العدد 4651 - الإثنين 01 يونيو 2015م الموافق 14 شعبان 1436هـ

أعلام في التسامح والسلام... جائزة عيسى لخدمة الإنسانيّة

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

ليست «العَلَميَة» التي أبني على أساسها سلسلة مقالاتي الأخيرة (أعلام في التسامح والسلام) مقتصرة على أسماء أشخاص ذاع صيتهم في مجال نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلم الإنسانيّ، وإنّما تتجاوز ذلك إلى الهيئات والجماعات ذات العلاقة. وحريّ بنا في هذه الآونة، وفي سياق مقالاتنا، أن نقف وقفة إجلال وإكبار لجائزة عيسى لخدمة الإنسانية، هذه الجائزة التي تُعتَبَر عَلَماً بارزاً ينطلق من أرض التسامح والتعايش من مملكة البحرين، لتشعّ على العالم وتحتفي بمن يقدّمون أعمالاً جليلةً في خدمة الإنسانية.

وتطوي الجائزة هذه الأيام دورتها الثانية؛ حيث من المقرّر أن يتمّ تسليم الجائزة في دورتها الثانية للفائز بها، وهو الدكتور أشيوتا سامنتا، من ولاية أوديسا بجمهورية الهند، في احتفالية كبيرة تحت رعاية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وذلك يوم الأربعاء الموافق 3 يونيو/ حزيران الذي يصادف ذكرى ميلاد صاحب السمو الأمير الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه.

وتهدف الجائزة، التي أسّسها حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى في العام 2009، إلى تكريم وتثمين جهود الأفراد والهيئات التي تقدّم خدمات عالية ومتميزة للبشرية حول العالم في قطاعات عديدة مثل الإغاثة والتصدي للكوارث، التعليم، الحوار بين الحضارات، تعزيز التسامح الإنساني والسلم العالمي، التحضّر المدني، العناية بالبيئة والتغير المناخي، التخفيف من وطأة الفقر والعوز إلى جانب المنجزات العلمية التي أسهمت في خدمة الإنسانية. وكانت الدورة الأولى من الجائزة قد مُنحت سنة 2013 للماليزية الدكتورة جميلة محمود.

ولا يستذكِر أهل البحرين لوحدهم من خلال هذه الجائزة العالميّة روح الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، وإنّما يستحضر العالم معهم هذه الشخصية التي ساهمت في بناء الدولة الحديثة ورسّخت أنبل القيم الإنسانية بما تميّزت به شخصيته من كرم وبذل وإخاء إنساني. وقد قال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفـة عاهل البلاد المفدى: «إن جائزة عيسى لخدمة الإنسانية تعد قيمة مضاعفة وداعمة لصرح العمل الإنساني في مملكة البحرين وفي العالم».

وتتميّز جائزة عيسى لخدمة الإنسانية ببعدها الكوني، حيث لا تختصّ بأهل البلد ولا بدين أو طائفة أو عرق دون آخر، وإنّما هي للإنسانيّة جمعاء، بعيداً عن الجنس والمكان والدين واللون، ولذلك تُعّدُ هذه الجائزة أكبر محفّزٍ لاستمرار العمل الإنساني وأعظم ناشرٍ لثقافة التسامح والسلام. وقد ذاع صيت هذه الجائزة بفضل جهود القائمين عليها، حيث ترشّح لنيلها في دورتها الثانية العديد من العاملين في مجال الإغاثة والخدمة الإنسانية سواءً أكانوا أفراداً أم هيئات من مختلف دول العالم، وهو ما يؤكّد المكانة التي باتت تحظى بها جائزة عيسى لخدمة الإنسانية بين مختلف العاملين في المجال الإنساني في العالم.

وقد استحقّها عن جدارة هذا العام الدكتور أشيوتا سامنتا البالغ من العمر 50 سنة، وهو أكاديمي عِصاميّ وإنسان بسيط ومتواضع أسس خدماته الإنسانية المتطورة بكفاح متواصل، وسعى إلى خلق عالم خالٍ من الفقر والجوع والجهل؛ إذْ عمل بجهد وحزم حتى وصل مرحلة النضج والتفرّد والتميّز وسط مجتمع فقير. وبعد جهود مضنية من العمل والابتكار. وفي العام 1992، أسس جامعتي «معهد كالينجا للعلوم الاجتماعية» و»معهد كالينجا للتكنولوجيا الصناعية»، لإتاحة الفرصة للفقراء للحصول على تعليم نوعي وتحريرهم من الفقر، فاحتضن المُعدمين وأبناء القبائل الفقيرة دون أن يقصي أبناء الأغنياء عن حرمه الجامعيّ، كما وفّر فرص حياة متكافئة للجميع حتّى أصبح مشروعه واحداً من المشاريع العملاقة التي توفِّر في شرق الهند التعليمَ والسكنَ المجانيَّ للطلبة، وقد أعطى بذلك مثالاً يحتذى به في فن العطاء والبذل ونكران الذات.

هكذا تكرم جائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دورتها الثانية شخصية قلّ نظيرها وعزّ مثيلها، وهكذا تدعو الجائزة كما يدعو الفائز بها، كثيراً من أثرياء العرب إلى بعث مثل هذه المشاريع، وإلى احتواء هذا الشباب العربي بالعلم وتوفير فرص العمل له بدل أن تستقطبه الجماعات الإرهابية أو تستهويه أكياس المخدرات أو تفترسه آفة الانتحار التي دقّت أرقامها المتصاعدة ناقوس الخطر في أكثر من دولة عربية.

وإذْ تكرّمُ جائزة عيسى لخدمة الإنسانية أمثال الدكتور الهندي أشيوتا سامنتا، ومن قبله الدكتورة الماليزية جميلة محمود، فإنّما تؤكد أنّ القائمين عليها هم بدورهم أعلامٌ من أعلام التسامح والسلام، وعلى رأسهم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى باعث الجائزة، بالإضافة إلى جهود سموّ الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء ورئيس أمناء الجائزة، وكذلك معالي محمد بن عيسى الناطق الدولي باسم جائزة عيسى لخدمة الإنسانية. ولا ننسى جهود الشاعر المرهف علي عبدالله خليفة الأمين العام لجائزة عيسى لخدمة الإنسانية. حفظهم الله جميعاً وحفظ جهود المملكة في نشر الخير والسلم والتسامح في العالم.

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 4651 - الإثنين 01 يونيو 2015م الموافق 14 شعبان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:59 م

      هكذا الرجال

      الدكتور أشيوتا سامنتا البالغ من العمر 50 سنة، وهو أكاديمي عِصاميّ وإنسان بسيط ومتواضع أسس خدماته الإنسانية المتطورة بكفاح متواصل، وسعى إلى خلق عالم خالٍ من الفقر والجوع والجهل؛ إذْ عمل بجهد وحزم حتى وصل مرحلة النضج والتفرّد والتميّز وسط مجتمع فقير

    • زائر 3 | 6:17 ص

      هذا ما أعجبني في المقال

      هكذا تكرم جائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دورتها الثانية شخصية قلّ نظيرها وعزّ مثيلها، وهكذا تدعو الجائزة كما يدعو الفائز بها، كثيراً من أثرياء العرب إلى بعث مثل هذه المشاريع، وإلى احتواء هذا الشباب العربي بالعلم وتوفير فرص العمل له بدل أن تستقطبه الجماعات الإرهابية أو تستهويه أكياس المخدرات أو تفترسه آفة الانتحار التي دقّت أرقامها المتصاعدة ناقوس الخطر في أكثر من دولة عربية

    • زائر 2 | 4:03 ص

      جائزة عيسى لخدمة الإنسانيّة

      مقال رائع أستاذ مشكور

    • زائر 1 | 1:12 ص

      جائزة عيسى لخدمة الإنسانية

      نرجو أن ترقى جهود العرب إلى مستوى نيل هذه الجائزة

اقرأ ايضاً