العدد 4550 - الجمعة 20 فبراير 2015م الموافق 01 جمادى الأولى 1436هـ

الحاج محمد منصور... بائع الخضراوات الذي قهر العمى بـ «ابتسامة»

محمد منصور حجير
محمد منصور حجير

بدأت الحكاية، حين أصيب الحاج محمد منصور حجير بالعمى إثر «ظروف الحياة»، حتى بدا للمحيطين أن «أبوعلي»، في طريقه إلى مستقبل مظلم وانهيار تام.

فأن يصاب المرء بالعمى، فذاك يعني «موتاً أصغر»، كما يقول المتحدثون. وأمام «الموت»، صغيراً كان أم كبيراً، لا تملك قوى البعض من الناس، إلا الانحناء، أو الاستسلام.

هنا، كانت لحجير كلمته التي شكلت «استثناء القاعدة»، حيث بدا بائع الخضراوات الخمسيني الذي يتخذ من الشارع العام في قرية بوري مقراً لبيع بضاعته وتحصيل لقمة عيشه، هو هو قبل العمى وبعده، وظلت ابتسامته عصية على الانهزام.

وفي حديثه عن البدايات، يقول حجير لـ»الوسط»: «كنت يومها أمارس مهنتي بائعاً متجولاً للخضراوات، وكانت عيناي تشكوان التهاباً ما اضطرني إلى الذهاب إلى المستشفى لإجراء عملية ليزر، لحظتها شعرت كما لو كان الدم ينزل على عيني، وكان ذلك في يوم (14 فبراير/ شباط 2011)».

حجير الذي رافق «السكري» أعواماً من عمره، واصفاً إياه بـ»الداء المظلوم» رأى أن السبب في وصول حالته إلى العمى لاحقاً، لا يكمن بالضرورة في هذا الداء، مضيفاً «لا أعلم تحديداً عن السبب وراء ذلك، فقد يكون السكري وقد يكون الضغط، والحاصل أن المرء في مجتمعنا وبمجرد أن يبتلى بمرض يكون المتهم الأبرز هو مرض السكري».

وتابع «لا أنكر هنا تأثيرات مرض السكري، لكنني أرى أن السبب الرئيس يكمن في أحداث الدنيا والمستوى المعيشي الصعب، فإذا قدر لك أن تشتري بضاعة ما وتعرضها للبيع من دون أن يشتريها أحد بما في ذلك الأقرباء، فإن المعنويات والجانب النفسي سيتأثران بكل تأكيد، وهذا بدوره سيتحول إلى أمراض من قبيل الضغط والسكري وغيرهما».

وقتها، «توجهت إلى المستشفى استجابة لطلب ابني علي، ولم يسعفنا الحظ في الحصول على موعد في مجمع السلمانية الطبي، فلجأت إلى أحد المستشفيات الخاصة لإجراء عملية على يد طبيب أجنبي في (مارس/ آذار 2011)»، مضيفاً «تكللت العملية التي كلفتني نحو 3 آلاف دينار بالنجاح حيث توقف النزيف، لكنها خلقت لي مشكلة أخرى، تمثلت في عدم قدرتي على النوم بسبب الآلام الشديدة في الرأس وجميع أنحاء الجسد، تحديداً حين أتمدد على الأرض».

وأشار إلى توجهه نتيجة ذلك، إلى الطبيب نفسه وإلى مجمع السلمانية الطبي، «إلا أن الرد كان واحداً: (لا وجود لأية مشكلة)، وكنت وقتها لا أزال أرى، حتى بدأت الآلام في التلاشي تدريجيّاً، لتغادر تماماً، وتأخذ معها البصر».

على رغم ذلك، أظهر حجير الذي لايزال في طور البحث عن العلاج، قدرة فائقة على التعايش مع المرض، مفسراً ذلك بالقول: «إنه الصبر والقناعة الراسخة بالرزق مهما يكن يسيرا، الأمر الذي منحني القدرة على ممارسة حياتي كما كانت، بما في ذلك المزاح وحس الدعابة»، مضيفاً «برنامجي اليومي لم يتغير، فصباح كل يوم أستيقظ لممارسة الرياضة بالقرب من منزلي، مستعيناً على ذلك بالقضيب ومن دون مساعدة أحد».

وببصيرة بدت ملفتة، أظهر حجير امتناناً منقطع النظير، عبر قوله «أحمد الله على ما ابتلاني، فالمرض منحني فرصة للحضور بشكل أكبر في المساجد لأداء الصلاة، وكنت في السابق مشغولاً بالبحث عن لقمة العيش وبأمور هذه الدنيا».

وتابع «أنا مؤمن وبشكل مطلق بأن مصلحتي يختارها الله عز وجل، إن كان بالنظر أو بالعمى، فهل أعترض على حكمته، وقد أراد لي أن أرتاح في المنزل؟».

وأردف «نِعمُ الله كثيرة، ورب العباد لا يمطر على الإنسان أموالاً من السماء، لكنه يرزقه من حيث لا يحتسب، وأحمد ربي على أن رزقني بالأبناء والزوجة الصالحة التي تسهر على راحتي حتى باتت عيني التي عوضني بها الله».

العدد 4550 - الجمعة 20 فبراير 2015م الموافق 01 جمادى الأولى 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 7:20 ص

      بحراني

      لاياس مع الحياة هذه الرجال يعج بها هذا البلد
      مهما ضاقت علينا هذه الارض قالخالق موجود

    • زائر 16 | 4:29 ص

      الامل بالله

      دائما هناك حبل الى الله بمجرد تخلينا عنه يخلل اليأس
      ثبتك الله على حبله ونورك ببصيرتك

    • زائر 15 | 3:21 ص

      رجل الابتسامة

      فعلاً ابتسامته لا تفارق وجهه قبل فقده لبصره وبعده وقانعاً بما رزقه ربه
      الله يعطيك طولت العمر با ابو علي ويخليلك ام العيال فهي بمثل اخلاقك

    • زائر 14 | 3:07 ص

      الحمدلله

      الحمدلله على كل حال
      و الرزق بيد الله تعالى
      الاهم هو القناعة و الرضا
      الحمدلله دائما

    • زائر 13 | 1:52 ص

      وفقك الباري

      نعم الرجل الله يحفظك ويطول في عمرك وبخلي الزوجة والاولاد..
      اثرت فيني كثيرا و البساطة والاقتناع والحب هو بصيرتك

    • زائر 12 | 1:44 ص

      ابوعلي

      الله يعطيك الصحه والعافيه ويرزق الله من اوسع ابوابه

    • زائر 10 | 1:27 ص

      ولد الحجيري

      والنعم فيه ابو علي رجل و الرجال قليل
      طيب و ادب و اخلاق

    • زائر 8 | 1:14 ص

      رجل ذات اخلاق ودين

      ونِعم خلف لك أبناء باره لك هنيئاً لك هذة النعمه

    • زائر 7 | 1:14 ص

      رجل ذات اخلاق ودين

      ونِعم خالف لك أبناء باره لك هنيئاً لك هذة النعمه

    • زائر 6 | 1:08 ص

      !!!!

      كلماته تبعث بالامل في الحياة

    • زائر 5 | 12:54 ص

      يا رب

      "قل إن الأمر كله لله"، ليس أجمل بأن العبد يقنع ويرضى بما منحه وقسمه الله له، فهو عز وجل أحن بعبده، وأعام بمصلحته. شكرا لله.

    • زائر 4 | 12:44 ص

      تعمى القلوب ليس العيون

      وليس العمى أن تفقد العين نورها * ولكنه نور القلوب إذا استتر
      ورب ضرير قاد جيلا إلى العلى * وقائده في السير عود من الشجر

    • زائر 3 | 12:25 ص

      الحاج المكافح

      يعطيك الصحه و العافيه يا حاج محمد

    • زائر 2 | 12:01 ص

      *

      ونعم الجار ، ربي يشافيك

    • زائر 1 | 10:28 م

      احلى كلام

      آخر سطرين احلى واجمل كلام. زوجتك هي نور عينك. شكرا لله على هذه النعمة العظيمة. سوف ابحث عن دكانك لاشتري منك هذا الخلق قبل الفواكه والخضروات.

    • زائر 9 زائر 1 | 1:16 ص

      نحن العميان وأنتم المبصرون

      قصة هذا الرجل المؤمن بحجم تأثيرها العاطفي إلا أنه رسالة لنا لأن نبصر لمن حولنا وممن هم بحاجة تكافلنا الاجتماعي، هنيئاً لك ابو علي بعينك الثانية ام علي وحفظكما الله، واعلن من هنا بأني سأبحث عنك وسأكون زبوناً لك

    • زائر 17 زائر 1 | 7:09 ص

      الله أكرم

      هدا ما عهدناه من ابن العمه دايما مبتسم ولا يشكو
      عنده بسطه بسيطه عند مستشفى الامل حاليا ابناءه يعملون بها ظروفهم الصعبه واصابة والدهم بالعمى رغم بحثهم لسبل اخرى تمكنهم من الدراسه ومتابعه عملهم مكان والدهم

اقرأ ايضاً