العدد 76 - الأربعاء 20 نوفمبر 2002م الموافق 15 رمضان 1423هـ

منّا من لا يفرق بين المرأة والماشية!

الإنسان الكبير يتميز بضميره، بإنسانيته، بموقفه مع الحق، وهو ضمير يشعّ ضياءً ويزداد نوراً كلما اقترب من واحات الدعاء وانقطع إلى الله.

ثلاثة قد تخدِّر الضمير، أو تصيبه بالصدأ: المال، والسلطة والشهوة.

فالمال قيمة جمالية في الحياة إن تأنسنت وحملت أبعاداً روحية إنسانية، وكم سيعيش الإنسان لهذا المال إن لم يقم بروحنته وأنسنته؟

وهبْ أنك بلغت المئتين من السنين، فماذا بعد ذلك سوى الممات؟

وكذلك السلطة، فهي إن لم تحقق العدالة الاجتماعية وبقيت على زرع أنصاف الرجال في المجتمع، فإن الصدقية تزول وتضعف، فيصدأ العالم.

والشهوة، هي القاتلة لكل إنسان، فأين هو تشاوشسكو وأين هو بوكاسا وأين هو نابليون بونابرت؟

«ما قيمة الإنسان إذا كسب العالم وخسر نفسه؟»...

بالعودة إلى الضمير وقتل الأنا، وإذابة جليد النرجسية الطاغية على الذات، يكون الإنسان ويتحقق هدفه السامي في الحياة.

فالضمير الحي هو عين الله على الأرض، ولا سعادة تعادل راحة الضمير، وقد ينجو الشرير - كما يقول المثل العربي - من عقاب القانون، ولكنه لا ينجو من عقاب الضمير.

منّا من ظلم نفسه بسرقة أموال الناس، بتقسيم المجتمع عبر فتنٍ طائفية، ظلمها بتوغله في وحل الرذيلة.

ومنّا من ظلم أبناءه بعدم تربيتهم التربية الحسنة، بعدم رعايتهم، بسوء معاملته لهم، أو بحرمانهم من العطف، وأحياناً من النفقة والسكن.

ومنّا من يظلم زوجته عندما يجعل لها المنزل موقعاً للإقامة الجبرية، فلا زيارات للأهل، أو اللقاء بصديقة... امرأة مهمّشة، مضطهَدة، ولولا الحياء لجعلها تعيش مع الماشية.

قد تكون شعاراتنا عن المرأة كمسلمين براقة وجميلة، لكن الشعار شيء وما يدعو إليه الإسلام شيء آخر، فالإسلام جعل لهذه العلاقة ضوابط، غير أننا أصبحنا إسلاميين أشد من الإسلام، وكل ذلك يأتي خشية من الناس «والله أحق أن تخشاه» (الأحزاب:37).

علينا أن نحرك ضميرنا في كل معاملاتنا خصوصاً في هذا الشهر الكريم، فماذا تبقى من العمر، وكم سنعيش؟ وهل سنزيد على تسعين عاماً؟

إذن، مسبقاً نعرف نهاية الحد الأعلى لأعمارنا، فأين هو الضمير؟

فلنعتلِ صهوة الفضيلة، ليكون طريقنا «فارس... وبجواد» ونحن نحمل شعاراً لا يعرفه السياسيون ولا المتمصلحون من بيع الفقراء أوهاماً تخالف الواقع، وشعارنا: «خذ من شبابك لهرمك، ومن غناك لفقرك، ومن صحتك لسقمك»?

العدد 76 - الأربعاء 20 نوفمبر 2002م الموافق 15 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً