العدد 4635 - السبت 16 مايو 2015م الموافق 27 رجب 1436هـ

نداء إلى سعادة وزيرة التنمية الاجتماعية

حسين مدن comments [at] alwasatnews.com

ناشط اجتماعي ورئيس صندوق جرداب الخيري السابق

بالتأكيد أنا لا أمثل الجمعيات الخيرية لكني متابع جيد لكل ما يدور في أروقتها، بحكم اهتماماتي الشخصية ولأني كنت أدير إحداها وأنسّق بين معظم هذه الجمعيات لسنوات طوال.

تحدثت ولم أكن لوحدي وكتبت مراراً عن العمل الخيري والتطوعي في البحرين، ودور هذه الجمعيات في رفع المعاناة عن عدد كبير جداً من المعوزين والمحتاجين في بلدي وعن الأسر المتعففة التي لا تزال تعتمد اعتماداً كبيراً على ما تقدّمه لهم هذه الجمعيات ورجال الخير. وعلى الرغم من هذا الدور الكبير لها إلا أنها تواجه العديد من المشكلات وبالتالي تؤثر سلباً عليها وتعيق حركتها والإرتقاء بخدماتها للأفضل. وفي كل مرة يطالب ممثلو هذه الجمعيات بشيء من الاهتمام ورفع المعاناة عنهم وعدم التضييق عليهم وتسهيل مهمتهم، لا يلقون آذاناً صاغية.

أقدّر بلا شك دور وزارة التنمية الاجتماعية وأتفهم المسئوليات الملقاة على عاتقها من أجل تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي وخطط وبرامج التنمية الاجتماعية في البحرين، ولكني أجد نفسي عاجزاً عن فهم أسباب عدم الاكتراث بمطالب ممثلي هذه الجمعيات أو على الأقل بالرد عليها إن كانت مطالبهم غير محقة أو لا يمكن تحقيقها لأي سبب. وأجزم بأنه لا مناص من اعتراف الوزارة بالدور الاجتماعي والاقتصادي الذي تلعبه هذه الجمعيات في تحقيق خطط الوزارة وبرامجها بطريقة غير مباشرة، ولكن الأهم من هذا الاعتراف هو ضرورة مساندة الوزارة للجمعيات في تنفيذ هذه الخطط والأهداف وخصوصاً في مجال التنمية المستدامة.

إنني لا أتحدث من فراغ، وسأنقل بعض ما يقلق ممثلي هذه الجمعيات الذين يرجون من الوزارة تفهم مصدر هذا القلق والعمل بصدق وجدية على إزالة ما يعانون منه.

سياسة الباب المفتوح

هذا الباب مغلق حالياً ومنذ زمن، ويبدو أنه لن يفتح سوى بمفتاح سعادة الوزيرة. فهناك طلبات تتراكم في أروقة الوزارة لمقابلتها ونحن من دون شك نتفهم انشغالها في الفترة الماضية لاستلامها الوزارة حديثاً، ولكننا نتأمل منها الخير بفتح هذا الباب المغلق ولقاء من يرون مقابلتها ضرورة قصوى لهم ولعملهم الخيري التطوعي. ولدي أمثلة يمكن ان أسردها ولكن مكتب سعادة الوزيرة أقدر على البحث عنها.

جمع المال والتبرعات

الحصالات باعتراف الجمعيات الخيرية، هي المورد المالي رقم 1 لها وتستعين بها في تمويل احتياجاتها وخدماتها للأسر والمحتاجين. ولكن قرارات الوزارة خصوصاً ما تعلق بالحصالات وجمع المال، تم صياغتها وفرضها من طرف واحد ومن دون استشارة هذه الجمعيات التي هي المعنية أساساً بتطبيقها وما ينتج عن ذلك من معاناة وتضييق وتعقيدات.

واصلوا معي تفهم قرار الوزارة بشأن جمع المال وآلياته المجحفة بما فيها من بيروقراطية في كل مرة تقوم الجمعية بتوزيع عدد من الحصالات. أولاً: تقوم الجمعية بتوجيه خطاب للوزارة لأخذ موافقتها لطلب فتح حساب مؤقت خاص لجمع المال في البنك الذي ترغب فيه. ثانياً: تقوم الوزارة بإصدار خطاب موجه للبنك تطلب منه موافقته على فتح الحساب. ثالثاً: تقوم الجمعية بتسليم خطاب الوزارة للبنك ليصدر خطاب بموافقته على فتح الحساب. رابعاً: تقوم الجمعية بطلب رسالة موافقة من كل محل لوضع حصالة الجمعية فيه أو عمل قائمة بالمحلات مع أخذ تواقيعهم عليها. خامساً: تقوم الجمعية بإرسال رسالة للوزارة مرفقة بها خطاب موافقة البنك مع استمارة جمع المال من الوزارة ورسالة تواقيع المحلات. سادساً: تقوم الوزارة بإرسال رسالة للبنك بعد الموافقة النهائية من الوزارة بفتح الحساب. فبالله عليكم: كم من الوقت والجهد والانتظار والصبر يتطلبه إصدار ذلك التصريح مع العلم أن هذا الجهد يقوم به عادةً شخص متطوّع بوقته لخدمة مجموعة من المحتاجين.

نتفهم الغرض من طلب إصدار التراخيص وتنظيم عملية جمع المال ولكن أليس الأجدر تسهيل المهمة بدل تعقيدها بهذه الصورة والعمل على مشاركة الجهات المعنية وهي الجمعيات في تصميم هذه الآلية بحيث تتحمل أعباء المشاركة فيها برضاء وتفهم؟

الشئون القانونية

من الجمعيات من توقف العمل بها كلياً أو تم تحديد خدماتها واقتصارها على بعض النشاطات العادية بسبب خطأ ما أو شبهة ما خلال عملها. طبيعي أن من حق وزارة التنمية أن تراقب وتتابع تصحيح أي خطأ يحصل، ولكن أن يستمر ذلك لسنين طويلة كما هو حاصل لصندوق النعيم الخيري وصندوق سار الخيري وغيرهما، والتي للأسف لم تتحول للآن لجمعيات خيرية وبقيت على نظامها السابق كصناديق خيرية. صحيحٌ أيضا أن قضايا المحاكم تأخذ وقتاً طويلاً، ولكن الصحيح أيضاً أنه يمكن للوزارة التروّي قبل رفع هذه القضايا للمحكمة وحلها ودياً أو سرعة متابعتها داخل مكاتب الشئون القانونية بعد إصدار حكم المحكمة من أجل عدم الإضرار بالخدمات المقدّمة للأسر التي تعيلها هذه الجمعية أو تلك.

أراضٍ استثمارية ومقرات للجمعيات

الجمعيات الخيرية بحاجة لمشاريع استثمارية تستطيع من خلالها تأدية أعمالها وتحقيق أغراضها الخيرية باقتدار تام وتعود بالنفع عليها وعلى الأسر المحتاجة والأرامل والأيتام. نشرتُ دراسةً عن واقع الجمعيات الخيرية في البحرين في 2014 من خلال استبيان أجابت عليه 47 جمعية خيرية، تؤكد خلالها أن 83% (39 جمعية خيرية) لم تحصل على أراضٍ من الدولة مقابل 17% فقط (7 جمعيات) قد استفادت. كما أن 74% (35 جمعية خيرية) مقراتها مستأجَرة و11% (5 جمعيات) مقراتها برعاية بعض المحسنين.

أتذكر على سبيل المثال أنه في فبراير 2004، أي قبل 11 عاماً، تقدم 14 صندوقاً خيرياً في المنطقة الوسطى آنذاك بطلب لتخصيص أراض استثمارية لها غير تلك الطلبات التي تقدّمت بها تلك الصناديق منفردة قبل ذلك التاريخ بسنوات، ولكن لغاية اليوم العديد منها «محلك سر» على الرغم من توفر أراضٍ تم طلبها تحديداً لعدم وجود ملكية لأحد عليها وغير مسجلة لأحد.

نعتقد بأن من ضمن مهمات وزارة التنمية أن تكون هي نفسها حلقة وصل فاعلة بينها وبين المؤسسات الحكومية والجهات المختصة الأخرى وتحمل قضاياها وتدافع عن حقوقها وليس تركها لوحدها بين المطرقة والسندان في كل عمل تقوم به، كما هو الحال بالنسبة لطلب الأراضي الاستثمارية.

دور الوزارة وعلاقاتها في عيون الجمعيات

تؤكد الدراسة المشار إليها والتي نشرت في عامي 2008 و2014 عن مدى تعاون وزارة التنمية الاجتماعية مع الجمعيات، أنه في 2008 كان 98% منها تقول أن التعاون بين الوزارة والجمعيات بين «مقبول وجيد». صحيح أنه قد تحسن الوضع قليلاً في 2014 ولكن لايزال 68% من الجمعيات تقول أن التعاون بينها وبين الوزارة بين «مقبول وجيد». هذه الأرقام تؤكد وجود مشكلة ما تحتاج لبحث أو حل. أليس من الأجدر إذاً لوزارة التنمية أن تحاول معرفة نسبة رضا زبائنها والذين هم مجموعة كبيرة من المنظمات الأهلية عن مستوى الخدمات التي تقدّمها لهم أو على الأقل عن مستوى علاقتها مع هذه المنظمات؟ الأهم أن تحاول إعادة النظر في سياساتها واستراتيجياتها حتى تحقّق أقصى نسبة رضا ممكنة مع هذه المنظمات.

الدور المستقبلي للوزارة

الجمعيات الخيرية تتبع وزارة التنمية، والوزارة لها دور يجب أن تلعبه من أجل أن تسير أعمال الجمعيات بكل سلاسة ويسر وبدون تعقيد أو تحجيم لنشاطاتها، وأن تراقب وتتابع بشرط أن تشارك في الإصلاح والتطوير والتغيير وتبدأ بنفسها أولاً. نرى أن يتضمن دورها المستقبلي ما يلي :

- تفعيل دور الوزارة في دعم الجمعيات إما مباشرة أو تكون حلقة وصل فعالة بينها وبين المؤسسات الحكومية والجهات المختصة.

- انتهاج سياسة الباب المفتوح.

- تنشيط دور الوزارة في دعم الجمعيات من خلال إيجاد آليات ثابتة ودون إجبار الجمعيات على خيارات لا تتحمس لها أو تقتنع بها وإنما تضع بدائل وخيارات مقبولة وتترك لها فرص الاختيار كاملة والمشاركة فيها. مثال ذلك آلية جمع المال المعقّدة.

- إعادة النظر في سياسة الوزارة تجاه الجمعيات المخالفة إن حصلت واعتماد أسلوب التوفيق والحل الودي أولاً.

- البدء في متابعة إشهار اتحاد جمعيات البحرين الخيرية ليكون حلقة وصل بين الجمعيات والوزارة لزيادة التنسيق.

- الأخذ بزمام المبادرة في تعديل النظام الأساسي الخاص للجمعيات والاستفادة من مرئيات الجمعيات فيما يخصها مستقبلاً.

- البدء سريعاً في التخطيط لمدينة للعمل الخيري مع مرافق متكاملة مثل مبانٍ مكتبيةٍ للجمعيات الخيرية وقاعة اجتماعات رئيسية ومركز للتدريب ومستودعات تخزين وتسهيلات للحالات الطارئة والكوارث وصالة للمعارض والمهرجانات.

- استحداث تشريعات برلمانية وحكومية تسهل عمل الجمعيات وتنميتها.

وأخيراً... العمل الخيري والتطوعي في البحرين له طاقة محدودة، وتطوره يقلّص الالتزام الحكومي، ولذلك يجب أن لا تتخلى الحكومة - ممثلة في وزارة التنمية- عن مسئولياتها تجاه الجمعيات الخيرية وقطاعات المجتمع المختلفة واحتياجاتها، وعدم الاعتماد على الجمعيات في القيام بكل المهام وتقديم كافة الخدمات. وثانياً إذا كانت هناك من أسباب تؤدي للفشل والإخفاق فلابد من علاجها في الحال وبالتالي فإن معالجة الوزارة للمعوقات التي طرحنا بعضها تعد من العوامل المهمة والمساعدة على نجاح عملنا الخيري التطوعي. أملنا كبير في سعادة الوزيرة الجديدة.

إقرأ أيضا لـ "حسين مدن"

العدد 4635 - السبت 16 مايو 2015م الموافق 27 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 8:52 ص

      بارك الله فيك أستاذ حسين

      محب للاعمال التطوعية مذ عرفتك.
      ملاحظاتك هامة جداً يستحق النظر فيها بجدية.

    • زائر 6 | 6:02 ص

      صراحة

      فى موظفة ليس لها اخلاق فى >>> حرمتنا من المعونه الشهريه الله احاسبها مثل ما قطعت رزق اولادى المشتكى لله

    • زائر 5 | 2:44 ص

      نداء لوزيرة التنمية الاجتماعية اتمنى قراءة المشكلة وحلها بواسطة اطلاعك على هذه المقالة المحترمة

      اتمنى ان تصلك مشكلتنا نحن أعضاء جمعية التوفير والتسليف في وزارة العمل والشئون الاجتماعية حيث اودعنا مبالغ في الجمعية من السنوات الماضية وبعد تجميد الجمعية ذهبنا لأخذ مبالغنا فقالوا لنا حاليا مجمدة ولانستطيع سحب مبالغنا الا بأمر وزيرة التنمية الاجتماعية فنتمنى ان نلقى المساعدة من سعادتك وجزاك الله خيرا

    • زائر 4 | 1:02 ص

      الخلل واضح

      يا جماعة الإدارة بها خلل واضح وضوح الشمس وتتعامل بإنتقائية من الجمعيات بحسب المذهب ولا حياة لمن تنادى وأكو رمضان جاى وأتجحدى إدارة الجمعيات تاخذ إجراء على الجمعيات اللى قرب إشارات المرور فى سوق المحرق ولا تصريح ولا هم يحزنون. العرعور يدش البلد وياخذ التبرعات عينى عينك ولا حد يتكلم ...قال نظام قال ...سلامات يا نظام على ناس وناس

    • زائر 3 | 10:33 م

      زائر

      أ.حسين مره اخرى موضوع الجمعيات
      لقد تسببت الوزاره في تحجيم العمل الطوعي بسبب القوانين التى زادت الاعباء كنّا سابقا ناخذ ترخيص لجمع المال اما الان ناخذ موافقة صاحب المحل هذا ما يجعل كثير منهم يتردد خوفا من قوانين اخرى لا ندري ماهيتها

    • زائر 2 | 10:22 م

      زائر

      ا.حسين لقد وضعت النقاط على الحروف ويبقى ان تقوم الوزاره بدورهابتصحيح الوضع حيث ان ماقامت به من إصدار قوانين مجحفة وتكاد تكون مستحيلة وخصوصا قانون جمع المال الذي للان لم تتمكن اي جميعه من تفعيله لما تواجه من تعقيدات
      ماذا تريد الوزاره من مثل هذه القوانين ؟ أليس التقارير الماليه المدققه كافيه ؟

    • زائر 1 | 10:13 م

      المجمعيات الخيرية والتنمية

      رغم أن لا احد ينكر اهمية وجود الجمعيات الخيرية في البلاد ، إلا أن وزارة التنمية الاجتماعية لا تتعامل معها منذ زمن بعيد تعاملا يليق بما تقدمه من خدمات إنسانية وإجتماعية ، كل ما تطلبه من الوزارة هو أن تقوم بدورها في تنميتها المالية والإدارية ، الجلوس معها وتداول المشاكل التي تعاني منها والتي للوزارة دور رئيسي في وجودها ، لا تريد منها جزاء ولا شكورا ، كل ما تريده منها أن تساهم في رقيها إدارية ومالية

اقرأ ايضاً