إليكم النشرة الجوية لبضع مئات من السنين المقبلة: يتوقع هطول أمطار شديدة لفترة طويلة ثم يصبح الجو جافا لمدة ثلاثة آلاف سنة.
تم عمل هذه النشرة الجوية المستقبلية من قبل علماء درسوا فترات عاصفة في منطقة شمال الأطلنطي وذلك في فترة ما قبل 14000 سنة.
وقام علماء الجيولوجيا بتحليل الترسبات الموجودة في قاع إحدى وعشرين بحيرة في الشرق الشمالي الأميركي وقارنوها بالعينات الثلجية المأخوذة من جرينلاند فاستنتجوا بأن طقسا عاصفا يتجه ناحيتنا.
ووجد انديرز نورين وزملاؤه في جامعة فيرمونت في بيرلينغتون أن فترات من الأمطار القوية تبعت دورة عواصف استمرت ثلاث آلاف سنة كما وجدوا أننا على وشك الدخول في الفترة العاصفة الخامسة في الألفية الرابعة عشرة.
ويقول الدكتور نورين: «اذا استمرت هذه الدورة فإن معدل العواصف المطرية القوية وشدتها التي يمكن أن تسبب فيضانات ضخمة يمكن أن تستمر في الزيادة في بضع مئات من السنين المقبلة»، وحلل علماء الجيولوجيا ترسبات البحيرات لأنهم أرادوا أن يحددوا التنوع الطبيعي في المناخ في الفترة السابقة لحدوث أي نشاط انساني - الملاحظ احتراق الوقود الاحفوري - الذي يمكن أن يكون قد أثر على الارتفاع التدريجي لحرارة الأرض.
ويقول نورين «بحثنا في كل كتلة جليدية من هذه الكتل عن الترسبات الرملية التي يمكن أن تكون قد تحللت في البحيرات خلال الفيضانات التي نتجت عن العواصف المطرية. بالحصول على بعض التواريخ عن طريق الكربون الاشعاعي للمواد العضوية الموجودة في هذه الطبقات وحولها، استطعنا تحديد الفترة الزمنية التي حدثت فيها هذه الفيضانات. استنتاجاتنا الأساسية اشتقت من تحليل لكل هذه التسلسلات الزمنية من فيضان البحيرات».
ويوضح البحث الذي طبع في صحيفة تَُِّْفٌ خفُِّّْم أن الترسبات الناتجة عن الفيضانات المفاجئة تبلغ ذروتها بشكل منتظم مرة كل ثلاثة آلاف عام أو ما يقرب من ذلك. ويقول العلماء «توضح البيانات المتوافرة لدينا أربع ذروات للعواصف خلال الأربعة عشر ألف عام الماضية تحديدا منذ 2,6، 5,8، 9,1، 11,9 ألف سنة مضت».
ويشير جون بيرمان وهو عضو آخر في فريق البحث، إلى أن اكتشاف دورة العواصف جاء في الوقت المناسب. ويقول: «نخمن أن مجموعة العواصف الاخيرة حدثت منذ ثلاثة آلاف عام مضت».
ويقول الدكتور نورين إنه على رغم أن ترسبات البحيرة تعكس المناخ الذي كان سائدا في الماضي في منطقة نيو انجلند في الولايات المتحدة، فإنها يمكن أن تخبرنا شيئا أيضا عن أجزاء أخرى من منطقة شمال الأطلنطي بما في ذلك بريطانيا.
ويمكن أن تقيس الكتل الثلجية المأخوذة من منطقة جرين لاند مقدار رذاذ البحر في الغلاف الجوي حول الكثير من الدول التي ترتبط مباشرة بهبوب العواصف في منطقة شمال الاطلنطي. يقول نورين «إن سجلات العواصف من المملكة المتحدة وأجزاء أخرى من شرق أوروبا توضح مرور هذه المنطقة بفترات شديدة من هبوب العواصف التي تزامنت مع وجود بعض الذروات في منطقة نيو انجلند. وهكذا ربما يكون تمطيطا أن نفترض أن التغيرات في هبوب العواصف تحدث بطريقة متشابهة عبر منطقة شمال الاطلنطي بأكملها، ولكن يمكن أن تكون هناك تشابهات كبيرة بين منطقة نيو انجلند والمملكة المتحدة. حتى لو تنوع هبوب العواصف بشكل مختلف في منطقة نيو انجلند وفي أوروبا، فإن نتائجنا تفيد بأن أوروبا قد تمر بتأثيرات مناخية أخرى مشابهة لتنوع العواصف الذي حدث في منطقة نيو انجلند».
كما أن ارتفاع حرارة الكون يمكن أن يزيد من خطر هبوب عواصف شديدة على منطقة شمال الأطلنطي وهذا يمكن أن يفاقم الدورة الطبيعية لهبوب العواصف التي لاحظها فريق نورين.
يقول نورين «اذا كانت الدورة التي وثقناها مستمرة حتى اليوم فإننا ندخل مرحلة يتوقع أن تكون شديدة العواصف حتى من دون تأثير ارتفاع حرارة الكون»
العدد 75 - الثلثاء 19 نوفمبر 2002م الموافق 14 رمضان 1423هـ