العدد 84 - الخميس 28 نوفمبر 2002م الموافق 23 رمضان 1423هـ

حوار الثقافات في معهد العالم العربي في باريس

قررت فرنسا وتسعة عشر بلدا عربيا في العام 1974، الانطلاق في مشروع لا سابق له تمثل في بناء مركز مخصص للثقافة العربية في باريس تموله وتديره بشكل مشترك الدول المؤسسة له. وولد المعهد بعد ست سنوات بمشاركة 23 بلدا، وفي العام 1980 وقعت على عقد التأسيس الحكومة الفرنسية و22 بلدا عربيا من المغرب والمشرق. وحددت مهمة العالم العربي آنذاك برعاية وتشجيع التعرف على العالم العربي وتبيان ثقافته داخل المجتمع الفرنسي، وتطوير البحث العلمي في اللغة العربية وفي القيم الثقافية في والروحية، وتشجيع التعاون بين فرنسا والعالم العربي. برزت الثقافة في قلب هذا المشروع وافتراض أن تكون في خدمة الحوار لتؤدي دورها كمصدر للمعرفة والفهم والاحترام المتبادل، وبرز بين السطور مطلب سياسي هو إقامة وسيط ثقافي بين فرنسا والعالم العربي كرمز للشراكة بين الطرفين. وبرز المشروع كمفهوم أكثر مما هو تحدٍّ. العام 1987 ارتفع مبنى المعهد، وهو منذ ذلك الوقت يستقبل أكثر من مليون زائر في العام.

ويعد معهد العالم العربي حيزا ثقافيا وفنيا يقدم للجمهور تشكيلة من النشاطات الثقافية بشكل دائم، المستمرة منها والاستثنائية. المستمرة هي (المتحف، وحيز الصوت والصورة وبينال السينما العربية في باريس، والمعرض الأوروبي العربي للكتاب، والحفلات والمؤتمرات والمعارض)، كما هو أيضا حيز للعمل وللتفكير فهناك (المكتبة، والملتقى ومركز اللغة العربية ومنشورات المعهد الخاصة). وهو أيضا مؤسسة في حركة دائمة يحلو فيها التأمل والتعلم والاستماع واللقاء والتبادل. يتلاقى في هذا الحيز يوميا زائرون من فرنسا ومن خارجها بدافع الفضول، كما هناك الكثير من الاطفال (حوالي 50,000 كل عام) برفقة أهاليهم أو مدرسيهم، وطلاب وباحثون في قاعة المطالعة وفي المكتبة أو في برج المكتبة اللولبي. ولهؤلاء هناك أكثر من 65,000 منشور من كتاب ومؤلف نادر وبطاقات وأقراص مدمجة وحوالي 1500 دورية. ومهما كان الدافع للذهاب إلى معهد العالم العربي، فالكل يتأمل معمارية هذا المبنى الخاصة. ففضلا عن دوره كمركز ثقافي، هو مبنى وتوليفة معمارية مدهشة.

ومبنى المعهد هو آخر المشروعات المعمارية الكبيرة في الثمانينات، ويبدو البناء على تناسق تام مع أهداف المعهد. ويقع على ضفة السين في وسط باريس حيث وجد مكانه بين مباني العاصمة الأثرية في حين مثل تكريما للثقافة العربية. كما نجح في ضم المفهوم الغربي المعاصر في البناء (زجاج وألمنيوم) إلى مركبات من التراث الشرقي. يتضمن المبنى برجا لولبيا يرتفع كزقورة بابلية. مع فناء داخلي يذكر بالدار في البيوت الاسلامية أو المتوسطية، وفسيفساء معدني من 240 مشربية تفتح وتغلق حسب آلية دقيقة مقدمة أضواء رائعة.

جعلت منه فرادته من الناحية المعمارية، وطريقة عمله الداخلية وحجم التبادل الذي تفرزه نشاطاته جزءا من المنظر الثقافي الفرنسي كحيز لابد من زيارته

العدد 84 - الخميس 28 نوفمبر 2002م الموافق 23 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً