العدد 46 - الإثنين 21 أكتوبر 2002م الموافق 14 شعبان 1423هـ

بدأت الصرخة ضد البريد الإلكتروني الدعائي الذي يغرق مواقع الإنترنت

ينبغي ان يكون توم كاولز الذي يرأس إحدى أكبر مؤسسات البريد الالكتروني في العالم إنسانا سعيدا. فحسب قوله تكسب شركته 12 مليون دولار سنويا من إرسال مليارات من الإعلانات بالبريد الالكتروني إلى أشخاص ليسوا بحاجة إليها.

والعمل سهل بحسب وصف كاولز وآخرين يعملون في هذا المجال: «تتعاقد مع زبون يريد بيع سلع ما، تكتب نصا دعائيا مشوقا تغرق به الكرة الأرضية بمساعدة برنامج كمبيوتري وأرشيف هائل من عناوين البريد الالكتروني. وإذا اشترى واحد من كل ألف شخص السلعة تصبح غنيا»

غير ان توم كاولز ليس إنسانا سعيدا. فثمة ناشطون ضد عمله الذي يدعى «Spam» يلاحقونه بلا كلل ولا ملل ليلا نهارا ويقصفون عنوان منزل كاولز (35 سنة) والذي يدير شركة Empire Towers Inc ورقمه الهاتفي على الويب ويتصل به متلقو دعايات «سبام» هذه ليكيلوا له عبارات «تسبب لك الغثيان».

كاولز ليس الـ «Spammer» الوحيد المطارد، إذ تملأ تفاصيل شخصية عن ممارسي الدعاية الالكترونية مواقع الإنترنت مواقع المناهضين مثل Spamhaus.com التي تسعى إلى ارغام الممارسين على العدول عن ممارساتهم.

ويتلقى الممارسون تهديدات قتل بالهاتف أو بشكل قلوب غزلان مذبوحة بالبريد العادي، على غرار التهديدات التي ترد إلى الأطباء الذين يمارسون الاجهاض.

ويقول مايكل جاي الذي ترسل شركته America Find في هيوستن مليوني رسالة يوميا لسلعة ثمنها 99 سنتا: «هذا ما يفترض ان تعلمه الإنترنت. هذا عمل حر في أبهى حالاته».

ألن رالسكي أحد أكثر ممارسي السبام مثابرة وغزارة في العالم يقول: «هذا أفضل عمل قمت به حتى الآن. انه يضعك في الحلبة مع شركة جنرال موتورز نفسها».

إن السبام عمل مشروع في معظم الأمكنة - طالما انه لا يحتوي على الزيف والغش، ويقول ممارسوه إن المجهولية والحجم والكلفة الضئيلة جدا تجعله محرزا جدا، وهو «وسيلة التسويق المستقبلية» بحسب كاولز الذي يتيح برنامجه الكمبيوتري (سوفتوير) Massive FX للبريد الالكتروني للزبون ارسال مليار رسالة في الشهر.

وتتراوح السلع التي تعرض عن طريق السبام بين بوالص التأمين إلى الشهادات العلمية المزورة وأشرطة الفيديو الخلاعية التي تباع بأساليب يخجل منها الرعاع. والأسلوب الذي يتبعه الممارسون يضمن وصول رسائلهم إلى صناديق البريد الالكتروني لتلامذة المدارس إلى جانب العدد الضئيل من الأفراد الذين قد يحتاجون إلى مثل تلك السلع.

ويشير تميوثي هيلي رئيس مركز الاف. بي. آي لتلقي شكاوى الغش بالانترنت انه «من الناحية القانونية قد يشكل ارسال مواد خلاعية لطفل في السابعة من عمره ازعاجا إلا انه ليس جناية، ولا يسعنا ان نفعل شيئا حياله».

بسب النجاح الذي حققه كاولز وجاي ورالسكي وواغونر أدرجت أسماؤهم في لائحة لأكثر من عشرة ممارسين على موقع Spamhaus، وهم المسئولون عن 90 في المئة من رسائل السبام في أميركا الشمالية بحسب ستيف لينفورد مدير Spamhaus Project في لندن، الذي يقول انهم يشكلون «عصابات سبام منظمة ينشطون منذ سنوات».

تحتاج مباشرة عمل من هذا النوع إلى عدد قليل من الأقراص المدمجة تحتوي على ملايين من عناوين البريد الالكتروني، وربما إلى لائحة من خدام (Server) الإنترنت الأجانب يمكن استعمالها لارسال رسائل وبرنامج ارسال «Spamware». وتتراوح أسعار مثل تلك البرامج بين ألفين وخمسة آلاف دولار وهي مجهزة بميزات اخفاء تمكن الاعلانات من تفادي فلترات الإعاقة والمنع.

وفور ان يبدأ ممارسو السبام عملهم يواجهون الغضب الذي يسببونه. والمنزعجون من إعلانات يرسلون شكاواهم إلى شركاتهم التي تزودهم بخدمات الإنترنت وشركات السبام التي بعثت إليهم بالرسائل.

ثم يثير ممارسو السبام غضب الشركات التي تزودهم بخدمات الإنترنت بتماديهم في استعمال الذبذبات العريضة واجتذابهم للشكاوى. كما انهم يثيرون غضب معارضي نشاطهم مثل Spamhaus الذين ينشطون على صعيد فضح الممارسين لعدم استطاعتهم عمل شيء بالنظر إلى عدم وجود قوانين تمنع السبام.

ويحرص ممارسو السبام على البقاء خطوة أمام المناهضين وفلترة البيانات عن طريق تطوير تدبيرات مضادة بصورة مستمرة. وأول خطوة يخطوها الممارسون هي إخفاء هوياتهم. ويقول كاولز: «يبقى موقعك عاملا مدة كافية لشن حملة إعلانية مربحة».

ويستخدم الممارسون عناوين ارسال زائفة ويحولون رسائلهم عبر خدام الرسائل المغفلة (مجهولة المصدر) عن طريق أماكن مثل الصين.

ويقول كاولز ان شركته تستأجر 96 حسابا مستقلا على الإنترنت وتقيم علاقات «متساهلة» مع شركات لخدمات الإنترنت بغية تأخير إغلاق مؤسساتهم.

ويقول دايف كودينغ رئيس Internet Direct وهي شركة لخدمات الإنترنت في أوهايو انه حاول وشركته طيلة سنة كاملة إخراج كاولز من شبكته. وقد فتح كاولز اسما مستعارا لفتح حساب وهدد بإقامة دعوى إذا قطع خطه.

ويقول كودينغ: «لقد أنفقنا مبالغ كبيرة على المحامين للخروج من المستنقع القانوني».

غير ان ممارسي السبام وأعداءهم يتفقون على نقطة واحدة، وهي ضرورة وضع قانون فيدرالي يتعلق بالسبام. ويقول بالان: «لنضع هيكلية عمل قابلة للتنفيذ. من دون وجود قانون بوسعي ان أعمل ما أشاء وبوسع شركات خدمات الكمبيوتر ومناهضي السبام ان يفعلوا ما يشاؤون.

ويعتقد ليندفورد ان قانونا كهذا سيحصر تلقي الرسائل بأولئك الذين يوافقون على تلقيها، «وسيحل 90 في المئة من المشكلة وستبقى هناك مجموعة ضئيلة نستطيع ان نتعامل معها».

ملوك السبام من جهتهم يبدون عدم الخوف. يقول جاي: «انها الحرب. دعهم يستمرون في هستيريتهم. بوسعي ان أتخذ احتياطي وأستمر في عملي».

خدمة (ا،ب

العدد 46 - الإثنين 21 أكتوبر 2002م الموافق 14 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً