العدد 56 - الخميس 31 أكتوبر 2002م الموافق 24 شعبان 1423هـ

النكد الزوجي وخطره على الأسرة

هل هي حقيقة ام محض خيال تلك الكلمة الرومانسية الجميلة القائلة «ان المرأة التي تهز المهد بيمينها تهز العالم بشمالها»؟... هي حقيقة ولكن لمن يبحث عن الحقيقة... وهي واقع لمن يجرد نفسه من غرور الرجولة في مزاياها السلبية. المرأة كيان كبير عندما نكبر ونعظّم حقوقه ونقترب من حقيقته.

وليس غريبا ان يعرف حقيقتها الساسة والقادة والمفكرون فها هو كونفوشيوس المصلح الصيني يقول فيها: «المرأة ابهج ما في الحياة» ويقول نابليون بونابرت: «اجمل نساء العالم هي المرأة التي احب». اما احمد امين المفكر المصري فكان يرى ان سعادة الرجل من سعادة المرأة فيقول: «وراء كل رجل سعيد امرأة لا تفارق الابتسامة شفتيها»... تلك كلمات ساسة ومفكرين ومصلحين وكلهم - على اختلاف مشاربهم - يتفقون على ان المرء كيان انساني جمالي يضفي - اذا ما احسن - روعة الجمال على هذه الدنيا وهو الذي يمنح الوجود مذاقا وعطرا... وحياة.

ولكن على رغم كل ذلك نجد ازواجا دخلوا قفص الحزن عندما تزوجوا ونساء انتقلن إلى عالم السعادة عندما تزوجن والعكس بالعكس...

فالزوجان النكديان او احدهما قد يحولان المنزل إلى جحيم، إلى زنزانة انفرادية للاسرة، تصبح موقعا غير آمن للاطفال وخصوصا اذا ما تحولت المرأة وسقطت في قبضة هذا المرض النفسي. وتكون الطامة الكبرى عندما يلتقي النكديان في بيت واحد.

يقول الامام زين العابدين «ع» ( اللهم اني اعوذ بك من زوجة تشيبني قبل المشيب) وهذه حقيقة اجتماعية... ان بعض النساء إما لجهل او لقصور تكون عاملا مساعدا في شقاء الاسرة. وكلامنا هنا عن (المرأة النكدية). فكم من شابٍ شابَ عمره وكانت وراء ذلك امرأة. فالمرأة المثالية هي التي تبحث دائما عن سعادة الاسرة، تسعى دائما إلى تبسيط القضايا الاسرية والعائلية في سبيل الوصول إلى حياة اكثر استقرارا. أما المرأة النكدية فهي جنية في الليل، وحش كاسر في النهار، وهي اقرب إلى مرض سيكولوجي يدعى بـ (السوكوباتية) وهو مرض خطير سنتعرض إليه لاحقا.

هذه المرأة النكدية ميزتها هي تحريك الاسرة على امواج من المشكلات مع الاسرة، مع الاولاد ومع الزوجة وعندما تنتهي معاركها وحربها مع الاسرة تبدأ بحرب معلنة على الجيران فإذا فقدت كل ذلك فإنك لا تعجب اذا ما ابتدأت بحرب مع نفسها.

وفي وصف ادبي جميل لأحد الادباء وهو في معرض وصفه للمرأة النكدية يقول: «وهذه الزوجة النكدية عندما تنام بجوار زوجها بالليل تشعر وكأنك تسلم نفسك للموت، وعندما تصبح صباحا فإن كل الهموم تقع عليك وتشعر وكأن جبلا ضخما قد جثم على صدرك، او كأن حيوانا مفترسا قد توغل بأنيابه ومخالبه في جسدك... انها تجعلك تندم لأنك صحوت من النوم، ولكن ما باليد حيلة، لابد ان تفعل هذا كل ليلة وكل صباح حتى يدركك الموت، وتقابل وجه رب كريم».

ذلك لا يعني ان المرأة النكدية خارجة عن دائرة العلاج ويستعصى علاجها، فمادام الانسان يمتلك الارادة والعزيمة نحو تصحيح الواقع بالطرق العلمية والمعرفية فبإمكانه ان يغير مجرى حياته نحو الافضل.

بالطبع المرأة النكدية او الزوج النكدي هما في كثير من الاحيان ضحايا اسر نكدية، وهذه حقيقة وصلت إليها الباحثة الاميركية «كارولين ريتشاردسون». فبعد ان قامت بدراسة على اكثر من 200 اسرة اكتشفت ان الاب والام يؤثران بصورة رهيبة على تشكيل الابناء لمواقفهم من الحياة، مثل:

1- التفاؤل والتشاؤم. فالزوجان بتشجيعهما الدائم للابناء يأخذان بيدهم نحو المستقبل الزاهر، بخلاف الآباء الذين دائما ما يعملون على تحطيم روحية اطفالهم سواء بالضرب او التقريع او الاهانة وخصوصا اذا ما مورس بطريقة دائمة. وتتضاعف السلبيات والآثار المترتبة على ذلك عند اهانتهم امام المجتمع. كل ذلك يؤدي الى قتل واغتيال الطفل معنويا ويكون عاملا اساسيا في فشل الطفل. فأكثر المؤثرات السلبية التي تظهر على سلوك الاطفال من عدم الثقة بالنفس او الشعور بالاحباط أو الخجل أو اليأس هي بسبب السلوك السلبي الذي يتخذه الآباء مع ابنائهم.

ومنها ايضا:

1- ضعف العاطفة بين الاب والام.

2- انعدام عنصر الترفيه والمرح في حياة الاسرة.

3- قهر الوالدين وقسوتهما. وعودا إلى بحث كارولين فقد توصلت إلى ان اكثر من 95 في المئة من النكديين والنكديات ينتمون إلى آباء وامهات نكديين او نكديات.

وهذه حقيقة. فالاطفال هم صنيعة امهاتهم لذلك المثل يقول: «رب ابنك قبل ولادته بعشرين عاما وذلك بتربية امه».

وعلماء النفس يؤكدون ان هناك ثلاثة عوامل اساسية تؤثر في سلوك الطفل:

1- حظن الام.

2- المدرسة.

3- المجتمع.

واشدها تأثيرا هو حظن الام. لهذا رسول الله (ص) يقول: «الطفل يولد على الفطرة لولا والداه يهودانه او ينصرانه».

اذن البيئة لها تأثير كبير، فإذا تحول الآباء إلى نكديين تحول الابناء إلى ذلك. لهذا ينبغي للزوجة النكدية او الزوج مراجعة سلوكهما وتصحيح جميع الاخطاء. وهنا يقع على الزوج ان يعرض على نفسه عدة اسئلة سيكولوجية ومن خلال الاجابة عنها بنعم او لا يستطيع ان يقترب من معرفة طبيعة الحياة الاسرية التي يعيشها هل هي السعادة ام الشقاء... اسئلة تحتاج إلى مرشد يرفدها بالتفسير العلمي، ولكن ذلك لا يعني ألا نطرحها لعلها تفتح آفاقنا نحو مزيد من معرفة الاخطاء والايجابيات لاكمال مسيرتنا الاسرية نحو الافضل.

الاسئلة:

1- هل تسمح لك زوجتك بإبداء رأيك في اية مسألة؟

2- هل تهتم بك؟ هل تستمع إليك؟ هل تحاول ان تعرف شيئا عن مشكلاتك؟

3- هل ترفض لك طلبا ولو كان مستحيلا؟ هل تحترم مشاعرك وتقدسها؟

4- هل ترغمك على الاذعان لرأيها مهما كان؟ هل تعاملك كخادم لها ام مرب لاولادها؟

5- هل تتركك تفعل ما يحلو لك بحرية تامة؟ هل تعترف باستقلالك وتؤكده؟

6- هل تحاسبك حسابا عسيرا على اتفه الاشياء؟ هل تحجب اخبارها وتكتم اسرارها عنك؟ هل تتجاوز عن هفواتك واخطائك؟

7- هل تعتبرك شريكا لها وان الحياة قسمة بينكما؟

8- هل تتدخل بشكل سافر في ادق خصوصياتك؟

9- هل تتصرف في امورك وكأنك غير موجود؟ هل ترفض مساعدتك في الاعمال المنزلية؟ هل تخالف رأيك ام تحاول ارضاءك بأية وسيلة؟

10- هل تعاملك كغريب عنها وليس كشريك حياة؟ هل تمنّ عليك اذا اعطتك من مالها؟

11- هل تلتزمان بحدود العقل والادب عند اختلافكما؟

12- هل تشعر بالتوجس عندما تتأخر خارج المنزل؟ هل تهتم بمرضك؟

13- هل تكتم مشاكلها عنك خوفا من ازعاجك؟ هل تسمح لأهلها بالتدخل السافر في حياتكما الزوجية؟ هل تصفح عن هفواتك وتعاتبك برفق على اخطائك؟ هل يرتفع صوتها عليك؟

14- هل تفرح لنجاحك وتفخر بانجازاتك؟ هل تتأثر لغيابك؟

15- هل تحزن لغضبك منها؟ هل تعتبرك كفوءا لها مهما علا مركزها وارتفعت مكانتها؟

هذه جزء من الاسئلة التي تطرح على الزوج او الزوجة في الدراسات السيكولوجية للعلاقات الزوجية، نطرحها الآن على ان نقوم بإكمالها لاحقا مع اكمال هذه الحلقات الاسرية.

ختاما نقول: لا يوجد اسرة بلا اخطاء ولكن الاعتراف بالخطأ هو نصف الطريق إلى الحل

العدد 56 - الخميس 31 أكتوبر 2002م الموافق 24 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً