العدد 84 - الخميس 28 نوفمبر 2002م الموافق 23 رمضان 1423هـ

فن المايجي في اليابان

ثلاثة عفاريت برونزية بأسنان مدببة حادة وشعر أشعث وعيون واسعة تكشّر مهددة تحت بوتقة هائلة مزينة بغيوم وأشرطة جميلة.

ونسر برونزي يربض على تمثال بحجم طبيعي فيما تجهد العفاريت، مثل «أطلس» لإبقاء البوتقة في مكانها العالي بقوة العضلات المفتولة.

محرقة البخور الجبارة هذه هي واحدة من مئات البوتقات والمنحوتات والمنسوجات المعروضة في(Japan Splendors of Imperial) «روائع اليابان الإمبراطورية» المعرض المقام في متحف بورتلاند للفنون، والذي سيبقى مفتوحا أمام الزوار حتى 22 سبتمبر/ أيلول المقبل.

ويلقي المعرض نظرة على الاعمال الفنية التي انتجت في «مرحلة مايجي»، وهي حقبة قصيرة وحافلة بالنشاط تسد الثغرة بين 250 سنة من الانعزال عن العالم الخارجي وبين الدور الذي لعبته اليابان كدولة كبرى عالمية.

ويضم المعرض 350 قطعة يملكها ناصر الخليلي المقيم في لندن، وهو - أي المعرض - مكرس للازدهار الفني الانفجاري الذي حدث في أواخر القرن التاسع عشر عندما خرجت اليابان من عزلة فرضتها على نفسها على مدى قرون.

بين العامين 1868 و1912 (44 سنة فقط) انكب فنانون يابانيون مكرسين أنفسهم لعلمهم فابتكروا التقنيات والمواد اللازمة لإنتاج ما يعتبره العديد من الخبراء أرقى أنواع الفنون العائدة لتلك الحقبة.

وقد كان قرار التركيز على الأعمال الفنية قرارا عمليا أيضا. فالحرفيون الذين كان عملهم الوحيد تزيين السيوف وصنع «بوكلات» أحزمة عاجية وجدوا أنفسهم فجأة بلا زبائن.

وفي غضون سنوات قليلة كان أفضل فناني اليابان ينتجون روائع فنية من العاج واللاكير والمينا والبرونز والبورسلين. وكانت أوروبا وأميركا تقدران جدا هذه القطع الفنية لمظهرها الغريب وحرفيتها الممتازة.

ورغبة في إغراء الغرب ركز فنانو حقبة «المايجي» على موضوعات شبه فيكتورية من أجل اجتذاب الشراة الأجانب. كما ركزت الأعمال الفنية على التقاليد والمواقع اليابانية المعروفة في الغرب، بما فيها المعالم الاثرية الشهيرة والمنحوتات واللوحات التي تمثل أوجه الحياة اليومية.

وقطع المايجي المبتكرة في المجموعة تشكل تحسينا للأعمال المزينة جدا التي كانت مفضلة في الغرب، وتظهر قطع مسروقة في الزينة والمزهريات المذهبة من صنع المعلم يابو مايزان (من ثمانينات القرن التاسع عشر) مشاهد حقول وحدائق طبيعية مزينة بما لا يحصى من الزهور الحمراء والبيضاء والبرتقالية اللون.

وتحمل قطع أخرى مثل المنسوجات المطرزة صور كلاب صيد إنجليزية تمسك بطيور ميتة وأحصنة في اسطبلاتها وأسود رابضة على جرف صخري يطل على سهل.

إلا أن التهافت على الغرب لم يستمر طويلا فمع انتهاء القرن حدث ارتداد عن القطع غريبة المظهر. وعاد الفنانون إلى صنع تصاميم أقل تعقيدا وتقليدا للموضوعات التقليدية.

فمع حلول العام 1910- على سبيل المثال - كان فنان البورسلين يابو مايزان نفسه يصنع مزهريات رفيعة شبه بيضاء مزينة بشلال من عناقيد العنب أرجوانية اللون تحميها أوراق كرمة عليها بقع برتقالية. وهناك حشرة «فرس النبي» خضراء مختبئة بين أوراق العريش.

وتتسم التصاميم الكواسونية العائدة لسبعينات القرن التاسع عشر ذات صيغة نمطية جدا بأشكال هندسية على مزهريات دائرية مربوعة تكشف عن الإطار السلكي، ولكن مع حلول العام 1905 كانت الورشة نفسها تصنع مزهريات طويلة ورفيعة ذات نوعية وبساطة مدهشة

العدد 84 - الخميس 28 نوفمبر 2002م الموافق 23 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً