اذا سلمنا بقول أحدهم: ان «جمعية الوفاق» هي الخاسر لمقاطعتها الانتخابات البرلمانية، لأنها لو شاركت ستفوز بنصيب الأسد، فإننا نسلم أيضا أنها الرابح الأكبر... وتقول كيف؟ أقول لك: لا تقاس الارباح والخسائر بالأمور المادية فالمركز والمال والجاه... ليست كل شيء، بل هي أهون الأشياء... حيث يمكنك أن تكسبها في جولة وتخسرها في أخرى، وعليه فالذي ربحته «الوفاق» أهم وأعظم مما خسرته بكثير، خصوصا في المدى البعيد، فهي ربحت بكل جدارة واستحقاق احترام الآخرين على اختلاف توجهاتهم، لا سيما المنصفين... ذلك لأن «الوفاق» ثبتت على مبدئها الذي قامت من أجله، واحترمت آراء اعضائها، ومشاعر قاعدتها العريضة، وفوق ذلك التزمت بخلق الاختلاف وقواعد الحوار... وصدقت في القول والفعل مع الجميع وذلك من خلال تعاطيها مع الحوادث والتطورات المختلفة. وهذا كله جلي وواضح لكل ذي بصيرة منصف. ثم ان اصرار «الوفاق» على المحافظة على ما تحقق من المكتسبات وحماسها القوي لمسيرة الاصلاح التي يقودها الملك المفدى لم يمنعها أبدا من وضع اصبعها على الجروح، لا بقصد إدمائها بل لعلاجها، وبهذا تسير على النهج السليم... الصدق والأمانة... فصديقك من صَدَقَك لا من صدّقك، وكان بإمكان «الوفاق» أن تراوغ وأن تلعب بالأوراق... وتقول شيئا وتفعل غيره، وأن تخرج من الباب لتدخل من الشباك كما يفعل البعض... لكنها وبحكم المبدأ الذي اختطته آثرت الصدق... لأنه في النهاية نجاة ومنجاة... مهما طال الزمن، يقول أمير المؤمنين علي (ع) وهو يعاتب اصحابه «أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور؟» ويقول لأصحابه «والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر...». اذن مصداقية كل انسان أو جماعة أو أي جهة مهما علت هو مدى الالتزام بقواعد الأخلاق والاسلام في التعاطي مع كل الأمور السياسية وغير السياسية وليس الالتزام بقواعد اللعبة... التي على رأسها النفاق والمجاملة والكذب، وعليه فأنا أرى أن مردود الالتزام بصدق العمل لجمعية «الوفاق» هو الأجدى حاضرا ومستقبلا لأنه يؤسس لثقة القيادة والمجتمع، وفوق ذلك رضا الله تعالى وليس هناك مكسب أكبر من ذلك، وأما التوفيق فمن عند الله.

سعيد حبيب محمد