في رصد للموقف الأوروبي، سجلت الصحف مزيدا من الشرخ بين الأوروبيين وتوجه «الصقور» الأميركيين، فقد شدد الاتحاد الأوروبي لهجته حيال صدام حسين داعيا إياه إلى فتح الأبواب أمام مفتشي الأمم المتحدة، ولكنه أكد موقفه المتمايز عن موقف الولايات المتحدة في سعيها لتوجيه ضربة إلى العراق. وشدد الأوروبيون على دور مجلس الأمن في كل الخيارات التي قد تتخذ. وأعربت إيران وتركيا عن معارضتهما أي «عمل عسكري ضد العراق» ودعتا إلى «حل سلمي» لتسوية الأزمة فيما لوحظ ملامح خلافات حادة تظهر في واشنطن بين إدارة بوش والسلطات التركية وقيادات الأحزاب والمنظمات الكردية في العراق. فالتصعيد التركي ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني جاء إثر معلومات صحافية أشارت إلى ان الحزب يفكر في إعلان دولة كردية مستقلة في حال نجحت واشنطن في قلب النظام العراقي. وأعلن وزير الدفاع التركي صباح الدين جقماق أوغلو، ان تركيا مستعدة للقيام بعملية عسكرية على حدودها إذا استغلت الفصائل الكردية في كردستان هجوما عسكريا أميركيا لمحاولة تحقيق الاستقلال. على أي حال ازداد المراقبون قناعة باقتراب موعد الضربة الأميركية للعراق وباشتراك بريطاني، بعد تأكد ذهاب وزير الدفاع البريطاني جيف هون، إلى واشنطن لحضور اجتماعات تستمر اسبوعا في البنتاغون لمناقشة خيارات العمل العسكري ضد العراق. ووصفت (أوبزيرفر) البريطانية المحادثات بأنها «قمة حرب» سيبحث خلالها اثنان من الأكثر تشددا في الحكومة البريطانية والإدارة الأميركية خططا لتوجيه ضربة عسكرية إلى العراق. وقالت الصحيفة البريطانية ان زيارة هون للولايات المتحدة التي تعمل على «تغيير النظام» في العراق، هي «إشارة واضحة على ان التحرك عسكريا ضد دكتاتور العراق يأخذ الصدارة في جدول الأعمال».
ورأى سركيس نعوم في النهار، ان أعضاء الكونغرس لن يحجبوا عن بوش، الموافقة على العملية العسكرية ولن يعرضوا هذا الأمر للكثير من النقاش. موضحا ان ذلك يعود إلى عامل مهم بل رئيسي هو ان الجناح اليميني داخل الحزبين مدعوما باليهود الأميركيين النافذين جدا سيجد نفسه قويا جدا أثناء أية مناقشة للحرب في الكونغرس.
يذكر ان العراق يقوم بتحرك دبلوماسي بهدف تلافي هزة جديدة في المنطقة من جراء الضربة الأميركية المتوقعة له.
إلى ذلك لاحظت عناوين الصحف العربية، التوتر الإيراني العراقي الذي ظهر من خلال اتهامات متبادلة بين الطرفين بدت ناجمة عن الموقف الذي أعلنته طهران أخيرا من انها ستقف «على الحياد» في حال شن حرب أميركية على العراق. وندد نائب وزير الخارجية الإيراني محمد الصدر، بتصريحات نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان التي اتهم فيها إيران بالتعاون مع «الصهاينة» ضد العراق وباقي الدول العربية. وقال الصدر «ان على السلطات العراقية ان تكف عن مفاقمة مصير الشعب العراقي وتفادي إطلاق تصريحات معادية لإيران». وأضاف: «ان سياسة إيران تتمثل في دعم الفلسطينيين». وكان رمضان قد قال: «لن تجدوا في التاريخ ان الفرس تعاونوا في أحد الأيام مع العرب ضد الصهاينة». وأضاف: «في كل مراحل الصدام بين الأمة والصهاينة، وبين المسلمين والصهاينة، كان الفرس هم حلفاء للصهاينة». لكن رمضان تراجع عن انتقاداته لإيران في حديث إلى قناة الجزيرة (القطرية) على رغم تأكيد رفضه ان تتخذ طهران موقفا «حياديا» إذا ما قامت الولايات المتحدة بضرب العراق. وكانت السفير (اللبنانية) قد نقلت في تقرير لها من لندن، عن مصادر دبلوماسية مطلعة كشفت جوانب من المناقشات والمداولات الجارية في كل من واشنطن ولندن وإيران عن دور المعارضة العراقية في أية معركة محتملة ضد العراق، وحقيقة الموقف الإيراني من هذا الموقف، مع شروحات لبعض التصريحات التي أطلقت أخيرا. وقالت هذه المصادر ان التقييم القائم حاليا، يشير إلى تراجع في احتمالات العدوان الشامل على العراق، وان الإدارة الأميركية التي تورطت في قرار يخص هذا الملف، قد تلجأ في مرحلة إلى خيار العمليات الجوية المكثفة، على أمل انضاج مناخ المشاركة العربية والعراقية في الحرب من جهة، والحصول على نتائج تؤثر على قوة النظام العراقي من جهة ثانية. وتقول المصادر الدبلوماسية نقلا عن زوار طهران، ان القيادة الإيرانية تعتبر أن أميركا محكومة بتنفيذ قرار ضرب العراق خلال وقت قصير ولعله قبل موعد الانتخابات المقبلة في الكونغرس، وان الضجة والتسويق الإعلامي ألزماها أكثر بالقيام بهذه العملية، وتعتبر القيادة الإيرانية انه بما ان الضربة تستهدف إسقاط صدام فهي تحتاج إلى تغطية لم تتوافر، ولها مخاطرها على الأميركيين أنفسهم، الأمر الذي يجبرهم على حسابات دقيقة تجنباَ لتورط في مستنقع أمني، لأن التجربة في أفغانستان ليست ناجحة تماما، وان غياب البديل السياسي في العراق يزيد من هذه المخاطر. وفي تقدير الأوساط الإيرانية النافذة، فإن الوضع كان قد اختلف لو كانت أميركا تملك بديلا جاهزا عن صدام.
ولم يغب الملف العراقي، عن الصحف الإسرائيلية، فنقلت (معاريف) توقع ضابطين أميركيين أن تشن أميركا الحرب على العراق في نوفمبر المقبل، وذكرت الصحيفة الإسرائيلية ان الحملة الأميركية ستبدأ بهجوم مكثف من الجو يتزامن مع هجوم بحري، كما سيتم إرسال قوات برية إلى العراق للوصول إلى مخبأ صدام حسين. ولفتت إلى ان الرئيس الأميركي جورج بوش عاقد العزم هذه المرة على قتل صدام حسين وليس مثل حرب الخليج السابقة التي لم ينجح فيها والده في قتله. لكن الوطن (السعودية) نشرت استنادا إلى مصادر دبلوماسية أميركية وأوروبية وصفتها بانها وثيقة الاطلاع على معلومات جديدة ومهمة عن استعدادات الولايات المتحدة العسكرية ضد العراق، مؤكدة ان هناك قلقا أميركيا جديّا من إقدام إسرائيل على ارسال قوات برية إلى العراق ردا على قصف صاروخي، عراقي لها... لان ذلك سيؤدي إلى تحويل المواجهة الأميركية - العراقية إلى أزمة اقليمية كبيرة مما ينعكس سلبا على خطط إدارة بوش لإسقاط نظام صدام حسين. وفي هذا المجال نقلت (الوطن) أيضا عمن وصفتهم بأنهم مصادر مطلعة، ان المسئولين الأميركيين تلقوا معلومات مثيرة للقلق تفيد أن حكومة شارون لن تكتفي بشن غارات جوية مدمرة على العراق في حال تعرضت إسرائيل لقصف صاروخي عراقي بل إنها تنوي إرسال قوات برية إلى العراق عبر دولة ثالثة لتدمير قواعد إطلاق الصواريخ ولتنفيذ عمليات عسكرية وتخريبية مختلفة في هذا البلد. لكن المصادر الأميركية الرسمية، وبحسب الصحيفة السعودية، رفضت تأكيد المعلومات التي تشير إلى نوفمبر «موعدا» للضربة، وأشارت إلى أنه لم يتم تحديد موعد معين نهائي لهذه العملية. فيما لاحظ تسفي برئيل في (هآرتس)، أن القادة العرب باتوا حائرين، ويسألون أنفسهم، من هو الطرف العربي المستهدف؟ لافتا إلى ان هذا السؤال يطرح بقوة اليوم في تعليقات المحللين الصحافيين العرب، الذين يعتبرون ان هناك خطة أميركية - إسرائيلية لإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط، والاستيلاء على آبار النفط، وتعيين أنظمة جديدة موالية لواشنطن
العدد 2 - السبت 07 سبتمبر 2002م الموافق 29 جمادى الآخرة 1423هـ