عادة ما تتحول أي مناقشة للاضطرابات الاقتصادية في الشرق الأوسط إلى مناقشة الشلل السياسي في المنطقة . يشير محللون إلى قمع الأفكار السياسية والفساد الرسمي والبيروقراطية إلى جانب التعريفات الجمركية وأسواق رأس المال الضحلة والافتقار للشفافية كأسباب وراء تخطي الإنتاج الأسباني مجمل ما تنتجه الدول العربية مجتمعة.
وحذر تقريران شديدا اللهجة، صدر احدثهما هذا الأسبوع، من انه يتعين على الدول العربية العمل على القضاء على معوقات النمو والوفاء باحتياجات مواطنيها البالغ عددهم نحو 280 مليون نسمة، وهو العدد المتوقع أن يتضاعف خلال 30 عاما.
وأبلغ نادر فرجاني معد تقرير التنمية الإنسانية العربية الذي أصدرته الأمم المتحدة في يوليو/ تموز الماضي لرويترز أن عواقب عدم اتخاذ إجراء «لن تقل عن كارثة إذ أنها ستسفر عن صراع اجتماعي... الرأسمالية لا يمكن أن تستمر دون متطلبات أساسية هي الكفاءة والشفافية ودولة تضمن إقرار عدالة التوزيع».
وكان بعض المحللين في الماضي قد القوا باللوم في انتشار الفقر على التطرف الديني. لكن 15 من بين 19 اختطفوا الطائرات التي نفذت بها هجمات 11 سبتمبر/ أيلول على الولايات المتحدة كانوا سعوديين من الطبقة المتوسطة تلقوا التعليم واتيحت لهم الفرص للسفر. عزز ذلك من وجهة نظر القائلين بان الإصلاح الاقتصادي يجب أن يسير جنبا إلى جنب مع الإصلاح السياسي.
كما أن الكساد المستمر منذ عقدين يزيد من حدة المشكلة نظرا إلى الإمكانات الضخمة لخلق الثروات في المنطقة التي تضم أراضيها 5 6 في المئة من الاحتياطات النفطية العالمية المؤكدة والتي تحتل موقعا جغرافيا استراتيجيا يصل بين الشرق والغرب. وأظهر تقرير التنافسية في العالم العربي الصادر هذا الأسبوع عن المنتدى الاقتصادي العالمي انه على رغم المليارات التي أنفقت في الشرق الأوسط فان ضعف نوعية الاستثمارات المحلية وافتقارها للكفاءة طغى على قدرتها على تحقيق النمو منذ الثمانينات.
وحتى السعودية اكبر مصدر للنفط في العالم والتي تضم أراضيها ربع الاحتياطات العالمية المؤكدة شهدت انخفاضا في معدل نمو الدخل السنوي للفرد في الأعوام الخمسة حتى العام 2000 مع تخلف التنمية الاقتصادية عن ملاحقة النمو السكاني. وقال دبلوماسي غربي بارز في المنطقة «كان يتعين أن يصل الأمر إلى هذا الحد... هذا الجزء من العالم يسير إلى الوراء أو يقف في مكانه في حين مضى الآخرون قدما لذلك يسوء حاله عاما بعد بالمقارنة بأجزاء أخرى من العالم».
ولم يشر تقرير الأمم لمتحدة أو تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لامل يذكر في التحسن في تنمية المنطقة دون القضاء على الفساد ودعم حقوق المرأة وإعطاء الرأي العام حرية اكبر في الوصول إلى المعلومات وتحسين مستويات التعليم.
ويقول بيتر كورنيليوس المعد الرئيسي لتقرير منتدى الاقتصاد العالمي أن غالبية هذه المشكلات ليست غريبة على الشرق الأوسط. وأضاف «ما يزيد من خصوصية وضع الشرق الأوسط أن نموه الاقتصادي تراجع على مدى فترة زمنية أطول».
وتقول بعض اقتصادات المنطقة إن الشرق الأوسط واجه مشكلات خاصة لم تواجهها مناطق أخرى مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ 0 5 عاما وحرب الخليج التي استنفدت نسبة كبيرة من الموارد. ويقول آخرون إن هذه الصراعات بالتحديد هي التي تستخدمها الحكومات العربية كمبرر لتعطيل مسيرة التنمية وتغيير الاولويات الوطنية وتأخير التنمية السياسية
العدد 7 - الخميس 12 سبتمبر 2002م الموافق 05 رجب 1423هـ