العدد 4635 - السبت 16 مايو 2015م الموافق 27 رجب 1436هـ

الجماعات المخترَقة تحت الاستخدام

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من تنظيم «القاعدة» إلى «داعش»... تتسلسل فصول أكبر قصة اختراق مخابراتي غربي للشرق.

لم يعد سراً تفاصيل قصة استقطاب آلاف الشباب العرب إلى أفغانستان لمقاتلة الروس، بالتنسيق التام بين الأميركان وأصدقائهم في المنطقة. لقد أصبح تاريخاً يروى، ويدوّن ويسجّل في الكتب والأفلام الوثائقية. ومن أهمها الشهادة التي قدمتها هيلاري كلينتون، (وزيرة خارجية أوباما في رئاسته الأولى ومرشّحة للرئاسة المقبلة). وقد تكلمت بوضوح قائلةً: «إن الذين نقاتلهم اليوم نحن الذين أوجدناهم، وفعلنا ذلك وكنا عالقين في نضال ضد الاتحاد السوفياتي الذين غزوا أفغانستان، ونحن لا نريد أن نراهم يسيطرون على آسيا الوسطى».

وتصف الدوافع الأولى التي ساقتهم جميعاً: «وذهبنا للعمل بواسطة (الرئيس الجمهوري رونالد) ريغان والكونغرس والحزب الديمقراطي. دعونا نتعامل مع المخابرات والعناصر الباكستانية، ودعونا نجنّد هؤلاء الجهاديين. هذا عظيم! دعوهم يأتون من (...) ومن أماكن أخرى. استوردوا هذه العلامة (...) للإسلام، بحيث يستطيعون التفوق على الاتحاد السوفياتي».

لا مجال إذاً للتشكيك في مَنْ وضع الأسس والدعائم الأولى نهاية السبعينيات، لهذه الجماعات التي انبثق منها لاحقاً تنظيم «القاعدة»، واستقطب لها الأنصار، وجلبها من بلدانها في أعقد عملية تنظيم وتجنيد اختياري طوعي. وفتح لها المعسكرات في بعض الدول الحليفة، وفي مقدمتها باكستان، التي كانت نموذجاً للدول التي دعمتها ثم انقلبت عليها واكتوت بنارها، ودُفعت دفعاً لمقاتلتها داخل أفغانستان، لتجد نفسها أخيراً في مواجهة داخلية دامية مع «طالبان باكستان».

حين تم غزو العراق (2003) بعد عام من غزو أفغانستان، كان المخطّط الأميركي واضحاً ومعلناً، وعبّر عنه بعض المسئولين العسكريين والسياسيين، بأن يتم استدراج كل «الجهاديين» إلى العراق، وإخراج من تبقّى منهم في أفغانستان، نحو ما أسموه «الثقب الأسود» الجديد (العراق). كانت الخطة تهدف إلى منازلتهم في أرض مفتوحة مكشوفة، على خلاف أرض أفغانستان الجبلية. وهو ما حصل سريعاً، إذ سرعان ما انهمر على أرض العراق الآلاف من المقاتلين الأجانب، ليجدوا بيئةً حاضنةً من كل المتضرّرين من سقوط نظام البعث السابق.

وكانت ذروة المواجهات في الحركة التي قادها الزرقاوي، الذي أطلق سراحه من بلاده الأردن، (وكان عنصراً خطيراً قاد معسكرات تدريب في أفغانستان في التسعينيات)، وسرعان ما مُهّدت له السبل للوصول إلى العراق ليقود فرع تنظيم «القاعدة» هناك، وتنفيذ أعمال القتل والتفجير التي أدوت بأرواح عشرات الآلاف من العراقيين، حتى قُتل في يونيو/ حزيران 2006. وكان يتفاخر ببث أشرطة فيديو، يظهر في أحدها متشبّهاً بالممثل الأميركي سلفستر ستالون بطل سلسلة أفلام «رامبو»؛ وفي آخر يظهر وهو يحز رقبة الرهينة الأميركي يوجين ارمسترونغ.

بعد ثمانية أعوام، يُعاد استخدام السيناريو نفسه، بتسليط الجماعة نفسها، من قبل «الأيدي الخفية» نفسها، وتحت مسمياتٍ جديدةٍ، على العراق وسورية، لتعلن قيام «الدولة الإسلامية»، لتدشن عهدها بعمليات القتل والتهجير الجماعي ونشر الرعب في الدولتين، فضلاً عن الجرائم ضد الأقليات، وأبشعها كان سبي النساء وقطع الرؤوس وحرق الأسرى، و... بطريقة استعراضية تذكّر بخروج الزرقاوي برشّاشه في صحراء الأنبار.

وجود مثل هذه الجماعات التكفيرية مطلبٌ استراتيجي أميركي، وهو ما يفسّر عدم رغبة الولايات المتحدة في التخلص منها، وعدم جديتها في مقاتلتها، كما يفسّر الضربات المتكررة التي نزلت بالقوات العراقية والحشد الشعبي الذي يقاتلها في العراق، وقيل إنها وقعت بالخطأ! بل إن عدداً من المسئولين الأميركيين أعلنوا أن هزيمة «داعش» يحتاج إلى عشر سنوات، ورفعَ آخرُ سقفَ آماله إلى ثلاثين عاماً. كانوا يتحدثون بلسان الرغبة الجامحة بأن تبقى المنطقة تشتعل لأطول فترة، لتُستنزف آخر قطرة نفط ودم.

إنها قصة سترويها الأجيال مستقبلاً، عن أكبر عملية اختراق غربي للشرق... في أوسع وأحدث عمليات الاستحمار والاستخدام الجماعي للجماعات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4635 - السبت 16 مايو 2015م الموافق 27 رجب 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 5:42 ص

      قولنا

      قولنا اليكم ياعرب انه امريكا عدوة الشعووب وانتم سلمتون اليها كل شى وتركتون الله الي حذركم من الكفار فى القران ومشيتوون لاجل مصالحكم ودمرتوون الاوطان وشردتون العوائل ولعبتون فى اموال الناس لكى تبثوا الطائفيه اقدر اعرف ويش استفتدون من هادى الافعال المشتكى لله وقاتل الله الجهل والله يرحم الشهداء تبع الاوطان العربيه على ايدى الكفرة الدواعش

    • زائر 14 | 3:00 ص

      لكن هل يستوعب من يذهب لداعش باسم الدفاع عن ...!!!!

      و للأسف ادوات امريكا في هذا المشروع هي الدول العربية مثل ماذكرت الاردن هي من اطلقت سراح الزرقاوي؟؟!! و اكثر هذه الدول التي مولت و ساندت و بنت هكذا افكار هي الدول الخلي.... و الىن تستصخر خوفا من انقلاب وحشها الذي صنعته عليها و للعلم يعني معقولة امريكا بكل مالها من استخبارات و تقنية عالية لا تعرف اين هو موقع البغدادي!!! بل يعرفون مكانه خطوة بخطوة لكن لم يحن الوقت للتخلص منه و غن تحترق ورقته عندها سيتم التخلص منه

    • زائر 13 | 2:24 ص

      اختروا عقول الشباب المسلم والعربي بالذات والخليجي بالخصوص

      ما إن تدخل مواقع التواصل حتى تجد هؤلاء الجهلة وقد ملأت قلوبهم احقاد واضغان وعبئوا حتى اصبحوا قنابل ارهابية مدمّرة .
      وطبعا معظمكم سمع اسطوانتهم المشروخة المبرّرة لهم ارهابهم (انتم تشتمون الصحابة وام المسلمين) المسوّغ لهم للقتل وسفك الدماء فحسبنا الله على من غرس وساعد في غرس هذا الفكر السقيم في جسد شباب الامة

    • زائر 7 | 12:37 ص

      من البر

      امس بس امريكا قتلت ثاني اكبر قائد في داعش بعمليه قتال وانزال قوات خاصه مثل ما فعلوا مع بن لادن. مجازفه بريه و مواجه وجه لوجه معهم وقتال بالايدي...
      وجود هده الجماعات هو مطلب استىراتيجي امركي و عدم رغبه امريكا في التخلص منهم ....كما تدعي ..... لا ينطبق !!!!

    • زائر 9 زائر 7 | 12:56 ص

      البنتاغون ينفي الخبر

      الجيش الامريكي لم يقم بهذا القصف . ولم يكن هناك اشتباك بري في الامر .
      حسب الانباء العراقية استهدف بصاروخ من الجو .

    • زائر 11 زائر 7 | 2:11 ص

      روح نام بابا

      امريكا عندها احدث اجهزة تجسس وهي التي تمول وتدعم الدواعش وما فعلته دعاية اعلامية مكشوفة لكن قلوبكم مقفلة لا تريد رؤيةالحق من الباطل

    • زائر 12 زائر 7 | 2:16 ص

      السياسة تتطلب اساليب هكذا حتى يصدق الناس والا انكشفت اللعبة بسرعة وفشلت

      الم تسمع في السياسة بتقديم ضحية لكي تستقيم اللعبة السياسية ، اسرائيل نفسها اعرقت سفينة اسرائيلية بمن فيها حتى توجد مبرر للاحتلال والحروب والقتل وحتى يقتنع الضحية وهذه لعبة الامم في الاستحمار للشعوب ، وان السياسة نجاسة مالم تخدم انسانية الانسان وتقيم العدل بين الناس .

    • زائر 17 زائر 7 | 6:47 ص

      ضربات ازدواجية الهدف

      يا عزيزناإن العمليات الأمريكية ضد داعش أو النصرة أو أيٍ من ربيباتها هي من باب التأديب ولضمان السيطرة على سير الأمور تحت سيطرتها، أما ضلوع أمريكا في إنشاء وإدارة هذه المجاميع الإرهابية لا ينكره إلا مستفيد أو غبي أعمى.

    • زائر 6 | 12:21 ص

      داعش و حالش

      لا فرق بين داعش و حالش فكلاهما اعداء للعروبة و الاسلام

    • زائر 8 زائر 6 | 12:45 ص

      خفيف دم

      ومنهو حالش بعد؟ روح نام وبلا هرار

    • زائر 15 زائر 6 | 5:29 ص

      ...

      وشهالبدعة.ما تمشي.شحوااااااال

    • زائر 3 | 10:53 م

      مع ذلك لماذا لم ينجحوا مع الشيعة و الاباضية و غيرهم

      ثمة خلل في البنية العقدية او ما يميزها منن خاصية الهلام او السائل الذي يقولب بحسب هوى المعتنق

    • زائر 2 | 9:54 م

      ابو سيد محمد

      احسنت سيد على طرح الموضوع اشعلو نار واليوم لن يسطيعو اطفاها بل ستحرقهم اولاً

اقرأ ايضاً