العدد 4538 - الأحد 08 فبراير 2015م الموافق 18 ربيع الثاني 1436هـ

«دراسات» تفتح ملف التحديات التي تواجه دول الخليج

تناولت صورة العربي في الكتب المدرسية الإيرانية...

عمر العبيدلي
عمر العبيدلي

فتحت مجلة «دراسات»، الدورية نصف السنوية المحكمة التي تصدر عن مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة بمملكة البحرين، ملف التحديات الاقتصادية التي تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، من خلال ملف مجلدها الأول - العدد الأول للعام 2014. كتب الملف كل من مدير برنامج الدراسات الدولية والجغرافية والسياسية بالمركز، عمر العبيدلي، ومساعد باحث بالمركز، غادة البستكي، استعرضا فيه أبرز تلك التحديات، مع وضع تصورات لحلول، ارتأيا أنها بنّاءة و «ذات مجموع صفري».

الدراسة تبدأ بتميز مشكلات الدول الخليجية الاقتصادية والذي يعود إلى التركيبة «الفريدة لدى الاقتصادات الستة؛ أولاً: اعتماد شديد على تصدير الموارد الطبيعية (خصوصاً النفط ومشتقاته)، وثانياً: توظيف أغلبية المواطنين في القطاعات العامة، وبالتالي تتطلب هذه الصعوبات غير المسبوقة حلولاً خاصة وجديدة».

ربما يقودنا ذلك إلى العودة إلى الوراء قليلاً، استناداً إلى تقرير «ميدل إيست أونلاين» بتاريخ 24 سبتمبر/أيلول 2013»، وهو يشير إلى تقرير صندوق النقد الدولي الذي نشر في يوليو/تموز 2013، فيما يتعلق بمستقبل أسواق النفط والدول المنتجة له، بالقول نصاً، إن «المملكة العربية السعودية ستحافظ في المدى المتوسط على موقعها المحوري في أسواق النفط العالمية التي ستحدِّد معالمها عوامل العرض والطلب». تبدو تلك التقارير مطمئنة للوهلة الأولى. في الجانب الآخر، وبرؤية مضادة، رأى الخبير النفطي الكويتي كامل الحرمي، أن تأثير إنتاج الغاز الصخري على دول الخليج والعراق سيأتي قريباً.

وقال: «دول الخليج ستتأثر في المدى القصير وليس فقط في المدى المتوسط». تبدو الأمور في الطريق إلى ذلك، يضاف إليها الانهيار الحالي الذي تشهده أسعار النفط.

وفي السياق نفسه، حذَّر الحرمي من إمكانية أن تؤدِّي «ثورة الغاز الصخري في شمال أميركا» إلى تخفيض الطلب على المنتجات النفطية «في المستقبل».

واعتبر الحرمي أنه يتعيَّن على دول الخليج أن تخفض الدعم لترشيد

وبالعودة إلى دراسة الاستهلاك، وهذا أمر قد يكون أكثر فعالية من الاستثمار في «الطاقة البديلة المكلفة والطاقة النووية الخطيرة».عمر العبيدلي، وغادة البستكي، وهي تتناول التحديات الاقتصادية الخليجية، تشير إلى التحديات المشتركة، وأبرزها قلة التنوع في الاقتصاد عموماً، وقلَّة التنوع في مصادر الإيرادات الحكومية، وكذلك الإنفاق الحكومي غير القابل للاستدامة، من دون أن ننسى الرابط بين كل ذلك وتعرُّض الاقتصادات الخليجية إلى الاقتصادات الآسيوية باعتباره التحدِّي الرابع.

كما تتناول الدراسة التحديات التي تؤثر على مجموعة فرعية من الدول الخليجية، ومن بين التحديات الفرعية، الفقاعات المالية التي تتكون حالياً في كل من الإمارات وقطر والسعودية؛ ما قد تسبِّب أزمة مالية في حالة انفجارها. ويتركز التحدي الفرعي الثاني، في بيئة العمل والاستثمار في الكويت، وهي بيئة وصفتها الدراسة بأنها ضعيفة. كما تستعرض الحلول الرسمية، ومن بينها التنويع العضوي عن طريق إصلاح قانوني، ودعم مركزي لقواعد الاقتصاد.

الدراسة تصل في خاتمتها إلى الآتي: أنه من الجانب النظري، يسهل التعاون ما بين الدول الخليجية بسبب تجانسها الشديد، والاشتراك في التحديات الاقتصادية، وذلك ضمن خيارات ثلاثة أمامها: مواجهة التحديات بطريقة تنافسية وغير بنَّاءة؛ حيث نجاح دولة ما في حل مشكلة اقتصادية يأتي على حساب دولة أو دول خليجية أخرى. مواجهة التحديات دون صراع بيني حول الكعكة الاقتصادية، ولكن دون تعاون، وهذا يعني تفادي السياسات التي تضرب في مصلحة الدول الأخرى، ولكن العمل باستقلال ودون تشاور على صعيد خليجي. ومواجهة التحديات ككتلة، ورسم السياسات الاقتصادية بناء على المصلحة الخليجية، وبآلية تضمن أن الدول التي تتنازل عن مصلحتها لأجل المصلحة العامة تعوَّض بشكل مرْضٍ ومنطقي.

مستقبل العلاقات مع مصر

ناقشت «دراسات» عدداً من الملفات والموضوعات منها: مستقبل العلاقات الاستراتيجية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، عبر دراسة لرئيس وحدة الخليج العربي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ «الأهرام»، معتز سلامة، توصل في خلاصتها إلى أن العلاقات المصرية الخليجية، لاتزال في حاجة إلى اجتهادات علمية للتحديد المدروس والدقيق للمصالح على الجانبين، ومن وجهة نظره أن ذلك يحتاج إلى سلسلة من المؤتمرات الفكرية والبحثية المشتركة، إضافة إلى وجوب أن يكرِّس صنَّاع القرار في الخليج، الاستثمار في خط توسيع التعاون السياسي والاقتصادي والأمني والدفاعي؛ علاوة على إيلاء مزيد من الاهتمام بالحاجات الاستراتيجية لدول الخليج، وتعميق الرؤية الاستراتيجية المصرية بشأن العمق الخليجي في مؤسسات الدفاع والأمن، والاستعداد لتحمُّل تكاليف عسكرية فعلية لتجسيد حقيقة أن أمن الخليج جزء من الأمن القومي المصري.

لا التباس في «تعالي» إيران

لم تعد العلاقة ملتبسة بين إيران والعالم العربي، كما يُظن - بحسب ورقة أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة البلقاء التطبيقية في الأردن، نبيل العتوم، التي جاءت تحت عنوان «صورة العربي في الكتب المدرسية الإيرانية». العلاقة المتأزمة بين الجانبين ساهم فيها التاريخ مساهمة كبيرة في إيقاظ ما تم النوم عليه لفترة لتعاود البروز. مع سقوط نظام شاه إيران، كانت فرصة بعد مجيء الإسلاميين إلى السلطة في العام 1978، لاستدعاء مثل ذلك التاريخ، من قبل الطرفين. التاريخ مليء بالألغام. والتحرك في حقل الألغام ذاك واستثارته لن يؤتي إعماراً وانسجاماً في العلاقة بين الجانبين. على العكس من ذلك. يمكن لذلك التحرك أن ينسف الجسور التي كانت قائمة وإن كانت جسوراً هشة وعرضة للانهيار في أية لحظة. المناهج لا تخلو من تلك الألغام في هذا الشأن، بحسب ما ذهب إليه العتوم في ورقته التي استند فيها إلى المناهج الدراسية الإيرانية للمراحل الثلاث: الابتدائية، الإعدادية، والثانوية.

في الورقة محاولة للإجابة على عدد من التساؤلات: هل كان للاختلاف الثقافي والحضاري والمذهبي بين إيران والدول العربية انعكاس على طبيعة المناهج التعليمية الإيرانية؟ هل كانت السياسات التعليمية في إيران المستمدَّة من المذهب الشيعي، إحدى الآليات التي تم توظيفها لتحقيق أهداف الثورة الإيرانية؟ وهل حققت السياسة التعليمية أهداف الثورة الإسلامية في إيران؟ ويتناول العتوم في الورقة طبيعة وأهداف التعليم المدرسي في إيران، من خلال توظيف محتوى المناهج توظيفاً عملياً يساعد في غرس تلك القيم والعادات والمعايير والاتجاهات المتعلقة بالبيئة والثقافة والتراث الإيراني، ومن تلك القيم «التفوق» و «الاستعلاء». وهنالك أيضاً توعية الطلاب بالقيم المذهبية والقومية التي تلعب دوراً مهماً في تنمية شخصية الطالب الإيراني، واستثمار المناسبات القومية والأعياد المذهبية لتعميق تلك القيم، وصولاً إلى ربط الطلاب بمجتمعهم وتراثهم من خلال إبراز دور ومكانة العلماء والمفكرين الحاليين والسابقين، والمراحل التاريخية التي شهدتها إيران.

الصورة النمطية

في ما يورده العتوم باتباعه المنهج الكيفي في ورقته، متناولاً صورة العربي في المناهج الدراسية الإيرانية، متقصياً الدلالة اللفظية، الاصطلاحية، التاريخية، للعربي، وخصوصاً في الكتب الإبتدائية، لا تتجاوز صورة العربي الصورة النمطية التي تم ترسيخها ليس في إيران وحدها، بل في الغرب أيضاً، ولم تبرح تلك الصورة مكانها في قليل أو كثير، إلا في حدود المجاملات، والعلاقات الدبلوماسية القائمة بالدرجة الأولى على المصالح. الدلالة اللفظية تلك في المناهج الإيرانية ركّزت على المعنى الاصطلاحي للعربي، متمثلة في البدو وسكَّان الصحراء القاحلة المرتبطة بالخيمة والإبل. وفي الكتب الإعدادية، رسَّخت في عقل الطالب تخلف تلك القبائل من خلال الاحتكام للسيف لحل خلافاتها، عبادة الأصنام، وأد البنات، معاقرة الخمر والميسر، قطع الطريق، ومحاولة إظهار أن هؤلاء البدو لم يملكوا أياً من مقوِّمات الحضارة، مع الإكثار من كلمة أعراب، بما تحويه من دلالات بديلة عن كلمة عرب.

ولا تختلف كتب المرحلة الثانوية الإيرانية إلا في التفاصيل التي تم التأسيس لها في المرحلتين الابتدائية والإعدادية.

ومن النتائج التي تقف عليها الورقة، أن الكتب المدرسية الإيرانية تتبنَّى فكرة الثنائية منطلقاً في فهم ورسم صورة الآخر، فهم «الإيرانيون» رمز الخير، والآخر «العرب» رمز الشر إلى يومنا هذا. إرباك فكر الطالب الإيراني وتجهيله حول العالم العربي بشكل متعمَّد. تغييب وتشويه صورة العرب والإساءة إليها. الفوقية العرقية والانفعالية، من خلال المذهبية الشيعية، والقومية الفارسية. التناقض والتبعية في علاقات العرب مع إيران.

التخطيط الاستراتيجي وأهميته للأمن الوطني

رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، محمد عبدالغفار، تناول في ورقته التي جاءت بعنوان «التخطيط الاستراتيجي وأهميته للأمن الوطني والأمن الإقليمي»، مفهوم التخطيط الاستراتيجي واستخدامه في المجالات المختلفة، ومؤسسات التفكير الاستراتيجي ودورها في دعم صانع القرار، دور التخطيط الاستراتيجي في نجاح خطط التنمية، ودوره في إدارة الأزمات، معرِّجاً على أهمية التخطيط الاستراتيجي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، على المستويات الثلاثة: الاستراتيجي، الأمني والدفاعي، مختتماً بأهمية التخطيط الاستراتيجي على المستوى الإقليمي، وعلى مستويين: تكتيكي، من خلال ترسيخ ثقافة إدارة أزمات محتملة في منطقة الخليج وتداعياتها على أمن الطاقة، والثاني، استراتيجي، من خلال التفكير في إقامة طرق بديلة لنقل النفط الخليجي إلى الدول الغربية المستهلكة له.

تحديات الأمن الوطني

وضمن ملف العدد الذي بدأنا بأحد موضوعاته، احتوت «دراسات» على ورقة لمحمود عبدالغفار، مروه العبيدلي، وعمر محمود تحت عنوان «تحديات الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، متناولة طبيعة التحدي، وأن هناك ضرورات استراتيجية تحتِّم ليس فقط استمرار مجلس التعاون بل تطويره، في ظل وجود حقائق، من بينها إمكانية توصُّل إيران والدول الغربية إلى اتفاق شامل لن يقتصر على القضية النووية، بما يتعيَّن معه أن يكون لدى دول مجلس التعاون ثقلاً تفاوضياً مؤثراً، مبرزة الورقة حلولاً من بينها، تفعيل بعض آليات عمل المجلس، وخاصة آلية فضِّ المنازعات. تطوير دور الهيئة الاستشارية العليا واستحداث ما يلزم من آليات لتطوير المجلس، وتأسيس صيغ لعلاقات المجلس الإقليمية التي تحقق مفهوم التوازن الاستراتيجي من ناحية، وتحافظ على الهوية الخليجية للمجلس من ناحية أخرى، ومن ذلك صيغة 6 + 1 بين المجلس واليمن، أو صيغة 6 + 2 بين المجلس وكل من مصر والأردن. كما تناولت الورقة الاتحاد الخليجي: الضرورات الاستراتيجية والمكاسب المتوقعة، والاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، وتأثيره على معادلة الأمن الإقليمي الخليجي، وتأثير التحوُّلات العربية على الأمن الوطني لدول مجلس التعاون. وضمن تناولها لتحديات الأمن الوطني، تناقش الورقة دور الشباب والمرأة كشركاء في صياغة الأمن الوطني لدول المجلس، والفضاء الرقمي، وطبيعة المخاطر واستراتيجيات مواجهتها، والأمن المائي، باعتباره مطلباً استراتيجياً وطنياً، مع تناولها لطبيعة التحدي، واقتراح الحلول، ومن بينها، إعادة النظر في قطاع الزراعة، والنظر في تسعيرة استهلاك المياه، وتفعيل قرار المجلس الأعلى في قمة الكويت الرابعة والثلاثين، والذي ينص على تكليف فريق عمل بدراسة مشروع الربط المائي بين دول المجلس.

مؤتمرات واستعراض كتب

وتضمَّن العدد أعمال مؤتمر «الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون... رؤية من الداخل... تحديات الحاضر واستراتيجيات المستقبل»، والذي عقد في الفترة ما بين 23 و 24 أبريل/نيسان 2014.

وفي ملف القضايا الإقليمية، تمت مناقشة عدد من العناوين وهي: «أحداث العراق وتأثيرها على أمن مجلس التعاون»، «مستقبل العراق وتأثيره على الأمن الإقليمي الخليجي»، و «تنظيم داعش وتأثيره على أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية».

واختتم العدد بعروض الكتب والمؤتمرات والوثائق؛ حيث استعرض كتاب ميتشل بيلفر «دولة صغرى في منطقة خطرة: تقييم استراتيجي للبحرين»، وكتاب ديفيد زتلاند «التعايش مع ندرة المياه»، واستعرض مساعد باحث بمركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، عبدالعزيز الدوسري، أوراق ومداخلات ندوة «التكامل الاقتصادي الخليجي... التحديات والحلول»، فيما استعرض مشرف إعلام بوحدة الدعم المعلوماتي بالمركز، فاروق المراغي، ندوة «الدول الصغيرة: الديناميكية الأمنية في منطقة الشرق الأوسط»، مختتماً العدد بكلمة عاهل البلاد، صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بمنتدى أصيلة السادس والثلاثين في المملكة المغربية، والذي عقد في أغسطس/آب 2014.

يذكر أن الهيئة الاستشارية للمجلة تتكوَّن من: محمد عبدالغفار، رئيساً للهيئة، خالد محمد الرميحي، نائباً للرئيس، والأمين العام بمؤسسة الفكر العربي، الصادق بخيت الفقيه، عمر العبيدلي، ومدير برنامج الدراسات الاستراتيجية، أشرف كشك.

العدد 4538 - الأحد 08 فبراير 2015م الموافق 18 ربيع الثاني 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً