العدد 22 - الجمعة 27 سبتمبر 2002م الموافق 20 رجب 1423هـ

ولكن من الذي دسَّ السمّ لموزار حقا؟

إلى زمن قريب، كان من المسلّم به، تقريبا، من الناحية التاريخية أن الموسيقى سالييري كان هو الذي دس السم لزميله موزار، أحد عباقرة التأليف الموسيقي على مدى الأزمان كلها. ولقد كُتب الكثير عن هذا الموضوع، وأجريت تحقيقات عديدة. وكان الاستنتاج «المنطقي» الدائم هو أن الموسيقي العجوز سالييري هو القاتل أو الدافع إلى القتل على الأقل، وذلك لغيرته من ذلك الموسيقي الشاب الذي بزغ ذات يوم، من حيث لا يدري أحد ليسحب بساط الشهرة والمجد من تحت قدميه.. فما كان منه إلا أن قضى عليه بشكل يبدو معه صاحب أوبرا «دون جوان» وكأن الوباء، قد حل به، مثل أهل المدينة وقتله. ولكن قبل فترة، وبعد سنوات من عرض فيلم «أماديوس» الذي حققه التشيكي ميلوش فورمان في هوليوود عن حكاية موزار وحكاية موته ظهر من يقول إن سالييري بريء كل البراءة، وأنه لم يكن هو القاتل. وقائل هذا الكلام هو الباحث كارل هارتمان الذي نشر في صحيفة «انترناشنال هيرالد تربيون» مقالا يؤكد فيه أن القاتل هو ساسماير، لا سالييري. ولقد جاء حرفيا في هذا المقال الذي لم يسع الأوساط العلمية والموسيقية إلا أن تنظر إليه بجدية ما يلي: «.. نعم الضحية كان هو جوهان وولفغانغ أماديوس موزار، أحد أكبر الموسيقيين في تاريخ البشرية، والذي مات صبيحة يوم 5 ديسمبر/ كانون الأول 1791م في فيينا عن عمر تناهز الخامسة والثلاثين. أما سبب موته فبقي غامضا مقلقا.

«لفترة طويلة من الزمن ثارت الشكوك من حول انطونيو سالييري، الموسيقي الذي كان غريما في المهنة لموزار. وهذه النظرية تشكل عماد المسرحية الشهيرة التي كتبها بيتر شافر (وبنى عليها فورمان فيلمه). لكن فيتورير نيغري، قائد الأوركسترا الذي بدأ مساره المهني في قاعة تسمى باسم موزار في مدينة سالزبورغ بالنمسا (مسقط رأس موزار) له نظرية أخرى، فهو يرى أن المذنب والقاتل الحقيقي هو فرانز كزافييه ساسامير، الذي كان تلميذا لموزار. وتقول هذه النظرية إن ساسامير هذا كان عشيقا لزوجة موزار كونستانز التي لم يحبها كاتبو سيرة موزار أبدا إذ أنها عرفت بكونها زوجة غير وفية على الاطلاق. وخلال رحلات الاستجمام في مياه بادن الصحية، كان ساسماير لا يترك كونستانزز أبدا، وخصوصا حين يكون موزار غائبا. كان صديقا للعائلة أكثر منه تلميذا، وكان موزار لا يكف عن التندر به في الرسائل التي كان يبعث بها إلى زوجته. وهو - أي ساسامير - كان حاضرا في حفل تأبين موزار كما في دفنه، مثله في هذا مثل سالييري. ويذكر نيغري أن أصغر أبناء كونستانز حمل أولا اسم فرانز كزافييه، لكنه عاد لاحقا وتخلى عن هذا الاسم، ويبدو من الناحية التاريخية أن المرأة حملت بهذا الطفل خلال غياب زوجها، ثم أن موقف كونستانز تجاه ساسماير كان ملتبسا. ويذكر المؤرخون انها، وزوجها التالي الدبلوماسي الدانمركي، حاولا محو اسم ساسماير من الرسائل التي كان موزار يكتبها.. لكنهما لم يتمكّنا من ذلك دائما. ولقد بدا على كونستانز غضب شديد تجاه ساسماير يوم موت موزار ودفنه، لكنها مع ذلك طلبت منه أن ينجز العمل الأخير الذي مات موزار دون انجازه أي (القدّاس) الذي يقول المؤرخون إن موزار كان يريد أصلا كتابته مع ساسماير...».

فإذا كان هذا كله صحيحا، يبقى السؤال: لماذا سكت المؤرخون عن هذه «الحقائق» المعروفة طوال مئتي سنة، قبل أن يفيق التاريخ ويحاول تبرئة سالييري؟

العدد 22 - الجمعة 27 سبتمبر 2002م الموافق 20 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:52 م

      فعلا لغز

      لكنى اعتقد بان قاتل موزارت هو كونستانز عشيق زوقته وخاصة ان التاريخ ومؤرخو موزار لم يذكروا عنها شيئا ولم يحبو الكتابه عنها وكأنهم متأكدون من انها فعلا هى سبب قتله . رحمك الله يا موزارت انت التاريخ وعلامة كبرى فىتاريخ عالم الموسيقى

اقرأ ايضاً