العدد 23 - السبت 28 سبتمبر 2002م الموافق 21 رجب 1423هـ

تشويق الشيخ

كمال الشيخ، يعدُّ واحدا من آخر ثلاثة عمالقة في الإخراج السينمائي المصري، مع يوسف شاهين وتوفيق صالح. شاهين مازال نشيطا، وصالح توقف عن الإخراج منذ ما يقارب العقدين.

كمال الشيخ، قدم آخر أفلامه منذ عشرة أعوام، واكتفى بالاشتراك في المهرجانات ولجان التحكيم.. يقول الشيخ في لقاء معه أخيرا في جريدة الحياة: «... أنا مستعد للعودة، لكنني لا أجد النص المناسب...». وقد برر قوله هذا عندما أورد عدة مشاريع سينمائية لم تكتمل لظروف كثيرة.

حوار الشيخ هذا، كان بمثابة تأكيد أهميته كمخرج، قدم في مشواره 23 فيلما، منذ (المنزل رقم 13) العام 1952. غالبية أفلامه يعتبرها النقاد من أهم ما قدمته السينما المصرية في تاريخها، واختار النقاد ثمانية منها لتكون ضمن أفضل مئة فيلم في تاريخ هذه السينما الطويل. ومنذ شهور قليلة أقيم له ولأفلامه تكريم خاص في مدينة تورينو الإيطالية.

بدأ كمال الشيخ السينما في غرفة المونتاج، مساعدا أولا وثانيا، إلى أن أصبح فيما بعد من أبرز الفنانين الذين يعملون في مجال المونتاج. يقول الشيخ: «... مشواري مع السينما تأثر بمجموعة عوامل، منها: إيماني الكامل بضرورة مخاطبة الإنسان وبحث ما لديه من أزمات نفسية وعقد وصفات خلقية متنوعة، أما مهارة استخدام المونتاج فتظهر واضحة في إتاحة الفرصة كاملة لكشف المعاني والمؤثرات والزوايا المختلفة لهذا كله، وكذلك التتابع الفني المنطقي للفيلم...».

امتازت أفلام الشيخ بأنها تعالج قضايا اجتماعية وسياسية مهمة وتتناول الطبقة المتوسطة بالذات متناولة همومها ومشكلاتها المتعددة. هذه الأفلام طرحت نقاشا وجدلا طويلا، لم ينته بعد. وهذه التركيبة هي التي تستهويه بوصفه مخرجا تخصص في الأسلوب التشويقي والبوليسي... (اللص والكلاب، غروب وشروق، الهارب، على من نطلق الرصاص). ويقول الشيخ: «... الطبقة المتوسطة التي أنتمي إليها بحكم المولد والنشأة، لازمتني في كل أعمالي، وهذا لا يعني أنني كنت أعكس حبي الشديد للجمال والتناسق والنظام، وهي أمور لم يحالفني التوفيق أحيانا في الملاءمة بينها، فكانت النتيجة شدا وجذبا ونزاعا وصراعا، انعكس على اختياري لموضوعاتي ورسمي لشخوصي. هذه الموضوعات اتسم بعضها بالجرأة في المعالجة والتعليق على تصرفاتها وسلوكها...». ثم ان كمال الشيخ يرفض إطلاق تعبير «إثارة» على ما يقدمه من أعمال، معتبرا أن مدلول هذه الكلمة، يعني إثارة غرائز المتفرج، ويفضل تعبير «تشويق».

كمال الشيخ، تميزه يكمن في دقة اختياره لموضوعاته، وكل شيء في الفيلم، من فنانين وفنيين. ثم انه ناقد شرس لأعماله بعد إنجازها. وهذا طبعا ما جعله قليل الإنتاج، على رغم مشواره السينمائي الطويل. يقول الشيخ: «... أشاهد أفلامي كناقد.. وهناك أشياء لو أعدت تنفيذها مرة ثانية، مع زيادة حجم الإمكانات المتاحة والمدة المقررة للتصوير، لاختلف الأمر...».

هكذا يختم مخرجنا الكبير حواره، وكله أمل وتفاؤل للجيل الجديد من السينمائيين المصريين. وهي طبعا رؤية خبيرة بشئون الفن والسينما بشكل عام... فدعونا نتفاءل معه

العدد 23 - السبت 28 سبتمبر 2002م الموافق 21 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً