العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ

الوجه الآخر للثورة في إيران

تلد ايران الثورة بعد الثورة، فماذا جرى لها ،عليها من أحوال وما مر عليها من تحولات؟

مسامح ابتكار كانت من ابناء تلك الثورة، وهي الآن نائبة الرئيس ووزيرة الدولة، وفي الثامنة والثلاثين من عمرها وتحتل منصبا رفيعا في الدولة. وبجانب تسييرها للسياسة البيئية الجديدة للدولة، تحتاج ابتكار - المرأة ذات التاريخ الراديكالي - حماية ظهرها والرئيس من سطوة الطرف الحاكم.

تقول ابتكار مصرحة لـ «الاندبندنت»: «في ايران شكل غير مألوف من الديمقراطية. انها الديمقراطية الدينية ذات الخطوط الحمراء الخاصة بها، والتي لا تعني انها لا تحل المشكلات» وتحدثت اثناء مكاشفة بين انصار خاتمي في البرلمان وعلماء الدين الذين عرقلوا جهوده في إيجاد مجتمع اكثر انفتاحا. ويناقش البرلمان مشروع قانون مثير للجدل يهدف إلى تجريد المتشددين من المحافظين من بعض السلطات.

تقول ابتكار: «الرئيس مخلص ومنفتح وهناك الكثير من التجاوب الإيجابي من علماء محافظين تجاه مسودتي قانونين اقترحهما».

ويرغب خاتمي في ان تعتبر سلطة اعلان الاحكام من جانب مجلس الوصاية من العلماء غير دستورية، إلى جانب نزع حق النقض عن علماء الدين المستخدم ضد المرشحين الاصلاحيين.

وعلى رغم الكلمات المعسولة عن علماء الدين، جاءت استجابتهم لاصلاحات خاتمي طعما للثورة، إذ تمت محاكمة الصحافي الليبرالي والاكاديمي هاشم اغاجاري بالاعدام حديثا بينما زج بآخر في السجن لمجرد اجراء استفتاء في وجهات النظر، وحكم عليه بـ 74 جلدة وثمانية اعوام من السجن، ويعتبر الاثنان من المناصرين المقربين للرئيس خاتمي.

ثم انقلب المحافظون ضد اصلاحي قيادي آخر هو عباس عبدي، الذي لعب دورا في اقتحام السفارة الاميركية في طهران ضمن الطلبة المسلمين قبل 23 عاما. وكان عمر ابتكار آنذاك 18 عاما وتعرف باسمها المستعار فقط «ماري»، وكانت المترجمة والمتحدثة باسم الطلاب.

وخلال مدة 444 يوما من احتلال السفارة الاميركية، كانت ماري هي التي تظهر امام وسائل الاعلام العالمية لتخاطب الولايات المتحدة الشريرة. قد وتم الافراج عن نحو 52 رهينة من دون اذى، ولكن ازمة السفارة سممت - وما تزال - العلاقات مع الولايات المتحدة حتى الآن.

وتم لصق آلاف القصاصات من الوثائق السرية الممزقة التي اكتشفت داخل السفارة - إذ نشرت اخيرا في 85 مجلدا - ووجد الطلاب ما كانت تقوم به الاستخبارات المركزية الاميركية من خدع واحاييل، من ضمنها مؤامرة انقلاب ضد الحكومة، وتفاصيل عن اتصالات سرية على مستوى عال لناشئ يدعم حكومة الشاه.

ووجدوا ايضا خزانات مليئة بآلاف الجوازات المزورة وبطاقات الهوية واوراقا سرية، وادوات تجسس اخرى. واعتبر الطلاب السفارة «وكرا للتجسس» كما أصبحت تعرف بذلك. ابطال في ايران تم تقليدهم مناصب مؤثرة في النظام. بينما ذهب آخرون ليكونوا ابطالا في الحرب مع العراق، وعين البعض الاخر في حقائب دبلوماسية ومناصب حكومية عالية. وكانت «ماري» تظهر على شاشات التلفزة الاميركية في كل ليلة تقريبا اثناء احتلال السفارة، وتتحدث بلغة انجليزية اميركية جيدة تعلمتها عندما كانت طفلة في فيلادلفيا. وقد اخبرت الـ «آيه بي سي» انه في حال اثارتها فسترغب في قتل الرهائن المحتجزين في السفارة: «نعم، عندما ارى سلاحا اميركيا موجها لقتل اخواني واخواتي في الشارع بالطبع سأفعل ذلك».

أصبحت ابتكار الآن، بوصفها نائبة للرئيس، الوجه المقبول لايران الديمقراطية. وتعتبر المشكلة هي ان الحكومة وحلفاءها لا يمتلكان سلطة في مواجهة الخط المتشدد للمحافظين.

وكما هو متوقع، اذا رفضت المحاولات لدفع قانون جديد يحد من قوة المحافظين ربما تختار الحكومة اجراء استفتاء. ولكن ربما يعيق ذلك ايضا مجلس «الوصاية» المهيمن، أو توأمه «مجلس المواءمة».

يقول غلام حسين الهام، من مركز ابحاث مجلس الوصاية: «هذا المشروع تدعمه عناصر معادية للثورة، واذا تمت اجازته، يمكن ان يدخل البرلمان جميع الملحدين والماركسيين السابقين وغير الايرانيين». وعكست ابتكار، التي لم تبد تأسفها على ايام احتجاز الرهائن، وجها مثاليا لفترة الاضرابات تلك قائلة: «نحن مجموعة من الطلاب وشيء طبيعي ان نكون في خطر، ففي مواجهة المؤامرات التي تحيكها الولايات المتحدة ضد الثورة فإن الشعب الايراني لا يكترث للمخاطر. انه ليس عملا انتقاميا ولكنه عمل دفاعي». ولكن لم يعد الاخلاص للثورة الايرانية دافعا بالنسبة إلى الاصلاحيين. فقد اوقفت اكثر من 18 صحيفة تؤيد الاصلاح في الشهور الماضية، بينما اودع الصحافيون بانتظام في السجون من دون توجيه تهمة. وعلى رغم ذلك تقول ابتكار«لا شيء يخفى في ايران». وعندما سئلت لماذا سجن شخص قام باستطلاع للرأي جاء فيه ان 74 في المئة من الايرانيين يرغبون في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، اجابت ابتكار «هذه هي الطريقة التي تسير بها الامور في ايران».

الإندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 72 - السبت 16 نوفمبر 2002م الموافق 11 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً