العدد 4657 - الأحد 07 يونيو 2015م الموافق 20 شعبان 1436هـ

الفنان التونسي السيد ينثر حروفه على جسر الفنون في باريس.. ويستعد للندن

صحيفة الشرق الأوسط ( 7 يونيو / حزيران 2015) 

تحديث: 12 مايو 2017

 الخط العربي فن له ألق ووميض خاص يحمل سحره داخل ثنيات حروفه، وعبر الأزمان تمتع بجاذبية خاصة.

ولكن فنون الخط العربي في عصرنا هذا بدأت تتخذ لها أساليب جديدة مختلفة، وتنوعت طرق التعبير عنها واختلفت الوسائل المستخدمة من الورق إلى مصابيح النيون أو الجبس أو الرمل أو الحجر. الفنان التونسي - الفرنسي السيد اشتهر بابتكاره طريقة مختلفة لاستخدام الخط العربي، ما يسمى بـ«كالغرافيتي» فأخرج للعالم جداريات حية تتنفس فنا وأصالة وتاريخا وأناقة.

 

انطلق السيد يحمل رشاش الطلاء وأدوات الرسم يخط على حوائط قديمة وجدران بيوت وعمارات، يتركها وقد تحولت للوحات حية تحمل حروفا عربية زخرفية تلتوي وتتمدد وتلف نفسها حول أبواب ونوافذ وأسوار وكأنها تقول «انظروا لي بعين جديدة».

 

السيد نشر حروفه وألوانه في عدد من البلدان في العالم العربي وفي موطنه تونس في أكثر من مكان وضمن رحلته في كتابه «حوائط ضائعة.. رحلة بالكاليغرافيتي في تونس».

 

الفنان الذي يعيش متنقلا ويقسم أوقاته ما بين الخليج وفرنسا، يطلق بعد غد الثلاثاء أحدث مشروعاته، حيث تدشن عمدة باريس الوجه الجديد لـ«جسر الفنون» في باريس وعلى أحد جوانبه لوحة بخطوط السيد. وجسر الفنون أو «بون ديزار» الشهير في العاصمة الفرنسية تحول في الأعوام الأخيرة إلى محطة للعاشقين يشبكون على سوره أقفالاً تحمل أسماءهم لتخليد حبهم، ومن هنا اكتسب اسم «جسر الحب»، ولكن تلك الأقفال أثقلت كاهل الجسر الشهير وتسببت في سقوط أجزاء منه وفي الأسبوع الماضي تم إزالة الأقفال في عملية قامت بها البلدية وصفها أحد المسؤولين لـ«رويترز» بأنها «نهاية الأقفال». وأضاف أن الأقفال تفسد جماليات الجسر وتضر البناء ويمكن أن تسبب حوادث، مشيرًا إلى أن جزءًا واحدًا من السور انهار حقا بسبب ثقل وزن هذه الأقفال مما يشكل خطرا محتملا على الملاحة في نهر السين أسفله. وقال إنه سيستبدل السور على جانبي الجسر بألواح عليها أعمال فنية، ثم في وقت لاحق من هذا العام ستبدل هذه الألواح بزجاج منقوش.

 

وجاءت فكرة وضعت لوحات «غرافيتي» على سور الجسر بناء على اقتراح من غاليري «أتينيرانس» والذي يمثل الفنانين المشاركين ومنهم السيد.

 

يرى السيد أن ظاهرة شبك الأقفال على سور الجسر ظاهرة حديثة «لا تنتمي لتاريخ المدينة وعلى العكس هناك أسباب كثيرة تدعو لإزالتها». وأضاف خلال حديث مع «الشرق الأوسط» أن غاليري «أتينيرانس» اقترح على أمانة المدينة عرض لوحات غرافيتي على أسوار الجسر لمدة ستة أشهر حتى يتم وضع الزجاج المنقوش، ويرى أن ذلك يتماشى مع طبيعة المكان «الجسر اسمه جسر الفن، وبالتالي من المنطقي أن تعرض عليه أعمال فنية».

 

مشاركة السيد كفنان عربي ونوع المشاركة وهي كتابة باللغة العربية تحمل الكثير من الإشارات والرسائل، فهي للبعض تحول الجسر الشهير إلى «جسر بين ثقافتين» حسب تعبير الفنان. يقول: «وافقت على المشاركة خصوصا أنني من مواليد باريس فكانت فرصة جميلة أن أرسم في مكان بوسط المدينة كهذا. أيضا المشاركة لها أهمية خاصة مع وجود تيارات عنصرية ضد العرب هناك فكانت هذه طريقة جيدة لنوجه رسالة للعالم أنه ما زال هناك روح مشتركة وتبادل ثقافي».

 

ما هو رد فعل الجمهور حتى الآن؟ يقول السيد إن المشروع سيدشن خلال يومين وبالتالي من الصعب معرفة رد فعل الجمهور العام ولكنه أشار إلى أنه أرسل صور المشروع لعدد من أصدقائه ونشرها أيضا على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي: «وجدت أن هناك إحساسًا بالفخر وخصوصا من العرب في فرنسا لرؤية الخط العربي في وسط باريس وعلى مكان يعتبر معلمًا في العاصمة الفرنسية. هناك من سينتقد بالطبع ولكن العمل الذي سيوضع هناك لأشهر معدودة سيرفع بعد ذلك يحتفظ برمزيته».

 

اللوحة تحمل عبارة مكتوبة باللون الوردي محددة بحواف سوداء، أسأله إن كان للون معنى خاص؟ يقول: «عادة في فن الخط العربي نعتمد على ألوان محددة مثل الأسود والفضي والذهبي بكثرة، ولكن استخدام اللونين الوردي والأسود غير مألوف. اللون الوردي لون يبرق ويظهر بشكل كبير خاصة في الأجواء الغائمة، والبعض يرى أن الألوان تعكس «شعار» فرنسي وهو «الحياة وردية» نسبة للأغنية الشهيرة».

 

السيد يحرص دائما في أعماله على نقل رسالة معينة أو فكرة خاصة، ففي رحلته في المدن والقرى التونسية كان يستمد أفكاره من الحديث مع الناس، وقد تكون اللوحة عبارة عن جملة أو بيت شعر. وهو ما فعله في باريس «فالمدينة توحي له بالفكرة» كما ذكر لنا. في باريس استخدم عبارة للكاتب الشهير أنوريه دي بلزاك تقول «باريس محيط حقيقي، لن تصل لعمقه أبدا حتى لو ألقيت فيه بمسبار»، يقول إن العبارة تعكس روح باريس وروح العمل: «أرى أن عملي الموضوع هنا على النهر يعكس جانبا من عمق المدينة».

 

ماذا بعد باريس؟ يستعد الفنان للمشاركة في مهرجان «شباك» للثقافة العربية الذي يقام في لندن خلال شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) المقبلين، وهي أول مرة يقدم فيها الفنان عملا حائطيا في العاصمة البريطانية. وسيقوم السيد بعمل لوحة على أحد الحوائط بحي «شورديتش» ولكنه لم يقرر حتى الآن مضمون اللوحة.

 

الأيام القادمة تحمل معها مشاريع أخرى للفنان يذكر منها «مشروعًا لإعداد كتاب على غرار (حوائط ضائعة)» ومشروع آخر لم يفصح عن تفاصيله ولكن كل ما علينا هو فتح أعيننا فربما نجد أمامنا لوحة تحمل حروفا عربية أنيقة متشابكة تحمل توقيع السيد.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً