من أجل الإجابة عن هذين السؤالين تم اعتماد المنهج الإحصائي الذي يستهدف البحث في العلاقة السلوكية بين متغير العرض من العمالة ومتغير السكان، على اعتبار أن السكان النشطين هم مصدر العمالة الوحيد. وحيث أن العمالة الوافدة تشكل حوالي 59 مقابل 41 للعمالة البحرينية، لذلك، كان لابد من تفصيل العلاقة بين كل من السكان والعمالة وفقا للجنسية، كي يصار لصوغ معادلتين سلوكيتين عوضا عن صوغ علاقة سلوكية وحيدة تخوض في الاجماليات. أفردت المعادلة الأولى لدراسة العلاقة بين متغير العمالة الوافدة ومتغير السكان الوافدين. بينما أفردت الثانية لدراسة العلاقة بين متغير السكان البحرينيين ومتغير العمالة البحرينية.
يتبين من الاختبارات الإحصائية وجود علاقة قوية بين العمالة الوافدة ومتغير السكان الوافدين، وهذا أمر طبيعي، بيد أن المهم معرفته هنا هو أن كل زيادة في السكان الوافدين بألف نسمة، تنجم عنها زيادة الأجانب في سوق العمل بمقدار 725 عاملا وعاملة.
العلاقة بين متغير العمالة البحرينية ومتغير السكان البحرينيين
تبين من الاختبارات الإحصائية وجود علاقة قوية بين العمالة البحرينية ومتغير السكان البحرينيين، كما تبين أن كل زيادة في السكان البحرينيين بألف نسمة، تنجم عنها زيادة في سوق العمل مقدارها 376 عاملا وعاملة. وبتوظيف مخرجات المعادلتين تبين أن عرض العمالة يتوقع أن يبلغ حوالي 532 ألف عامل وعاملة في العام 2020، مقابل 311 ألف في عام 2002، ومنه يتبين أن حجم العمالة البحرينية سيتضاعف 1,3 مرة في العام 2010 مقارنة مع ما هو عليه في العام 2002، بينما ستتضاعف العمالة الأجنبية بحوالي 1,9 مرة.
توقع الطلب على العمالة وفقا لمنهجية علاقة الطلب على العمالة بالناتج المحلي غير النفطي
إن المتغيرات المؤثرة في الطلب على العمالة متعددة ويصعب حصرها في بضعة متغيرات، فعلى سبيل المثال يتأثر الطلب على العمالة بسياسة الاقتصاد الكلي، وبمدى الاستقرار الداخلي والإقليمي الذي يحدد من بين عوامل أخرى مناخ الاستثمار الذي يؤثر في توظيف الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية. كما يتأثر ببرامج التعليم والتدريب وببرامج الخصخصة وتوسيع أطر مشاركة القطاع الخاص في التنمية، يضاف إلى ذلك تأثره بالسياسة السكانية، والموقف من عنصر الهجرة حصرا، وسياسة الحد الأدنى للأجور. أما الطلب على العمالة الوافدة فيتأثر كذلك بالسياسة النقدية في الدول التي تشكل مصادر ضخ للعمالة الأجنبية في السوق الخليجية، كما يتأثر بتطبيق نظام التأمين الصحي وغيره. لهذا، يصعب في الواقع حصر المتغيرات المؤثرة في الطلب على العمالة في مجموعة محددة من المتغيرات.
يتضح مما تقدم أن توقعات الطلب على العمالة المحلية والأجنبية تشوبها مجازفات عدة حتى في المدى المنظور، الأمر الذي يدعو إلى تحاشي الخوض في المجهول. في حقيقة الأمر، لم نجد بدا تحت سطوة الإغراء من دراسة علاقتين تتسمان بأهمية بالغة، نظرا لإدراكنا أن الخوض فيهما على رغم أهميته لم يطرق من قبل. الأولى تتمثل في العلاقة بين الطلب على العمالة الأجنبية تحديدا والناتج المحلي غير النفطي (وليس الإجمالي)، نظرا لمنطقية العلاقة بين المتغيرين محل الدراسة. هنا لابد من الإشارة إلى ضرورة استبعاد الناتج المحلي النفطي الذي لا يرتهن الطلب على العمالة به، ولا يؤثر فيه بشكل مباشر.
أما العلاقة الثانية فتمثلها العلاقة بين العمالة البحرينية والناتج المحلي غير النفطي، وقد استهدفنا منها إخضاع نتائجها للمقارنة بنتائج العلاقة الأولى. يلزم الإشارة هنا إلى أننا ضمّنا القيمة المضافة لقطاع الصناعة، مصنع تكرير النفط وشركة «بناغاز» وشركة البتروكيماويات، وعليه تم استبعاد القيمة المضافة المتأتية من قطاع استخراج النفط فقط، حيث انه بإمكان هذه الصناعات أن تستمر في العمل حتى مع نضوب النفط، وذلك عبر استيراد مدخلاتها النفطية من دول الجوار الغنية بالنفط. وفيما يلي عرض للعلاقتين:
العلاقة الأولى: علاقة العمالة الأجنبية بالناتج المحلي غير النفطي:
تبين من الاختبارات الإحصائية للفترة 1982 - 1999 وجود علاقة قوية بين المتغيرين، وقد أظهرت أن كل زيادة في العمالة الأجنبية بمقدار 73163 فردا ترفع الناتج المحلي غير النفطي بمليون دينار. إن هذه الحقيقة يؤكدها مستوى تأهيل الغالبية العظمى من العمالة الوافدة، حيث أن نسبة من هم دون الشهادة الثانوية تبلغ 57,2 للذكور، و98,3 للإناث، الأمر الذي يعكس ضعف إنتاجيتها.
وحيث إنه من الصعب إجراء توقعات بعيدة المدى للعمالة وفقا لهذه المنهجية لاستحالة الحصول على توقعات حول الناتج المحلي غير النفطي، لذا، تم توقع العمالة الأجنبية لغاية العام 2005 فقط، وقد تبين أن العمالة الأجنبية ستحقق نموا بنسبة 2,9 خلال الفترة 2002 - 2005 لتبلغ 203,398 في العام 2005.
العلاقة الثانية: علاقة العمالة البحرينية بالناتج المحلي غير النفطي.
تبين وجود علاقة قوية بين المتغيرين، وقد أظهرت العلاقة أن كل زيادة في العمالة المحلية بمقدار 47431 فردا ترفع الناتج غير النفطي بمليون دينار. تجدر الإشارة هنا إلى أن مقارنة نتائج العلاقتين تظهر ارتفاع إنتاجية العمالة المحلية مقارنة بإنتاجية العمالة الأجنبية بحوالي مرة ونصف، الأمر الذي لا يبرر استمرار غياب التحكم في عنصر هجرة العمالة الأجنبية.
البطالة وفقا للجنس والجنسية
أظهرت نتائج التعداد السكاني 2002 أن المتوسط العام للبطالة بلغ 5,5، مصنفا إلى 4,1 للذكور و10,5 للإناث، وأن المتوسط العام للبطالة في صفوف البحرينيين إناثا وذكورا بلغ 12,7 في أبريل/نيسان عام 2001، موزعة إلى 10 للذكور، و20,5 للإناث. ومن جهة أخرى، أعلن وزير العمل والشئون الاجتماعية في مؤتمر صحافي في 7 مارس/آذار 2002 أن البطالة في أوساط البحرينيين بلغت 13,7، والفارق بين الرقمين يمثل الفرق بين فترة التعداد السكاني الذي اجري في شهر أبريل/ نيسان، وحصر وزارة العمل اللاحق لشهر يونيو/ حزيران، حيث انه شهر حاسم في تقدير البطالة، كونه يشهد انضمام فوج جديد من الخريجين إلى سوق العمل
العدد 7 - الخميس 12 سبتمبر 2002م الموافق 05 رجب 1423هـ