العدد 77 - الخميس 21 نوفمبر 2002م الموافق 16 رمضان 1423هـ

إعادة نضارة برج إيفل

برج إيفل، رمز باريس الأسطوري الذي يلقي بظلاله على حدائق «شان دو مارس»، يجدد شبابه. فقد بدأت حملة الصباغة الـ 18 في ديسمبر/ كانون الاول 2001 لتنتهي العام 2003، لهذه التحفة المعدنية التي شيدت بمناسبة المعرض الدولي العام 1889. إنه مشروع ضخم.

يقوم حاليا 25 صباغا من «البهلوانيين»، مرتبطين بحبل في الخاصرة، بينما تمسك يد بجسر حديدي في البرج واخرى بالفرشاة، بعمل مدهش يهدف إلى اعطاء هيئة جميلة لبرج إيفل. يرتفعون عن الارض عدة عشرات من الامتار وينساب امامهم نهر السين كما شوارع العاصمة الفرنسية. وتمتد تحت انظارهم مبانيها وحدائقها ومعالمها الاثرية. يعيش في الواقع هذا «السيد الكبير» منذ بنائه العام 1889، وفي الوقت الحالي، حملة صباغة الـ 18. لكنه في فبراير/شباط 2003 يكون قد ارتدى حلته الجديدة بعد 15 شهرا من العمل ومن دون إقفال امام الزوار.

تود الحلة إعادة النضارة «للدانتيل الغوطي الحديدي» حسب تعبير الرسام الفرنسي بول غوغان، والمحافظة على التحفة من شوائب الزمن. تبلغ كلفتها 3 ملايين يورو. واشار مصممه المهندس غوستاف ايفل إلى ضرورة هذا العمل في نص تحت عنوان «برج الـ 300م» العام 1900 بقوله: « يظل الصباغ العنصر الاساسي للحفاظ على عمل معدني، تكمن ضمانة استمراره في العناية التي نقدمها له». في الواقع يعتبر الصدأ والتلوث المديني وبراز الطيور من العوامل التي يتلقاها يوميا وتتطلب تنظيفا وعناية خاصة.

منذ بنائه، تم الحرص على إمكان بلوغ مختلف زواياه ومن دون تعثر، يؤكد مصممه في هذا الصدد: «سهولة بلوغ مختلف نقاطه تهدف للتمكن في اي وقت من الوصول إلى مكان الصدأ وعلاجه». ولهذا يلزم عدم الخوف من الدوار! طبعا هذه حال العمال الذين اختيروا لوضع 60 طنا من الصباغ تغطي مساحة تبلغ 200 ألف مربع.

ولتأمين الحماية لهؤلاء العمال المختصين بالصباغة على مبان معدنية، اعدت شباك يبلغ طولها حوالي 50 كلم وضعها مرشدون يعملون في الجبال العالية تتيح للعمال التنقل مع الاحتفاظ دوما بنقطة يتمسكون بها.

بعد إزالة المساحات المتآكلة والتي تمثل حوالي 5 في المئة من المساحة الاجمالية بدأ عمال شركة SPR بوضع طبقتين من الصباغة المضاد للصدأ. كما ينظفون تحت ضغط البخار المساحات التي لم يبلغها الصدأ قبل وضع طبقة صباغة نهائية. تستعمل في هذا العمل الطرق نفسها من عصر غوستان إيفل، أي العمل اليدوي، فلا تنظيف عن بعد ولا صباغة بالآلة. فقد علق العمال في احزمتهم مختلف الادوات الضرورية بما فيها إناء الصباغة.

اختارت الشركة الجديدة لاستثمار برج إيفل الذي تملكه مدينة باريس، لحملتها الـ 18 صباغا من دون رصاص، هذه المادة التي استبدلت بفوسفات الزنك الفعال ضد التآكل وقليل الضرر بالبيئة. كما اضيف على صباغ الطبقة النهائية مادة قطران مقاومة للتلوث الجوي. وهذه التغييرات تمت بعد اختبارات كثيرة. فقد صرح احد المسئولين في الشركة قائلا: « قبل البدء بحملة العام 2002 اجريت تجارب عدة منذ سنوات على قطارة وعلى البرج نفسه ووضعت القطارة تحت عوامل في اعلى البرج وفي اسفله. واجريت ايضا تجارب في المختبر، وهكذا تمت دارسة مختلف اشكال تعتق الصباغة».

تقع المساحة المعرضة بشكل اساسي للتلوث الجوي، بين الطابق الاول وقمة البرج ولهذا اختارت الشركة معالجتها كل خمس سنوات، في حين تعالج قاعدة البرج كل 10 سنوات. سابقا كان يتم صبغ البرج مرة كل سبع سنوات، أما اللون فلا تغيير فيه، ويستعمل تدرج الرمادي من الغامق وحتى الفاتح في الاعلى وهذا منذ العام 1968، بعد أن استعمل لون احمر البندقية ثم البني الغامق ومن ثم الاصفر الصلصالي واخيرا الاصفر المتدرج.

مازالت قامة هذا البرج تستجذب حوالي 6 ملايين زائر في العام، وسبق ان غناه الشعراء في الماضي وكتب عنه الرواة، مثل جان كوكتو الذي قال: «غزال جميل من الدانتيل، ملتقى الحمام الزاجل المجهول...» وشارل تريني الذي غنى: «عم الفرح، وانطلق برج إيفل في نزهة...»

العدد 77 - الخميس 21 نوفمبر 2002م الموافق 16 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً