وكثيراً ما يتم الإبقاء على قوانين عفا عليها الزمن، مثل القوانين المتعلقة بإثارة الفتن، والقواعد التي تمنع نشر أنباء كاذبة، والتي يُعاَقب بموجبها من ينتقد الحكومة، وأيضاً ممارسة النفوذ السياسي أو السيطرة السياسية على وسائل الإعلام العامة، وفرض شروط التسجيل على وسائل الإعلام أو شروط استخدام شبكة الإنترنت أو النفاذ إليها، وسيطرة الحكومة المباشرة على الترخيص لهيئات البث أو تنظيم عملها، وإساءة استخدام الدعاية الحكومية أو غيرها من سلطات الدولة، وملكية وسائط الإعلام أو السيطرة عليها سيطرةً ذات شأن من جانب الزعماء السياسيين والدعاوى القضائية، ذات الدوافع السياسية التي ترفع ضد وسائل الإعلام المستقلة».
وكثيرا ما تستخدم القوانين التي تجرم التشهير أو القذف الذي يمسّ شخصًا مّا أو شيئًا مّا والتي لاتزال سارية في معظم البلدان العربية، وتمثل ﺗﻬديدا تقليديا آخر لحرية التعبير. كما أن استخدام مفهوم التشهير لتجريم التعبير خارج النطاق الضيق للتحريض على الكراهية، وفرض عقوبات قاسية غير مبررة مثل عقوبة السجن، والأحكام مع وقف التنفيذ، وفقدان الحقوق المدنية بما في ذلك حق ممارسة مهنة الصحافة، وفرض الغرامات المفرطة ما زالت من التهديدات الأساسية لحرية الرأي والتعبير.
ولقد شددت هيئات الأمم والمتحدة - بحسب رشماوي- مراراً على ضرورة قيام المسئولين الحكوميين والشخصيات العامة بالسماح بالنقد بدرجة أكبر مما هو مطلوب من المواطن العادي.
من هنا لابد من الاشارة الى أن ما يحدث في الساحة العربية من الانتهاكات التي يواجهها عدد من نشطاء حقوق الإنسان، الصحافة، المدونين، والنشطاء السياسيين لها علاقة وثيقة بالحق في التعبير، وإن عدم تمكين الصحافة من ممارسة الحق في حرية تبني الآراء سيمنع دون شك المنظمات والصحافة من القيام بعملها بشكل فاعل، مما يشكل عائقاً أمام تقدم المجتمع. وهو ما يعني أهمية تطبيق وتفعيل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي ينبغي على الدول اعتماده، وخاصة أن قوانين العقوبات وقوانين الصحافة على الصعيد الوطني تعد أحكاماً مبهمة تجرم انتقاد الحكومة أو كتابة تقارير عن مواضيع حساسة سياسيّاً أو اجتماعيّاً، وتستخدم ليس لمعاقبة الصحافيين المحترفين بل تشمل الجميع بمن فيهم هواة مسرح الحدث اليومي.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4517 - الأحد 18 يناير 2015م الموافق 27 ربيع الاول 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:16 ص

      ..........

      من واحد يطالب بحقه فهو خائن ي............... لن نسكت ونظل نطالب بحقنا حتى اخر رمق مثل ما قال دشتى لو اعدمتمونى لن اتخلى عن مطالب الشعب البحرانى والايام بيننا ..............

    • زائر 3 | 2:33 ص

      مقال مهم يستحق القراءة

      هذا بالضبط ما حدث ويحدث لنبيل رجب وما حدث لغيره من النشطاء الله يفرج عن بنت جمشير وسيد جميل

    • زائر 5 زائر 3 | 3:30 م

      التسامح مهم

      التسامح وحرية الرأي وغيرها جميعها أمور يجب أن تتعلمها الحكومة قبل الناس...لماذا النقد يعتبر إرهابا وخيانة وتشكيك في وطنية ابن البلد...كبروا شوي

اقرأ ايضاً